الأحد ديسمبر 22, 2024

الـمرادُ بِهِ عَطْفُ النَّسَق (لأنَّ هناكَ عَطْفٌ ءاخَر يُقالُ لهُ عَطْفُ البَيان. يُؤْتَى بِكَلـمة تُعْطَف عَلَى كَلـمة قَبْلَها لِبَيانِها كَقَوْلِ بَعْضِهِم أَقْسـمَ باللهِ أَبو حَفْصٍ عُمَر. عُمَر يُقالُ مَعْطُوف على أَبي حَفْص عَطْف بيان لأنَّ أبي حَفْص هُوَ عُمَر وَعُمَر هُوَ أَبو حَفْص، فَعُطِفَ عُمَر عَلَى أَبي حَفْص للبَيان. أَمّا الـمراد بِعَطْفِ النَّسَق الذي هُوَ كَلـمة مِنْ بَعْدَها كَلـمة بَيْنَهُما حَرْف يَعْطِفُ الثانِيَة بالأُولَى، يَرْبِطُ الثانيَ بالأُولَى بِحَرْف مِنْ حُرُوف العَطَف والبدَل)، وَهُوَ التّابِعُ الـمتَوَسِّطُ بَيْنَهُ وبينَ مَتْبُوعِهِ أحَدُ حُرُوفِ العَطْفِ الآتِيَة، (وَحُرُوفُ الْعَطْفِ عَشَرَةٌ وَهِيَ: الْوَاوُ) (الواوُ لا تُفِيدُ التَّرْتِيب. لـما تَقُول جاءَ زَيْدٌ وَعَمْرو يَكونانِ أتَيا مَعًا أَوْ زَيْد أَوَّلًا أَوْ عَمْرو أَوَّلًا) نـحو: جاءَ زيدٌ وَعمرٌو، فجاءَ فعلٌ ماضٍ (هذا العَطَف مِنَ التَّوابِع التي هي النعت والعَطْف والتَّوْكِيد والبدل)، وزيدٌ فاعلٌ مرفوعٌ بالضمةِ الظاهرةِ، وعمرٌو: الواو حَرف عَطف وَعَمرٌو مَعْطُوفٌ على زيدٍ مرفوعٌ بالضمةِ الظاهرة؛ فالـمعطوفُ يتبعُ الـمعْطُوفَ علَيْهِ في إعْرابِهِ سَواءٌ كانَ رَفْعًا أو غَيرَهُ (إِذا كانَ الـمعطوفُ عَلَيْهِ مَرْفُوعًا الـمعطوفُ يُرْفَع إِذا كانَ الـمعطوفُ عَلَيْهِ مَنْصُوبًا يُنْصَب إِذا كانَ مـجرورًا يُجَرّ إذا كانَ مـجزومًا يُجْزَم)، (وَالفاءُ) نـحو: جاءَ زَيدٌ فعَمرو (أَمّا الفاء تُفِيدُ التَّرْتِيب وَأنَّ الواحِد عَقِبُ الآخَر)، فعَمْرٌو مَعطوفٌ على زيْد مرفوعٌ بالضمةِ الظّاهِرة (الفاء حَرْف عَطف وَعَمرو مَعطوف عَلى زَيْد مرفوع بالضَّمَّةِ الظاهِرَة)، (وثُمَّ) نـحو: جاءَ زَيدٌ ثم عَمْرٌو (ثُمَّ غالِبًا تُفِيدُ التَّرْتِيب وَأَيْضًا تُفِيدُ التَّراخِي، لَيْس كَالفاء. تَقُولُ جاءَ عَمرٌو فَزَيْدٌ مَعناهُ زَيْد عَقِبَ عَمرو. أَمّا إذا قُلْتَ جاءَ عَمْرٌو ثُمَّ زَيْد مَعناهُ مَرَّت مُدَّة بَيْنَهُما وَفِي الغالِب تُفِيدُ التَّرْتِيب وَقَدْ لا تُفِيد لَكِنْ في الغالِب تُفِيدُ التَّرْتِيب. إنَّ مَنْ سادَ ثُمَّ سادَ أَبوهُ ثُمَّ قَدْ سادَ قَبلَ ذلِكَ جَدُّهُ هنا ثُمَّ لتَرْتيب الإخبار ليس للتّرتيب في الـحصُول)، (وَأَوْ) نـحو: جاءَ زَيدٌ أوْ عمْرو (أَوْ للتَّخْيير. أَحَدُهُما الذي جاءَ. أَوْ حَرف عَطف وعمرو مَعطوفٌ عَلَيْهِ)، (وأَمْ) نـحو: جاءَ زيدٌ أمْ عَمرو (أَجاءَ زَيْدٌ أَمْ عَمرٌو؟ أَمْ تَكونُ في الاسْتِفْهامِ)، (وَإِمّا) نـحو: ﴿فَإمَّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِدَاءً﴾ [سورة محمد/4]. فَقَوْلُهُ ﴿فِداءً﴾ مَعطُوفٌ على ﴿منًّا﴾ والعاطِفُ الواوُ الداخلةُ على إمّا (في الـحقيقة الواو هِيَ العاطِفَة)، وإمّا أَتى بها للدِّلالَةِ على التَّقْسِيـم والتَّخْييرِ، والـمصنِّفُ جَرَى على أَنَّ إمّا هي العاطفة وهو ضَعيفٌ والراجِحُ أنَّ العاطِفَ الواو، (وبَلْ) نـحو: ما جاءَ زَيدٌ بَل عَمْرو (عمرو معطوف على زَيْد. يَعنِي لَيْس الذي جاءَ زَيْد بَلْ الذي جاءَ هو عَمرو)، (وَلا) نـحو: جاء زيدٌ لا عمرٌو (لا هنا عاطِفَة وهنا يَعنِي الذي جاءَ هو زَيْد وَليسَ عَمْرًا)، (وَلكِنْ) نـحو: ما جاء زيدٌ لكنْ عمرٌو (أي عَمرو الذي جاءَ. قُلْنا لَكِنَّ مِنْ أَخَوات إِنَّ أمّا لَكِنْ للاسْـتِدراك أَيْضًا لـكنَّها عاطِفَة)، (وَحَتَّى في بعْضِ الـمواضع) وذلكَ البَعضُ هُو ما كانَ ما بَعْدَها بَعْضًا مما قَبْلَها (إذا كانَ الذي بَعْدَها جُزْءٌ مِمّا قَبْلَها تَعْطِفُ بِحَتَّى) نـحو: أكَلتُ السـمكةَ حتَّى رَأْسَها (أَيْ أكَلْتُها مَعَ رَأْسِها)، فحَتى حرفُ عطْفٍ، ورأْسَ مَعطوفٌ على السـمكةِ مَنصوبٌ بالفَتحةِ الظاهِرة، وها مضافٌ إليهِ، وإعرابُ بَقيةِ الأمثلةِ ظاهِرٌ (أَمَّا إذا قُلْتَ: أكَلتُ السـمكةَ حتَّى رَأْسِها، هُنا لـم تَعْطِف لأنَّكَ جَرَرْتَ رَأْس معناهُ إلى رأْسِها. أَمّا إِذا عَطَفْتَ بِحَتّى، يَجوزُ لَكَ أَنْ تَعْطِفَ بِحَتَّى إذا كانَ ما بَعْدَها جُزْءًا مِمّا قَبْلَها). (فَإِنْ عَطَفْتَ بِهَا عَلَى مَرْفُوعٍ رَفَعْتَ) كَما تقدَّم (بِهذِهِ الـحروف)، (أَوْ عَلى مَنْصُوبٍ نَصَبْتَ، أَوْ عَلَى مـخفُوضٍ خَفَضْتَ، أَوْ عَلَى مـجزُومٍ جَزَمْتَ. تَقُولُ: قَامَ زيْدٌ وَعَمْرٌو وَرَأَيْتُ زَيْداً وَعَمْرَاً وَمَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو) والإعْرابُ ظاهِر، وِمثالُ العطفِ في الأَفْعالِ: زَيدٌ يقومُ ويقْعُدُ (يَقُومُ مرفوع وَيَقْعُدُ مَعْطوف على يَقُومُ مَرْفُوع والواو حَرْف عَطْف. يَعنِي ليسَ فقط العَطْفُ للأَسـماءَ بل قد تعطف الأَفْعال أيضا)، وَلَنْ يَقُومَ وَيقْعدَ (الواو حَرْف عَطْف يَقْعُدَ مَعْطوف مَنْصُوب معطوف على الـمنصُوب قَبْلَهُ)، (وَزَيْدٌ لـم يَقُمْ وَلـم يقْعُدْ) (كذَلِكَ الواو حَرْف عَطْف) فالأوّلُ مرفوعٌ والثاني منصوبٌ والثالث مـجزومٌ. واللهُ سبحانَهُ أَعلـم وَأَحْكَم.