السبت ديسمبر 21, 2024

وكُلُّ مَنسوبِ إلى اسم في العَرَبْ *** أوْ بلدةٍ تَلحقُهُ ياءُ النَّسَبْ

فَشَدّدِ الياءَ بلا توَقُّفِ *** مِنْ كلّ مَنسوبٍ إليهِ فاعِرِفِ

تقولُ قدْ جاءَ الفتى البَكْرِيُّ *** كما تقولُ الحسنُ البصريُّ

وإنْ يكُنْ في الأصلِ هاءٌ فاحْذِفِ *** كَمثلِ مَكّيّ وهذا حَنفيّ

 

أي إذا نسبت إلى قبيلة أو بلد أو نحوهما ألحقت في ءاخره ياء النسب وهي مشددة مكسور ما قبلها، وإنما شددوها لئلا تلتبس بياء النفس وإن كان فيه تاء تأنيث كمكة والبصرة حذفتها لئلا يجتمع في اسم زيادتان متطرفتان كل منهما يقع عليه الإعراب، فتقول: قرشي وبكري ومكي وبصري كما مثَّل به، والبكري المجرد عن الهاء، والبصري لما فيه الهاء، وفي بعض النسخ هنا اضطراب.

 

وإنْ يكُنْ مما على وَزْنِ فتى *** أوْ وزْنِ دُنيا أو على وزنِ متى

فأبْدِلِ الحرفَ الأخيرَ واوا *** وعاصِ مَنْ مارَى ودَعْ مَنْ ناوَى

تقولُ هذا عَلَويٌّ مُعْرِقُ *** وكلُّ لَهْوٍ دُنيوي مُوبِقُ

 

أي وإن يكن المنسوب إليه مقصورًا ثلاثيًّا كالفتى والعُلى أو رباعيًا ثانيه ساكن كدنيا وحُبلى أبدلت ألفه واوًا فتقول فتويٌّ وعلويٌّ ودنيويٌّ وحبلويٌّ.

 

فائدة: المراء: الجدال، والمناواة: المعارضة لأن النوى البعد، والمُعرق: بالعين المهملة الأصيل من قولهم أعرَقَتِ الشجرة إذا نفذت عروقها في الأرض، والموبق: المهلك.

 

تنبيه: عبارته توهم أن القلب في نحو دنيا واجب كألف المقصور الثلاثي وليس كذلك بل يجوز في ألفه الحذف كَدُنْيِيّ وحُبلي بل هو أفصح من القلب، ويجوز فيه أيضًا وجه ثالث وهو القلب مع إدخال ألف كدنياوي وحُبلاوي ولكنه ضعيف.

 

تنبيه ءاخر: لا يجوز في ألف المقصور الخماسي والسداسي كمصطفى ومستدعى إلا الحذفُ، ومن قال الهجرةُ المصطفوية فقط أخطأ، وكذا لو كان ثاني الرباعي متحركًا لم يجز في ألفه إلا الحذف كَجَمَزَى بالجيم والزاي لضرب من السير وسكت عنه الناظم.

 

تنبيه ءاخر: إذا كان ءاخر المنسوب إليه ياء مشددة فإن كانت رابعة فأكثر ككرسي وجب حذفها أو ثالثة كعليّ وعديّ، أو ثانية كحيّ وجب أيضًا قلبها واوًا فتقول علوي وعدوي وحيوي، وإنما جعلنا قول الناظم: “هذا علوي” مثالاً للمنسوب إلى العُلى ليطابق قوله: “وإن يكن مما على وزن فتى” مقصورًا.

 

تكملة: أجحف الشيخ في هذا الباب فترك أحكامًا كثيرة كالمنسوب إلى المنقوص وإلى الممدود وإلى ما ءاخرُهُ ياءٌ مشددة كما سبق وإلى فَعِيلَةَ وفُعَيْلَةَ وإلى المضاف وإلى الثلاثي المحذوف ءاخرُه وغير ذلك مع أنه بسط في التصغير، والحاجة في علم الإعراب إلى أحكام النسب أشد من التصغير لأن التصغير متمحض من علم التصريف. فأما المنقوص فالقول فيه قريب من المقصور، أي إن كانت ياؤه خامسة فأكثر كالمشتري والمستدعي حذفت، أو رابعة كالقاضي والمعطي جاز قلبها واوًا كقاضَوَيّ والحذف أجود، أو ثالثة كالشجي وجب قلبها واوًا كشجويّ، وأما الممدود فإن كانت همزته زائدة للتأنيث كصحراء وحمراء قُلبت واوًا كصحراوي، أو أصلية وجب إبقاؤها كقُرَّائي من القراءة، أو منقلبة عن أصل ككساء وبناء جاز فيه إبدالها كَكِساويّ والإبقاء أجود، وأما فَعيلةُ وفُعَيْلَةُ بفتح الفاء وضمها كحنيفة وجُهينة فالنسب إليهما فَعَليٌّ وفُعَليٌّ بحذف الياء مع تاء التأنيث، وأما المضاف فإن كان كنية كأبي بكر أو مصدرًا بابن كابن الزبير فالنسبة إلى عجُزِهِ فتقول بكري وزُبيري، وإن كان كامرئ القيس وعبد الله فالنسبة إلى صدره كامرئي وعبديّ إلا إذا خيف اللبس من حذف عجزه كعبد مناف وعبد الأشهل فالنسبة إلى عجزه كأشهليّ ومنافيّ، وربما ركبوا النسبة من الصدر والعجز فقالوا: عبشميّ وعبدريّ في النسبة إلى عبد شمس وعبد الدار. وأما الثلاثي المحذوف ءاخره كأب ودم فيرد إليه المحذوف كأبوي ودموي لقولهم في التثنية: أبوان ودموان، ويجوز في نحو: يد الر كيدوي وتركه كيديّ لأنهم لم يقولوا في تثنيته يَدْيان بل يدان بغير رد، وإذا نسبت إلى ثنائي الوضع فإن كان ثانيه حرف مد كَلَوْ ضاعفت ثانيه فقلت لَوّيٌّ، وإن كان صحيحًا كلم جاز التضعيف وتركه كَلِميّ والله أعلم.

 

وانْسُبْ أخا الحِرْفَةِ كالبقَّالِ *** ومَنْ يُضاهيهِ إلى فعَّالِ

 

أي ومما يقوم مقام ياء النسب وزن فعّال بتشديد العين ويختص غالبًا بأرباب الحرف كالبقال لمن يبيع البقل، وأما من يبيع البقول فبقليٌّ، والبزاز والعطار.

 

فائدة: الحرف: الصناعات يقال حرَفَ لعياله واحترف أي اكتسب وكسب، والمضاهاة: المشابهة ومنه قوله تعالى: {يُضاهِئونَ قَوْلَ الذينَ كفروا} [سورة التوبة/30].

 

تنبيه: ما سبق في الباب هو القياس وجاءت كلمات خارجة عن القياس فتحفظ ولا يقاس عليها كقولهم في النسب إلى اليمن يمانٍ بغير ياء وجعلوا الألف بدلاً عنها ولهذا لا يقال يمانيٌّ بإثبات الياء إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه، والقياس يمني، وإلى البحرين بحراني والقياس بحريٌّ لأن علامة التثنية والجمع المذكر السالم تحذف للنسب، وإلى صنعاء صنعاني والقياس صنعاوي كما سبق في صحراوي، وإلى الرب ومروازيّ ومروزيٌّ بزيادة الزاي والقياس رَيَويٌّ كحيويّ ومرْوِيٌّ، ويقولونَ للرجل المسن دُهريٌّ بضم الدال وللمعطل دَهري بفتحها على القياس للفرق بينهما.