الخميس نوفمبر 21, 2024

وانْصِب بلا في النَّفي كُلَّ نَكِرهْ *** كَقولِهِمْ لا شكَّ فيما ذَكَرَهْ

وإنْ بدا بينَهُما مُعترِضُ *** فارْفَعْ وقُلْ لا لأبيكَ مُبْغِضُ

 

أي إذا أردت بلا نفي الجنس نصبت الاسم المنفي بها بشرط أن يكون نكرة متصلاً بها كما مثّل به، ونحو: {لا ريبَ فيهِ} [سورة البقرة/2]، وشملت عبارته المضاف أيضًا نحو: لا صاحب بر ممقوت، فلو كان معرفة فهو مرفوع على الابتداء نحو: لا زيد في الدار ولا الأمير فيها، وهكذا لو كان مفصولاً عنها كما مثّل ونحو: {لا فيها غَوْلٌ} [سورة الصافات/47].

 

تنبيه: ظاهر كلام الشيخ أن اسم لا منصوب بها نصبَ إن المشددة لاسمها لكنه هنا لا ينون ففتحته فتحة إعراب ولهذا لم يَفْرُقْ بين المفرد والمضاف وهذا مذهب الكوفيين، وذهب البصريون ورجحه ابن مالك وأتباعه إلى أن اسمها المفرد مبني على الفتح مركب معها تركيب خمسة عشر والمضاف وشبهَهُ منصوب.

 

وارْفَعْ إذا كَرَّرْتَ نَفْيًا وانْصِبِ *** أوْ غايرِ الإعرابَ فيهِ تُصِبِ

تقولُ لا بيعٌ ولا خِلالُ *** فيهِ ولا عيبٌ ولا إخلالُ

والرفعُ في الثاني وفَتْحُ الأولِ *** قدْ جازَ والعكسَ كذاكَ فافْعَلِ

وإنْ تشأْ فافْتَحْهُما جميعَا *** ولا تَخَفْ ردًّا ولا تَقريعا

 

أي إذا اجتمعت شروط النصب في لا وكررتها بعد عاطف كقولك: لا حول ولا قوة إلا بالله جاز لك أربعة أوجه رفعهما معًا منونين على إلغائهما، ونصبهما معًا مفتوحين على إعمالهما، وبهما قرئ في نحو: {فلا رَفَثَ ولا فُسوقَ} [سورة البقرة/197] و{لا بيعٌ فيهِ ولا خُلَّةٌ} [سورة البقرة/254] و{لا لَغْوٌ فيها ولا تأثيمٌ} [سورة الطور/23] والمغايرة بينهما بنصب الأول بفتحة ورفع الثاني منونًا على إعمال الأولى وإلغاء الثانية كقول الشاعر:

 

هذا لعمرُكُمُ الصغارُ بعَينِهِ *** وما فاهوا إن كانَ ذاكَ ولا أبُ

 

وعكسه:

 

ولا لغوٌ ولا تأثيمَ فيها *** وما فاهوا به أبدًا مقيمُ

 

تنبيه: هذه الأربعة الأوجه هي معنى قوله: “وارفع” إلخ، أي وارفعهما معًا أو انصبهما معًا أو غاير بينهما، أو ارفع الأول دون الثاني وعكسَه، وسمى الفتح نصبًا جريًا على ما قدمناه عنه، وأما استخراج أمثلتها الأربعة من البيت الثاني فتقول في صدره: لا بيعٌ ولا خلالٌ برفعهما، وفي عَجزه لا عيبَ بالفتح ولا إخلالٌ بالرفع ثم تعيد البيت تنصب قافيته فتقول: لا بيعَ ولا خلالَ بفتحهما في صدره، وفي عجزِه لا عيبٌ بالرفع ولا إخلالَ بالفتح، والخُلة والخلال الصداقة، وبقي وجه خامس وهو فتح الأول ونصب الثاني منونًا على إلغاء لا وعطفه على محل اسم الأول إن قلنا إنه مبني أو لفظه إن قلنا إنه معرب كقول الشاعر:

 

لا نسبَ اليومَ ولا خُلةً *** اتسعَ الخَرقُ على الراقِعِ

 

ولعله مراد الناظم بقوله في بعض النسخ إن صح، و”إن تشأ فانصبهما جميعًا”، لكنه غير ظاهر في المراد لأنه كقوله: “وانصب لما سبق” أن معناه وانصبهما جميعًا، والتقريع: بالقاف التوبيخ.