لـما ذَكَرَ الـمنْصُوبات إجْمالًا شَرَعَ يَذْكُرُها تَفْصِيلًا، ولـم يَذْكُرْ في التَّفْصِيلِ خَبَر كانَ وأخَواتِها واسـم إِنَّ وأخَواتِها والتَّوابِعَ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِها في الـمرْفُوعات. وَبَدَأَ بِذِكْرِ الـمفْعُولِ بِهِ وَهُوَ في اللُّغَةِ: مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ الفِعْل، سَواءٌ كانَ الفعلُ حِسِّيًّا كَضَرَبْتُ زَيْدًا، أوْ مَعْنَوِيًا كَتَعَلـمتُ الـمسْئَلَةَ (التَّعَلـم وَقَعَ على الـمسئَلَة وَإنْ كانَ هذا ليسَ شيئا حِسِّيًّا)، فَإِنَّ الضَّرْب حِسِيٌّ والتَّعَلـم معنويٌّ. وفي اصطلاحِ النـحاةِ ما ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَهُوَ الاسـم الـمنْصُوبُ الّذِي يَقَعُ بِهِ الْفِعْلُ) يعِني أَنَّ الـمفعولَ بِهِ في اصْطِلاحِ النـحاةِ هو: الاسـم الذي يَقعُ عليهِ فِعلٌ الفاعِل (الاسـم الـمنصوب الذي يَقَعُ به الفِعْل. الـمرْفُوع الذي مَذْكور فِعْلُهُ قَبْلَهُ هَوُ الفاعِل، الـمنصوبُ هُوَ الـمفعُولُ بِهُ. أَكَلَ زَيْدٌ الطَّعامَ. فِعْلُ الأَكْل وَقَعَ بِفِعْلِ زَيْد وَأَيْضًا الأَكْل وَقَعَ على الطّعام. فَفِعْلِ الأكْل وَقَعَ بِهِما، بِزَيْد وَبالطَّعام. الـمرفوعُ مِنْهُما هُوَ الفاعِلْ والـمنصوب الـمفعول بِهِ أَو بِعِبارَة أُخْرَى، مَن وَقَعَ عَلَيْهِ الفِعْل) (نـحو: ضَرَبْتُ زَيدًا ورَكِبْتُ الفرَسَ)، فزيدًا مفعولٌ بهِ لِضَرَبْتُ، والفَرَسَ مفعولٌ بهِ لِرَكِبْتُ، وَمَثَلَ بِمِثالَيْن للإشارَة إلى أنهُ لا فَرْقَ في الـمفْعُولِ بِهِ بَيْنَ كَوْنِهِ عاقِلًا كَزَيْد أو غيرَ عاقِلٍ كالفَرَس. (وهُوَ عَلَى قِسـميْن: ظاهِرٌ ومُضْمَر) كَما أنَّ الفاعِلَ أَيْضًا ظاهرٌ ومُضمرٌ، (فالظاهِرُ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ) وَهُوَ زَيدٌ وَالفَرَس الـمتَقَدّمانِ في الـمثالَيْنِ السّابِقَيْن، (وَالـمضْمَرُ قِسـمان: مُتَّصِلٌ) وَهُوَ الذي لا يُبْتَدَأُ بِهِ وَلا يَقَعُ بَعْدَ إِلّا في الاخْتِيار (مِثل الهاء. أنتَ لا تَقُول ما رَأَيْتُ إلاّهُ. هذا الـمتَّصِل الها والكاف بَعْدَ إلّا، لا يَأْتِي. لاتَقُول إلّاكَ، إلا عنْدَ الضَّرورَة أي ضَرورَة الشِّعْر، لِذلِكَ قالَ عِنْدَ الاخْتِيار أَمّا في غَيرِ ذلِكَ لا يَأْتِي بَعْدَ إلّا) نـحو: الكّافُ مِنْ رَأَيْتُكُ، إِذْ لا يَصِحُّ أنْ يُقالَ ما رَأَيْتُ إِلّا كَ، وقدْ يقعُ مثلُ ذلكَ في غيرِ الاخْتيارِ وهو ضَرُورَةُ الشِّعر؛ (وَمُنْفَصِلٌ) وهُوَ الذي يَقَعُ في ابْتِداءِ الكَلامِ نـحو :﴿إيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [سورة الفاتحة/5] (أَمّا الـمنفَضِل، هُناكَ ضَمير مُنْفَصِل يَكونُ مَفْعُولًا بِهِ وَهُوَ “إيَّا” يَقَع في ابْتِداءِ الكلام مِثْل إيّاكَ نَعْبُدُ، إِيّاكَ أَعْنِي هذا يَكُونُ مَفعول بِهِ مُقَدَّم. “وَإيَّا” ضَمِير) وَيقعُ بَعدَ إِلّا في الاخْتِيارِ نـحو: ما نَعْبُدُ إِلّا إِياّكَ. (فَالـمتَّصِلُ اثْنا عَشَرَ نـحو قَولِكَ: ضَرَبَنِي) وَإِعْرابُهُ ضَرَبَ فِعْلٌ ماضٍ، والنُّونُ للوِقايةِ، وَالياءُ ضَميرُ الـمتكلـم مفعولٌ بهِ مَبنِيٌّ على السُّكونِ في محلِّ نَصْب، (وَضَرَبَنَا) – بِفَتْحِ الباءِ – فَنا ضَميرُ الـمتَكلـم وَمَعَهُ غَيْرُهُ أَوِ الـمعَظِّمِ نَفْسَهُ مَبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ نَصْبِ مفعُولٍ به، (وَضَرَبَكَ) – بِفتحِ الكافِ – فالكافُ ضميرُ الـمـخاطبِ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ نَصبِ مفعولٍ بِه، (وَضَرَبَكِ) – بِكَسْرِ الكافِ – ضميرُ الـمـخاطَبَةِ مَبْنِيٌّ على الكَسْرِ في مَحلِّ نَصْبِ مَفعولٍ بهِ، (وَضَرَبَكُما) فالكافُ ضَميرُ الـمـخاطَبَيْنِ مبنيٌّ على الضَّمِّ في محلِّ نَصبِ مَفعولٍ به، والـميـم حَرفُ عِماد، والألفُ حَرفٌ دالٌّ على التَّثْنِيَةِ، (وضَرَبَكُم) فالكافُ ضميرُ جمعِ الذُّكورِ الـمـخاطَبِينَ مبنيٌ على الضمِ في محلِّ نصبِ مَفعولٍ به، والـميـم علامةُ الـجمْعِ، (وَضَرَبَكُنَّ) فالكافُ ضَميرُ جَمعِ الإِناثِ الـمـخاطَباتِ مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ في محلِّ نصبِ مفعولٍ بِهِ، والنونُ علامةُ جَمعِ النِّسْوَة، (وضربه) فالهاءُ ضميرُ الـمذكرِ الغائبِ مبنيٌ على الضمِّ في محلِّ نصبِ مفعولٍ به، (وَضَرَبَها) فها ضميرُ الـمؤنثةِ الغائبةِ مبنيٌ على السكونِ في محلِّ نصبِ مَفعولٍ به، (وضَربهُما) فالهاءُ ضميرُ الـمثنى الغائبَينَ مبني على الضمِّ في محل نصبِ مفعولٍ به، والـميـم حرفُ عماد، والألفُ حرفٌ دالٌّ على التّثنية، (وَضّربهُم) فالهاءُ ضميرُ جمعِ الذكورِ الغائبِينَ مبنيٌ على الضمِّ في محل نصب مفعولٍ به، والـميـم علامةُ الـجمعِ، (وضربهُنَّ) فالهاءُ ضميرُ جمعُ الإناثِ الغائباتِ مبنيٌ على الضمِ في محلِ نصبِ مفعولٍ به، والنونُ علامة جمعِ النِّسوة. (والـمنْفَصِلُ اثْنا عَشَرَ نـحوُ قَوْلِكَ: إِيّايَ) فإذا قلت: ما أَكْرَمْتَ إِلّا إِيّايَ تَقُولُ في إعرابِهِ: ما نافِيَة، وأَكرمْتَ فعلٌ وفاعلٌ، وإلا أداةُ حَصْرٍ (لأنَّ بَعْدَ النَّفِي حَصَرْتَ الإكْرام بِمَنْ؟ فِيَّ. هذا يُقالُ لهُ الـحصْر)، وإِنْ شئتَ قُلْتَ إِلّا حرفُ لإِيجابِ النَّفِي (يَعنِي شىء مَنْفِيّ عَنْ غَيرِهِ توجِبُهُ لِهَذا. قولك: ما أكرمت إلا إيّاي، نفيت الإكرام عن الغير وأثبته لي)، أَو إِلّا أداةُ اسْتِثْناءٍ مُلْغاةٍ لا عَمَلَ لها (والسبب أَنَّها لا تَنْصِب هنا، ستأتِي معنا)، وَإِيّا ضَميرُ نَصبٍ (ليس مَنْصوبا بإلا، إلا مُلْغاة ولكِنْ هِيَ منصوبَة لأنَّها مفعول بِهِ لأَكْرَمْتَ) مُنْفَصِلٌ مبنيٌ على السُّكونِ في محلِّ نَصبِ مفعولٍ به لأَكْرَمْتَ، والياءُ الأخيرةُ حرفٌ دالٌّ على الـمتَكَلـم، (وَإِيّانا) للـمتَكَلـم وَمَعَهُ غَيرُهُ أَوِ الـمعظِّمِ نَفْسَهُ، (وَإيّاكَ) – بِفَتْحِ الكافِ – للـمـخاطَبِ، )وإيّاكِ) – بِكَسْرِ الكافِ – للـمـخاطَبَةِ، )وإيّاكُما( للـمـخاطَبَينِ، (وإيّاكُم) لـجمعِ الذكورِ الـمـخاطبينَ، )وَإِيّاكُنّ) لـجمعِ الإناثِ الـمـخاطَباتِ، فَإِيّا في الـجميعِ هي الضَّمير وَكُلُّها يقالُ فِيها: ضميرُ نَصْبٍ منفصلٌ مبنيٌ على السكونِ في محل نصبِ مفعولٍ بِهِ، والياءُ في الأولِ حرفٌ دالٌّ على الـمتكَلـم، وَنا في الثاني حَرفٌ دالٌ على الـمتكلـم ومعَهُ غيرُهُ أوِ الـمعَظِّمِ نَفْسَهُ، والكافُ فِيـما بعدَهُ للـمـخاطبِ أو الـمـخاطبةِ أو الـمـخاطَبْينَ أو الـمـخاطَبِيَن أوِ الـمـخاطَبات، والـميـم في إيّاكُما حَرْفُ عِماد، والألِفُ حَرفٌ دالٌّ على التِّثْنِيَة، والـميـم في إيّاكم حَرْفٌ دالٌ على جمعِ الـمـخاطَبِين، والنونُ في إيّاكُنَّ حرفٌ دالٌّ على جمعِ النسوةِ الـمـخاطَبات. (وإيّاهُ) للـمفردِ الـمذَكَّر ِالغائبِ، وَالهاءُ حَرْفٌ دالٌّ علَى الغَيْبَة، (وَإيّاها) للـمفْرَدَةِ الغائِبَةِ، (وإيّاهُما) للـمثنى الغائِبَيْنِ، (وَإِيّاهُم) لـجمعِ الذُّكورِ الغائِبِين، (وإيّاهُنَّ) لـجمعِ الإناثِ الغائِبات. واللهُ سبحانَهُ وتعالَى أعْلـم وَأحْكَم.