الإثنين أبريل 14, 2025

باب الحَثِّ علَى الـمُشاوَرَةِ

  • عن الرَّبِيعِ عن الشّافِعيّ قال: بَلَغَنَا عن الحسَن قال: «إنْ كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَغَنِيًّا عنِ الـمُشاوَرةِ ولكِنْ أرا>َ أنْ يَسْتَنَّ بِه مَن بَعْدَه مِن الحُكّامِ»([1]). هكذَا ذَكَرَه مُعَلَّقًا وَلَـم يَصِلْهُ البَيهقِيُّ كَعادَتِه فِي تَعلِيقاتِ الشّافعِيّ، وقَد وجَدتُه مَوصُولًا في «تَفسِير ابنِ أبِي حاتِمٍ» أخرجَه عن ابنِ أبِي عُمرَ عن سُفيانَ بنِ عُيَينةَ عن عَبدِ اللهِ بنِ شُبْرُمةَ عن الحسَنِ ولَفظُه: «قَد عَلِمَ اللهُ أنّه لَيسَ بهِ إِلَيهِم حاجَةٌ ولكِنْ أرادَ أنْ يَسْتَنَّ بِه مَن بَعْدَه». وهذا سنَدُه صَحِيحٌ.
  • عن الحسَنِ هو البِصريّ قالَ: واللهِ ما اسْتَشارَ قَومٌ قَطُّ إلّا هُدُوا بأَفْضَلِ ما بِحَضرَتِهم، ثُمّ تَلَا، {وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ}([2]) [سُورة الشُّورى: 38]. هذَا مَوقوفٌ علَى الحسَن وسنَدُه حسَنٌ أخرجَه الطّبَريّ.
  • عن عَمرِو بنِ دِينارٍ عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهُما أنّهُ قَرأَ: «وشَاوِرْهُم فِي بَعْضِ الأَمْرِ»([3]). هذا مَوقُوفٌ حسَنٌ أخرجَه البُخاريُّ في «الأدَب الـمُفرَد».
  • عن مُوسَى بنِ طَلْحةَ عن أَبِيه رضي الله عنه قالَ: «لا تُشاوِرْ بَخِيلًا في صِلَةٍ([4])، ولا جَبانًا في حَرْبٍ، وَلا شابًّا فِي جارِيةٍ([5])». هذا مَوقوفٌ حسَنُ الإسنادِ أخرجَه ابنُ عساكِرَ.
  • عن أبِي هُريرةَ رضي الله عنه قالَ: خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ساعةٍ لا يَخرُجُ فيها، فذَكَر قِصّةَ ذَهابِه ومعَهُ أبو بَكرٍ وعُمرَ رضي الله عنهُما إلى بَيتِ أبِي الهَيْثَم وضِيافتَه لَهُم بِطُولِها وفِيها: فقالَ لهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ لَكَ خَادِمٌ؟»، قال: لا، قال: «فَإِذَا أَتَانَا سَبْيٌ، فَأْتِنَا»، فأَتَى رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسانِ لَيسَ لهُما ثالِثٌ، فأَتاهُ فقالَ لهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اخْتَرْ»، فقال: يا رَسولَ اللهِ خِرْ لِي، فقال: «أَمَا إِنَّ الـمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ، خُذْ هَذَا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي، وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا»، فأتَى بهِ امرأَتَه فذَكَرَ لَها حدِيثَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: ما أنتَ بِبالِغٍ ما قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى تُعتِقَه، قال: فهوَ عَتِيقٌ، ثُـمّ قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا وَلا خَلِيفَةً إِلا وَلَهُ بِطَانَتَانِ([6]): بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَبِطَانَةٌ لا تَأْلُوهُ خَبَالًا([7])، فَمَنْ وُقِيَ بِطَانَةَ السُّوءِ فَقَدْ وُقِيَ».

وأَوَّلُ حَديثِ ءادمَ والحسَنِ قَولُه صلى الله عليه وسلم لأَبِي الهَيثَمِ: «هَلْ لَكَ خَادِمٌ؟» إلى ءاخِرِه واخْتَصَرا ما قَبلَه. وفي رِوايةِ ءادمَ: فأُتِيَ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم برأْسَينِ ليسَ معَهُما ثالِثٌ، وفيهِ: «اخْتَرْ مِنْهُمَا»، قال: يا رَسولَ اللهِ اختَرْ لِي، وفيهِ: «اسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا» والباقِي سَواءٌ. ورِوايةُ الحسَنِ نَحوُه لكِن لَـم يَذكُر ما بَعدَ قَولِه «فَهُوَ عَتِيقٌ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ أخرجَه الترمذِيّ وأَوردَه في رِوايةٍ بِدُونِ: «مَا بَعَثَ اللهُ» إلى ءاخِرِه وقال: هذَا حَدِيثٌ حسنٌ غَرِيبٌ.

  • عن عَمرِو بنِ أبِي نَعِيمةَ الـمَعافِريّ أنّ أبا عُثمَانَ مُسلِمَ بنَ يَسارٍ حدّثَه أنّه سَمِعَ أبا هُريرةَ رضي الله عنه يَقولُ: يَقولُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ الـمُسْلِمِ بِأَمْرٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ أَرْشَدُ مِنْهُ فَقَدْ خَانَهُ»([8]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أبو داودَ.

[1])) قال شيخنا رحمه الله: «التّشاوُر أمرٌ مُهِمّ، اللهُ تعالَى قال لِرَسولِه r: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} معَ أنّ الرَّسولَ r غَنِيٌ عن مُشاورةِ أصحابِه بالوَحيِ، معَ ذلكَ حتَّى تَقتَدِيَ بِه أُمّتُه أُمِرَ بِمُشاوَرةِ أصحابِه. ويُفهَم مِن ذلكَ أنّ الاستِبدْادَ بالرَّأي لا خَيرَ فيه».

[2])) أي: يَتشاوَرُون فِيما يَبدُو لَهُم ولا يَعجَلُون ولا يَنفرِدُون برَأيٍ ما لَـم يَجتمِعُوا علَيه.

[3])) والَّفظُ الـمُتَواترُ مِن الآيةِ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}.

[4])) أي: في صِلةِ الغَيرِ بالمالِ.

[5])) أي: في أُنثَى.

[6])) قال ابن الأثير في النّهاية (1/136): «بِطانَةُ الرّجُل صاحِبُ سِرِّه وداخِلةُ أمرِه الّذي يُشاورُه في أَحوالِه».

[7])) قال ابن الأثير في النّهاية (1/136): «(لا تَألُوه خَبالًا)، أي: لا تُقَصِّرُ في إِفسادِ حالِه».

[8])) قال المظهِريّ في المفاتيح (4/406): «يعنِي مَن استَشارَ أَحَدًا فِي أمرٍ وسأَله: كيفَ أفعَلُ هذا الأمرَ؟ وهل فيه مَصلَحةٌ أمْ لا؟ فقال له الـمُستَشارُ: الـمَصلَحةُ في أنْ تَفعَله، وهو يَعلَمُ أنّ الـمَصلَحةَ في عدَمِ فِعلِه فقَد خانَه لأنّه دَلَّه علَى ما ليس فيه مَصلَحتُه».