الأحد أبريل 13, 2025

باب بُعُوثِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم

  • عن عُروةَ بنِ الزُّبَير قال: بعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عبدُ اللهِ بنَ جَحْشٍ إلى بَطنِ نَخْلةَ([1]) ولَـم يَأمُرْه بقِتالٍ، وكتَبَ له([2]) كِتابًا قَبلَ أنْ يعْلِمَهُ أنْ يَسِيرَ فقال: «اخْرُجْ أَنْتَ وَأَصحابُكَ حَتَّى إِذا سِرْتَ يَوْمَينِ فافَتْحِ الكِتابَ، وَانْظُرْ ما فِيهِ، فَما أَمَرْتُكَ بِهِ فَامْضِ لَهُ وَلا تَسْتَكرِهَنَّ أَحَدًا مِن أَصْحابِكُم»، فلَمّا سارَ يَومَينِ فَتَحَ الكِتابَ فإذَا فيه: «امْضِ أَنْتَ وَأَصْحابُكَ حتَّى تَنْزِلَ بَطْنَ نَخْلَةَ وَتَأْتِيَنا مِن أَخْبارِ قُرَيشٍ» فذَكَر الحدِيثَ بقِصّتِه.

هذا حدِيثٌ مُرسَلٌ أخرجَه ابنُ إسحاقَ هكذَا، وإسنادُه قوِيٌّ وله شاهِدٌ مَوصولٌ بإسنادٍ حسَنٌ.

  • عن مُعتَمِرِ بنِ سُليمانَ عن أَبِيه عن الحَضْرَمِيِّ عن أَبِي السَّوَّارِ عن جُندُبِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنه قال: بَعَثَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا([3]) فبَعَثَ عبدَ الله بنَ جَحشٍ مَكانَه، فذَكَرَ الحدِيثَ نحوَه وفيه: فلَما قَرأَ الكِتابَ استَرْجَعَ([4]) وقال: سَمْعٌ وطاعةٌ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وخَبَّر أصحابَه فرَجَعَ مِنهُم رَجُلانِ ومَضَى الباقُون فلَقُوا ابنَ الحَضْرَمِيّ([5]) فقَتَلُوه([6])، الحدِيثَ.

هذا حدِيثٌ حسَن رجالُه رِجالُ الصّحِيحِ إلّا الحَضْرَمِيَّ([7]) وهو اسمٌ بِلَفظِ النّسبِ ذكَرَه ابنُ حِبّانَ في «الثِّقات».

  • عن ابنِ شِهابٍ عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُتْبةَ بنِ مَسعُودٍ عنِ ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهُما قال: بَعَثَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بكِتابِه رَجُلًا([8]) – يَعنِي: إلى كِسَرى([9]) – وأمَرَه بدَفعِه إلى عَظيم البَحرَينِ([10]) فدفَعَه عَظِيمُ البَحرَين إلى كِسَى فلمّا قرَأه مَزّقَه، قال([11]): فحَسِبتُ أنّ ابنَ الـمُسيَّب قال: «فدَعا علَيهِم رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ([12])». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ عن موسَى بنِ داود.
  • عن أنسٍ رضي الله عنه «أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كتَبَ إلى كِسرَى وإلى قَيْصَرَ([13]) وإلى النّجاشيّ([14]) وإلى كُلِ جَبّارٍ عَنيدٍ يَدعُوهُم إلى اللهِ عزّ وجلّ ولَيسَ بالنَّجاشيِّ الّذِي صَلى علَيه رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ([15])». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلِمٌ والترمذيُّ والنَّسائيّ.
  • عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: «لَـمّا أرادَ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَكتُبَ إلى الـمُلوكِ قال له ناسٌ مِن العَجمِ عِندَه: يا رسولَ الله، إنّهُم لا يَقبَلُونَ كِتابًا إلّا بخاتَمٍ([16])، فاتّخَذَ خاتَمًا مِن فِضّةٍ كأنِّي أنظُرْ إلى بَصِيصِه([17]) في كَفِّهِ ونُقِشَ فيه: محمّدٌ رَسولُ اللهِ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أبو عَوانَة في «صحيحِه» وأصلُه في «الصّحِيحَين».

[1])) قال البَدر العَينيّ في العُمدة (6/37): «وبَطنُ نَخْلةَ مَوضِعٌ بَين مَكّةَ والطّائِف. وقال البَكرِيُّ: نَخْلةُ علَى لَفظِ الواحِدةِ مِن النَّخلِ، موضِعٌ علَى لَيلةٍ مِن مكّةَ، وهي الّتِي نُسِبَ إلَيها بَطنُ نَخْلةَ، وهي الّتِي وَرَدَ الحدِيثُ فيها لَيلةَ الجِنّ، وهو غَيرُ مُنصَرِفٍ للعلَمِيّةِ والتّأنيث».

[2])) أي: أَمرَ بَعضَ الصّحابةِ أنْ يَكْتُبوا.

[3])) قال ابن الأثير في النّهاية (2/283): «الرَّهْطُ مِن الرِّجال ما دُونَ العشَرة. وقيلَ: إلى الأَربعِينَ ولا تَكُونُ فِيهِم امرأَةٌ، ولا واحِدَ له مِن لَفْظِه، ويُجمَعُ علَى أَرهُطٍ وأَرْهاطٍ وأَراهِطَ جَمْعَ الجَمع».

[4])) أي قال: «إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجِعُونَ».

[5])) أي: عَمرَو بنَ الحَضْرَمِيّ أَخَا الصّحابِيّ الجَلِيلِ العَلاءِ بنِ الحَضْرَمِيّ رضي الله عنه، واسمُ الحَضْرَمِيّ عبدُ اللهِ بنُ عِمادٍ.

[6])) وقاتِلُه الصّحابيّ الجَلِيلُ واقِدُ بنُ عبدِ اللهِ التَّمِيميُّ رضي الله عنه.

[7])) يعنِيَ المذكُورَ في السَّنَدِ أوّلًا.

[8])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (1/251): «المبعوثُ عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ السَّهْمِيُّ».

[9])) لقَبُ مَلِك الفُرسِ، واسمُه في ذلكَ الوَقتِ أَبْرْوِيزُ بنُ هُرْمُزَ.

[10])) واسمُه الـمُنذِرُ بنُ ساوَى. قال ياقوت في مُعجَم البلدان (1/346): «البَحرَين هكذا يُتلفَّظ بها في حال الرَّفعِ والنَّصبِ والجَرّ، وهو اسمٌ جامِعٌ لبِلادٍ علَى ساحِل بَحرِ الهِندِ بَين البَصرةِ وعُمان».

[11])) قال الحافظُ العسقلانيّ في النُّكَت على صحيح البُخاريّ (2/95): «القائِلُ هو ابنُ شِهابٍ راوِي الحدِيث، فقِصّةُ الكِتابِ عِندَه مَوصُولةٌ، وقِصّةُ الدُّعاء مُرْسَلةٌ».

[12])) قال ابن الأثير في النهاية (4/325): «التَّمزِيقُ التَّخرِيقُ والتّقطِيعُ، وأراد بتَمزِيقِهم تَفرُّقَهُم وزَوالَ مُلكِهِم وقَطْعَ دابِرِهم».

[13])) لقَبُ ملَكِ الرُّومِ.

[14])) لقَبُ مَلِك الحبَشةِ.

[15])) أي: ليسَ أَصْحَمةَ بنَ أَبْجَرَ.

[16])) أي: مَختُومًا بخاتَمٍ.

[17])) قال الزَّبِيديّ في تاج العروس (17/493): «البَصِيصُ البَرِيقُ»، وفي روايةٍ: «إِلَى بَياضِه».