وألْقِ في التصغيرِ ما يُسْتَثقلُ *** زائِدُهُ وما تراهُ يَثْقُلُ
والأحرفُ اللاتي تُزادُ في الكَلِمْ *** مجموعُها قولُكَ يا هَولُ اسْتَنِمْ [1]
تقولُ في مُنطَلِقٍ مُطَيْلِقُ *** فافْهَم وفي مُرْتَزِقٍ مُرَيْزِقُ
وقيلَ في سفرجلٍ سُفَيْرِجُ *** وفي فتًى مُستَخْرِجٍ مُخَيْرِجُ
قد سبق أن للتصغير ثلاثة أوزان فُعيل وهو للثلاثي كفليس، وفُعيعلٌ ومثله فويعل للرباعي كجعيفر ورويجل، وفعيعيل وهو للخماسي الذي رابعه ألف أو واو أو ياء كدنينير، فإذا أردت تصغير الاسم الخماسي الذي رابعه حرف صحيح ألقيتَ زائده إن كان خماسيًا بالزيادة كمنطلق، وخامسَه إن كان مجردًا عنها وهو المراد بقوله: “وما تراه” وهو اللام
من سفرجل مثلاً ليعود الاسم رباعيًا فيُمكِنُ منه وزن فعيعل، فتقول في منطلق: مطيلق بحذف النون، واختُصت بالحذف دون الميم لدلالة الميم على بناء اسم الفاعل فلم تحذف لئلا يفوت البناء بحذفها، وكذا تقول في تصغير مرتزق مريزق بحذف التاء دون الميم لما ذكرناه، وتقول في سفرجل سفيرج بحذف اللام لأن بها حصل ثِقَلُ الاسم، وكذا إذا صغرت السداسي حذفت منه حرفين من حروف الزيادة ليعود رباعيًا، فتقول في مستخرج: مخيرج بحذف السين والتاء دون الميم.
ولما أمرَ الطالبَ بإلقاء الزوائد ذكر حروف الزيادة لتُعلم وهي عشرة يجمعها كما قال: “يا هول استنم” أي اسكن، وفي نسخة: “سائل وانتهم” أي واحرص على السؤال، ومعنى تسميتها بحروف الزيادة أن الحرف الزائد على الأصول لا يكون إلا منها إلا أنها لا تكون أبدًا زائدة لأنها قد تكون أصولاً.
تنبيه: اعلم أنه لا يُعرف الزائدُ من الأصلي إلا بمعرفة الميزان وهو أن يعبر عن أولِ أصول الكلمة المجردة بفائها، وعن ثاني أصولها بعينها، وعن ثالثها بلامها وكذا رابعها، فيقال في وزن خرج فعلَ، وفي وزن دحرج فعلل، وفي وزن فَلْس فَعْلٌ، وفي وزن جعفر فعللٌ وهكذا، وأما الزيادة لغير تكرار فيعبر عنه بلفظه فيقال في وزن انطلق انفعل، وفي مُنطلق مُنفعل، لأن أصوله طلقَ، وفي ارتزق افتعل، وفي مرتزق مفتعلٌ لأن أصوله رزقَ، وكذا في استخرج ومستخرج استفعلَ ومُستفعل، لأن أصوله خرجَ، وأقوى الدلالة على زيادة الحرف سقوطه في بعض التصاريف.
وقدْ تُزادُ الياءُ للتعويضِ *** والجَبْر للمُصغّر المَهيضِ
كقولهم إنَّ المُطَيْليقَ أتى *** واخْبِ السُّفَيْريجَ إلى فصلِ الشتا
أي ويجوز أن تزاد ياءٌ قبل الآخر على ما حُذف منه حرف وهو الخماسي، أو حرفان وهو السداسي المردودان إلى أربعة ليصحّ فيهما وزن فُعيعل فيقال فيهما فعيعيل كما مثَّل به بزيادة الياء عوضًا عن المحذوف وجبرًا له. و”المهيض”: المكسور اسم مفعول كالمبيع من هاض العظم إذا كسره ولم يُبِنْهُ.
وشَذَّ مِمَّا أصَّلُوهُ [2] ضَيَّا *** تَصغيرُ ذا ومِثلهُ اللَّذَيَّا
أي أن الأصل في التصغير اختصاصه بالأسماء الظاهرة لتمكنها في الإعراب، وشذ عن هذا الأصل تصغيرُ أسماء الإشارة والموصولات، ولهذا خالفوا فيها قاعدةَ التصغير ففتحوا أولها وزادوا في ءاخرها ألفًا، فقالوا في تصغير ذا وتا وذين وتين وهؤلاء ذَيَّا وتَيَّا وذَيَّانِ وتيّانِ وهؤلَيَّا، وفي تصغير الذي والتي اللذيّا واللتيّا بفتح اللام.
وقولُهُمْ أيضًا أُنَيْسيانُ *** شَذَّ كما شذَّ مُغَيْرِبانُ
وليسَ هذا بمثالٍ يُحذى *** فاتَّبِعِ الأصلَ ودَعْ ما شَذَّا
أي وشذ أيضًا تصغيرهم إنسانٌ على أنيسيان، ومغرب على مغيربان لما سبق أن قياس إنسان أُنَيْسِينٌ كسُريْحين في سِرحان، وقياس مغرب مغيرب وكجعيفر في جعفر، لكنَّ مثلَ هذا يحفظ ولا يُحذى عليه أي لا يقاس عليه.
تنبيه: ومما شذ أيضًا قولُهم في تصغير رجل رويجلٌ وقياسه رُجَيل، وفي صبيةٍ وغِلمة جمعًا أُصَيبيةٌ وأُغَيْلِمَةٌ وقياسه صُبَيَّةٌ بتشديد الياء كتصغير قرية قُريَّة وغُلَيْمَةٌ، وفي ليلة لُلَيْلِيَةٌ وقياسه لُيَيْلَةٌ، وفي عَشية عُشَيْشِيَةٌ وقياسه عُشَيِّيَةٌ بياءين الأولى مكسورة مشددة والثانية مفتوحة مخففة كتصغير قبيلة قُبَيِّلَةٌ.
[1] في نسخة: “مجموعها قولك سائلٌ وانتهِمْ”.
[2] في نسخة: “أصله”.