وإنْ أردتَ قِسمةَ الأفعالِ *** لِيَنجَلي عنكَ صدَا الإشكالِ
فهيَ ثلاثٌ ما لهُنَّ رابعُ *** ماضٍ وفعلُ الأمرِ والمُضارعُ
أي وإن أردتَ أن تعرف أقسام الفعل فهي الثلاثة المذكورة في النظم، ولكل قسم منها علامة تميزه، “لينجلي” بها أي يظهر، والصدا: ما يَعلَقُ بالسيف والمرءاة من الكدر، و”الإشكال”: ضد الانجلاء، ثم بيَّن ذلك بقوله:
فكُلُّ ما يَصلُحُ فيهِ أمْسِ *** فإنهُ ماضٍ بغيرِ لَبْسِ
أي فالقسم الأول من أقسام الفعل الذي هو الماضي يُعرف بأن تُلحَق به أمسِ كقولك: سار زيد أمس وخرج عمرو أمس.
فائدة: اللبس بفتح اللام الإشكال يقال: لَبَسَ عليه الأمرُ يَلبِسُهُ كَضَربهُ يضربه بمعنى خلَّطَهُ، ومنه قوله تعالى: {ولَلَبَسْنا عليهم ما يَلْبِسُونَ} [سورة الأنعام/9]، {بلْ هُمْ في لَبْسٍ مِنْ خلْقٍ جديدٍ} [سورة ق/15].
تنبيه: قد سبق أن الماضي يُعرف بأن تلحقه تاء المحدّث أي المتكلم نحو: خرجتُ، ودخلتُ، ولستُ أنفثُ، فلو اقتصر الناظم على تعريفه بها لكان أولى لأنها مطَّردة منعكسة، بمعنى أنها تصلح في كل ماضٍ ولا تصلح في غير الماضي، بخلاف أمسِ فإنه علامة لا تطّرد ولا تنعكس إذ لا يصح أن تقول في مثل: إن خرج زيد أكرمته، إن خرج زيد أمس أكرمته، مع أنه صيغة فعلٍ ماض، وكذلك لا يدخل “أمس” على ليس وعسى مع أنهما فعلان ماضيان، فقد وُجِدَ الماضي ولم يصلح معه أمس، وكذا يصح أن تقول في مثل: لم يخرج زيد لم يخرج أمس، مع أنه صيغة مضارع، فقد صلحَ أمسِ مع غير الماضي، والعلة في عدم صلاحية أمس في نحو: إن خرج زيد أنَّ إن الشرطية تقلب معنى الماضي مستقبلاً وإن كان لفظه ماضيًا، والعلة في صلاحية
لم يخرج زيد أمس أن لم النافية تقلب معنى المستقبل ماضيًا وإن كان لفظه مضارعًا، وسيأتي في ءاخر المنظومة أن أمس مبني على الكسر.