الأحد ديسمبر 22, 2024

(النَّعْتُ تَابِعٌ للـمنُعوتِ فِي رَفْعِهِ وَنَصْبِهِ وَخَفْضِهِ وَتَعْرِيفِهِ وَتَنْكِيرهِ) (النَّعْت مِنَ التَّوابِع. قبلَ هذا تَكَلـم بِالعَوامِل الدّاخِلَةِ على الـمبتَدأ والـخبَر، التي هِيَ كانَ وأخَواتُها إنَّ وأخَواتُها وَظّنَّ وأخَواتُها. الآن كَلامُهُ في التَّوابِع. ما معنَى تَوابِع؟ يَعنِي شىء يَتبَعُ شىءً قَبْلَهُ مِثل النَّعت والبَدَل والتَّوْكِيد والعَطْف هذه هِي التوابِع. والنَّعْت شىء يُوصَفُ بِهِ الـمنْعُوت، أي الـموْصُوف، وهِيَ كَلـمة لَوْ حَذَفْتَها مِنَ الـجمْلَة لَبَقِيَ الكلامُ مُفِيدًا لَكِنْ تَأْتِي بِها لِبَيانِ صِفَةٍ في الـمنْعوت، كما لوْ قُلْتَ جاءَ زَيْدٌ الكَريـم. لَوْ حَذَفْتَها الكَريـم لَبَقِيَ الكلامُ تامًا مُفِيدًا، جاءَ زَيْد، والكَريـم نَعت لِزَيْد أمّا إذا قُلْتَ زَيْدٌ كَريـم هُنا لا يستَقِيـم أَنْ يَكونَ كريـم نَعْتٌ، لـماذا؟ لأنَّكَ إذا حَذَفْتَ كَريـم ما بَقيَ الكلامُ مُفِيدًا، بَقِيَ زَيْد فقط. لَوْ قُلْتَ زَيدٌ الكَريـم جاءَ هنا الكَريـم نَعْت لأنَّكَ إذا حَذَفْتَ كَريـم يَبَقيَ الكلامُ مُفِيدًا، زَيْدٌ جاءَ) يَعْني أَنَّ النَّعْتَ يَتْبَعُ مَنْعُوتَهُ في رفعِهِ إنْ كانَ مرفوعًا، وفي نَصبِهِ إنْ كانَ منصوبًا، وفي خفضِهِ إنْ كانَ مـخفُوضًا، وفي تعريفِهِ إنْ كانَ معرفةً، وفي تنكِيرِهِ إنْ كانَ نَكِرَةً، (يَتْبَعُ الـمنعوت في هذه الأحوال كُلِّها) وذلكَ في النَّعتِ الـحقيقيِّ وهو الرّافِعُ لِضَمِيِر الـمنعوتِ، )وَتَقُولُ: قامَ زيدٌ العاقلُ) وإعْرابُهُ: قامَ فعلٌ ماضٍ، وزيدٌ فاعلٌ مَرفوعٌ بالضمة الظّاهرة، والعاقِلُ نَعْتٌ لِزَيْدٍ وَنَعْتُ الـمرفُوعِ مرفُوعٌ وَعَلامَةُ رَفعِهِ الضمةِ الظّاهرة، وهو تابِعٌ للـمنْعوتِ في الرفعِ والتَّعْريفِ (هذا كُلُّهُ في النَّعْت الـحقيقيّ وهو الرّافِعُ لِضَمِيِرِ الـمنَعْوتِ يَتْبَعُ الـمنْعوت في التَّعْريفِ والتَّذْكِيرِ والتَّأنِيث. مِثل جاءَ زَيْدٌ العاقِلُ تَقْدِير جاءَ زَيْدٌ هُوَ العاقِلُ. هُوَ ضَمير مُستَتِر راجِع إلى زَيْد في مَحَلّ رَفْع. هذه ستَأْتِي مَعنا لاحِقًا إنْ شاءَ الله)، (وَرَأَيْتُ زَيْدًا العاقِلَ)، وإعْرابُهُ: رأيتُ فِعلٌ وفاعلٌ، وزَيدًا مَفعولٌ بَهِ منصوبٌ بالفَتحةِ الظاهرة، والعاقِلَ نعتٌ لِزيدٍ مَنصوبٌ أيْضًا بالفتحةِ الظاهرة، فقدْ تَبِعَهُ في نَصْبِهِ وتَعْرِيفِهِ، )وَمَرَرْتُ بِزَيْدٍ العاقِلِ) وإِعْرابُهُ: مَرَرْتُ فعلٌ وفاعلٌ، وبزيدٍ الباءُ حرفُ جَرّ زيدٍ مـجرورٌ بالباءِ، والعاقِلِ نَعْتٌ لهُ مـجرُورٌ بالكسرةِ الظّاهرة، فقدْ تَبِعَهُ في خَفَضِهِ وتَعْرِيفِهِ وَتَقُولُ في التَّنْكِيرِ: جاءَ رجُلٌ عاقِلٌ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا عاقِلًا وَمَرَرتُ بِرَجُلٍ عاقِلٍ (رَجُل نَكِرَة وَعاقِل نَكِرَة)، وَإِعْرابُهُ: كالذّي قَبْلَهُ، فَقدْ تَبِعَ مَنْعُوتَهُ في الإعْرابِ والتَّنْكِيرِ (عِنْدَما تَقُولُ مَرَرتُ بِرَجُلٍ عاقِلٍ تَقْدِير بِرَجُلٍ عاقِلٍ هُوَ).

ولـما كانَ النعتُ تارَةً يكونُ مَعرفةً وتارةً يكونُ نكرَةً ذَكَرَ الـمصَنِّفُ أقْسامَ الـمعرفةِ والنكرةِ فقالَ: (والـمعْرِفَةُ خَمسَةُ أَشْياءَ)، الـمعْرفةُ ما دَلَّ علَى مُعَيَّن (والنَّكِرَة ما دَلَّ على فَرْدٍ شائِعٍ في الـجنْس يَعنِي إذا قُلْتَ مَثَلًا رَجُل، هذه الكَلـمة تَصْدُقُ على كُلِّ فَرْدٍ مِنْ جِنْسِ الرِّجال، هذه نكرة. وَجَمَل نَكِرَة لأَنَّ هذه الكَلـمة تَصْدُقُ على كُلِّ فَرْدٍ مِنْ جِنْسِ الـجمال. أَمّا الرَّجُل، هذا صارَ عَنْ رَجُلٍ مُعَيَّن. هذا صارَ مَعْرِفَة، وَكذلِكَ زَيْد، غُلامُكَ، أَنْتَ، هُوَ، ما دَلَّ على مُعَيَّن يَكونُ مَعْرِفَة)، والذّي ذَكرُهُ الـمصّنِّفُ خمَسةُ أشياء الأوَّل مِنْها:) الاسـم الـمضْمَر) (أَيْ الضَّمير والضَّمائِر أَعْرَفُ الـمعارِف إِلا اسـم الـجلالَة إلّا اسـم الله. لـماذا؟ لأَنَّكَ عِنْدَما تَقُولُ أَنا، وَأَنْتَ تتكَلـم، دَلَّت على مُعَيَّن دِلالَة قَوِيَّة. مـجرَّد أَنا، عَيَّنَت الـمتَكَلـم، وكذلِكَ أنتَ. إلا اسـم الله لأنَّ كُلَّ شىءٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ سبْحانَه ولذلِكَ قالَ سيبَوَيْه: اللهُ أَعْرَفُ الـمعارِف) وهُو ما دَلَّ على مُتَكَلـم أو مـخاطَبٍ أَو غائِبٍ (نـحو: أنَا) للـمتكلـم ونـحنُ للـمتكلـم ومَعَهُ غَيْرُهُ أو الـمعَظِّمِ نَفْسَهُ (وأنْتَ) للـمـخاطبِ وأنتِ للـمـخاطَبَة وأنتُما للـمـخاطَبَيْنِ وأنتُم لـجمعِ الذُّكُورِ الـمـخاطَبِينَ وأنْتُنَّ لـجمعِ الإناثِ الـمـخاطباتِ وهُو للغائِبِ وهِيَ للغائِبَة وهُما للغائِبَيْنِ وَهُم لِلْغائِبِين وهُنَّ للغائِباتِ. (وَ) الثاني مِنْ أَقْسامِ الـمعْرِفَةِ (الاسـم العَلـم نـحو: زَيْدٌ وَمَكَّة) الأوّلُ علـم لـمنْ يَعْقِل والثاني علـم لـما لا يَعْقِل، (و) الثالثُ مِنْ أقسامِ الـمعرفةِ (الاسـم الـمبْهَمُ نـحو: هذا وهذه وهؤلاء) (الاسـم الـمبْهَم هُوَ الاسـم الذي لا يَدُلُّكَ على مُعَيَّن إلّا بِقَرينَة مَعَهُ تزِيلُ إبْهامَهُ. “هذا” يُعْرَفُ المراد مِنْهُ بالإشارَة. “الذي” يُعْرَفُ الـمرادُ مِنْهُ بالـجملَة التي بَعْدَهُ. إن قلت: جاءَ الذي كَلـمتَنِي عَنْهُ أَمس. هكذا انْعَرَف مَنْ جاءَ. هذا الـمقْصُود بالـمبْهَم. الإبْهام يَعْنِي عَدَم الوُضُوح. هذا الابْهام يَزول بِشَىءٍ مَعَهُ. إمّا الإشارَة وَإمّا الصِّلَة أي الـجمْلَة التي تَكون بَعْد الذي وَنـحو ذلِك) وهذا الاسـم يَشْمَلُ جميعُ أَسـماءِ الإشارَةِ والأَسـماءِ الـموْصُولَةِ نـحو الذي والتي وَالذِّينَ، ويَحصُلُ التَّعْيِينُ في أسـماءِ الإشارةِ بالإشارةِ الـحسِّيَّةِ، وفي الأسـماءِ الـموصولةِ بالصِّلَةِ نـحو: جاءَ الذي قامَ أبُوهُ (قامَ أَبوهُ هِيَ الصِّلَة لأنَّ جاءَ: جُمْلَة، قامَ أَبوهُ: جُمْلَة). (و) الرابعُ مِنْ أقْسامِ الـمعْرِفَةِ (الاسـم الذي فِيهِ الأَلِفُ واللّامُ نـحو: الرَّجْلُ وَالغُلام وَ) الـخامِسُ مِنْ أقْسامِ الـمعْرِفَةِ (ما أُضِيفَ إلى واحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَرْبَعَةِ) (هذه الأرْبَعَة هي أَقْسام الـمعْرِفَة، وكذلِكَ أَيُّ واحِدٍ يُضاف إلى واحِد مِنْها صارَ مَعْرِفَة، مِثْل لو قلت: كتابك. كِتاب نَكِرَة كِتابُكَ أَضَفْتَ الكتاب إلى الكاف، إلى ضَّمِير، والضمير مَعرِفَة فصارَ كِتاب مَعْرِفَة. كِتابُ الذِّي جاءَ أَمْس، صارَ كِتاب مَعْرِفَة لأنَّهُ أُضِيف غلى مَعْرِفَة. وهكذا) نـحو: غُلامِي، وَغُلامُ زَيْدٍ، وغُلامُ هذا، وغُلامُ الذِّي قامَ أَبُوهُ، وغُلامُ الرَّجُل. (والنَّكِرَةُ كُلُّ اسـم شائِعٍ في جِنْسِهِ لا يَخْتَصُّ بِهِ واحِد دُونَ ءَاخَر) (لا يَخْتَصُّ بِفَرْدٍ مُعَيَّن، لا يَخْتَصُّ بِهِ فَرْد مِنْ هذا الـجنْس، إنّما هُوَ شائِعٌ في الـجنْس، يُطلَق على كل فَرْد مِنْ أَفْراد هذا الـجنْس) يَعني أنَّ النَّكِرَة هيَ الاسـم الـموضُوعُ لِفردٍ غيرِ مُعَيَّنٍ نـحو: رَجُلٌ وَغُلامٌ، فَلا يختصُّ بِهِ واحِدٌ دُونَ ءاخِر (كُلّ واحِدْ مِنَ الرِّجال يُقالُ عَنْهُ رَجُل)، (وَتَقْريبُهُ كُلُّ ما صَلـح دُخُولُ الألِفِ واللامِ عَليهِ (للتَّقريب هذا ليسَ تَعْرِيف دَقيق للمبتدئ كُلّ كلـمة يَصِحُّ دُخُول الألِف واللام عَلَيه يَكونُ نَكِرَة ولَكِنَّ هذا ليسَ دَقِيقا لا يصح في كل المواضع) نـحو: الرَّجُلِ والغُلامِ) يعني أنَّ الرَّجلَ والغلامُ قبلَ دخولِ الألفِ واللامِ عليهِما نكرتان لأنَّ رجلًا يَصْدُقُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ وكَذلِكَ غُلام، فلـما دَخَلَت عَلَيْهِما الألِفُ واللام تَعَرَّفا (صارا مَعْرِفَة) فقَبُولُ الألفِ واللام علامَةُ التَّنْكِير. واللهً سبحانه وتعالى أعلـم.