باب الصَّلَاةِ وَالسَّلامِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
- عن عبدِ الله بنِ عامرِ بنِ رَبِيعةَ عن أَبِيه قالَ: قالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ مَا صَلَّى عَلَيَّ فَلْيُقِلَّ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يُكْثِرْ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمدُ.
- عن عُقبة بنِ عامرٍ رضي الله عنه قال: أتَى رجلٌ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتّى جلَسَ بَين يدَيهِ فقال: يا رسولَ اللهِ، أمّا السّلامُ علَيكَ فقَدْ عرَفْنا، فكيفَ الصّلاةُ علَيكَ؟ فأَخْبِرنا كيفَ نُصلِّي علَيكَ؟ قال: فصَمَتَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتّى ودِدْتُ أنّ الرّجُلَ الّذي سألَه لَم يَسألْه، ثُمّ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ([1]) النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى ءالِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى ءالِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى ءالِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ([2])»([3]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ مِن هذا الوَجهِ أخرجَه أبو داود عن أحمدَ بنِ يونُس.
- عنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيبةَ عن عَبدِ الرَّحمـٰـنِ بنِ أَبِي لَيلَى عن كَعبِ بنِ عُجْرةَ رضي الله عنه قال: قُلنا: يا رسولَ الله، هذا السّلامُ علَيكَ قد عَرَفْناه فكيفَ نُصلِّي علَيكَ؟ قال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءالِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءالِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءالِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»، قال عبدُ الرّحمـٰـنِ: ونحنُ نَقولُ: «وعَلَينا» مَعَهُم.
وعبدُ الرَّحمـٰـنِ هذا هو ابنُ أَبِي لَيلَى. هذا حدِيثٌ صحِيحٌ متَّفَقٌ علَيه، أخرجَه الأئِمّةُ كلُّهم مِن طرُق متعدِّدةٍ إلى الحَكَمِ عن كَعبٍ.
- عن أبي مَسعودٍ الأنصاريّ رضي الله عنه قال: أتانَا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم ونَحنُ في مَجلِسِ سعدِ بنِ عُبادةَ، فقال له بَشيرُ بنُ سَعدٍ: أمرَنا اللهُ أنْ نُصلِّيَ علَيكَ، فكيفَ نُصلِّي عليكَ؟ قال: فسكَتَ حتَّى تَمنَّينا أنّه لَم يَسأَلْه([4])، ثُمّ قال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءالِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى ءَالِ إِبْرَاهِيمَ ِفِي العالَمِينَ([5])، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمد.
- عن أبِي هُريرة رضي الله عنه قال: قُلنا يا رسولَ الله، كيفَ نُصلِّي عليكَ، فقد عَلِمْنا السّلامَ عليكَ، قال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءالِ مُحَمَّدٍ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيتَ وَبَارَكْتَ عَلَى ءَالِ إِبْرَاهِيمَ ِفِي العالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه البَزّار.
- عن أبي سعيدٍ الخُدرِيّ رضي الله عنه قال: قُلنا يا رسولَ الله، هذا السَّلامُ علَيكَ، فكَيفَ نُصَلِّي علَيكَ؟ قال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ([6])، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه البخاريُّ.
- عن عَمرو بنِ سُلَيمٍ الزُّرَقيّ أخبرَنِي أبو حُمَيدٍ السّاعديُّ رضي الله عنه أنّهُم قالوا: يا رَسولَ الله، كيفَ نُصلِّي علَيكَ؟ قال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى ءالِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمد.
- عن أبي بَكرِ بنِ محمّدِ بنِ عَمرِو بنِ حَزمٍ عن رجُلٍ مِن أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءالِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمد.
- عن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ رضي الله عنه قال: كان رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا جاء رُبعُ اللَّيل قامَ فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ([7])، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ»([8])، فقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ، فما أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتِي([9])؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ»، قلتُ: الرُّبُعَ([10])؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»، قلتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»، قلتُ: الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»، قلتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذَنْ تُكْفَى هَمُّكَ وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمد.
[1])) قال شيخنا رحمه الله: «معنَى «اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ»: اللَّهُمَّ زِدْ محمَّدًا شرفًا وتعظِيمًا r».
[2])) قال شيخنا رحمه الله: «معناهُ: محمودٌ مُمَجَّدٌ. والـمَحمُودُ ليسَ اسمًا للهِ، لا يُقالُ: «يا محمودُ ارْزُقنا»، أما لو قال أحدٌ: «يا مَحمُودًا علَى نَعْمائِه ارْزُقْنا» في دُعائِه لا بأسَ بِه. لَم يَرِد في روايةٍ أنّ اللهَ مِن أسمائِه المحمُودُ».
[3])) قال شيخنا رحمه الله: «وأفضلُ صيغةٍ في الصَّلاةِ على النَّبيّ r هي الصَّلاةُ الإبراهيميَّةُ الّتي علَّمها الرَّسولُ r للصَّحابة، فقد ثبتَ في الحديثِ أنَّه قيل للنَّبيّ r: كيف نُصلِّي عليك يا رسولَ الله؟ فقال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءالِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءالِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءالِ إِبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». وقد ذُكِر إبراهيمُ في هذه الصَّلاة لأنَّه أفضلُ نبيٍّ بعد مُحمَّدٍ وكان قَبلَه، فإنَّ أفضلَ الأنبياءِ خَمسةٌ: مُحمَّدٌ ثُمَّ إِبراهيمُ ثُمَّ مُوسَى ثُمَّ عِيسَى ثُمَّ نُوحٌ».
وقال ابن الأثير في النّهاية (4/298): «وردَ في أسماءِ اللهِ تَعالى الـمَجِيدُ والماجِدُ؛ الـمَجدُ فِي كَلامِ العرَبِ الشَّرَفُ الواسِعُ».
وقال أبو البرَكات النّسَفِيّ في تفسير سُورةِ هُودٍ (2/167): «{إنَّهُ حَمِيدٌ} مَحمودٌ بتَعجِيل النِّعَم {مَجِيدٌ} ظاهِرٌ الكرَمِ بتَأجِيل النِّقَم».
[4])) قال ابن علان في دليل الفالِحين (7/200): «شفَقةً، لِما رأَوهُ مِنهُ r حالتَئذٍ. وسكُوتُه r يَحتمِلُ أنْ يكُونَ لانتِظارِ وَحيٍ وأنْ يكُون لاجتِهادٍ»
[5])) قال شيخنا رحمه الله: «معناهُ خَصِّص إبراهيمَ وءالَ إبراهيمَ مِن بَينِ العالَمِينَ بالرِّفعةِ».
[6])) قال شيخنا رحمه الله: «معناه: ارفَعْ درَجةَ مُحمّدٍ علَى كُلِّ مَن سبَقَ كما رفَعْتَ درجَةَ إبراهيمَ، فيَدخُل في ذلك إبراهيمُ. وقد ذُكِر إبراهيمُ في هذه الصّلاةِ لأنّه أفضَلُ نَبيّ بَعد محمّدٍ وكان قَبلَه، فإنّ أفضلَ الأنبياءِ خَمسةٌ: محمّدٌ ثُمّ إبراهيمُ ثُمّ مُوسَى ثُمّ عِيسَى ثُمّ نُوحٌ».
[7])) الرّاجِفةُ النَّفخةُ الأُولى، والرّادِفةُ الثانيةُ.
[8])) قال الـمُظهِريّ في المفاتيح (5/327): «(جَاءَ الـمَوْتُ بِمَا فِيهِ)، أي: جاءَ الـمَوتُ معَ ما فِيه مِن أَحوالِ القَبرِ وَالقِيامةِ».
[9])) قال التُّورِبِشْتيُّ في المفاتيح (2/165): «الصّلاةُ ههُنا الدُّعاء، يَعنِي: لي زَمانٌ أَدعُو فِيه لِنَفْسِي، فكَم أَصرِفُ مِن ذلكَ الزَّمانِ في الدُّعاء لكَ».
[10])) قال الملّا عليّ في المرقاة (2/746): «أي: أَجعَلُ ربُعَ أوقاتِ دُعائِي لِنَفسِي مَصرُوفًا للصّلاةِ علَيكَ».