والياءُ في القاضي وفي المُستَشْري *** ساكنةٌ في رَفْعِها والجَرّ
وتُفتَحُ الياءُ إذا ما نُصِبا *** نحوُ لقيتُ القاضيَ المُهَذَّبا
المراد بالمنقوص كلُّ اسم ءاخرُهُ ياءٌ خفيفة قبلها كسرة، فخرج بالخفيفة ياء النسب ونحوها كقرشي، وكرسي، وبكسر ما قبلها نحو: ظبي، فإنه كالصحيح كما سيأتي في قوله: “وكل ياء بعد مكسور” إلخ. وأما المنقوص كالقاضي والمشتري والمستشري والحامي والشجي فإن ياءه تكون ساكنة في حالتي الرفع والجر خاصة لاستثقال الضمة والكسرة عليها، فتقول: جاء القاضي، ومررت بالقاضي وذلك كالمستثنى من الإعراب بالحركات، وسمي منقوصًا لأنه نُقِصَ حركتين من حركات الإعراب أو لحذف ءاخره عند تنوينه كما سيذكره الناظم.
فائدة: المستشري اسم فاعل من استشرى إذا طلب شراء المتاع أو اشتد غضبه وكأنه من التشبيه بأسد الشَّرى كاستأسد إذا تشبه بالأسد، وأما نثبه فهو جار على القاعدة فتقول: لقيت القاضيَ، فتظهر الفتحة على الياء لخفتها. ثم هذا الحكم إنما هو في المنقوص المعرف باللام كما مثّل الناظم به، ومثله المضاف كجاء قاضي البصرة، ومررت بقاضي البصرة بسكون الياء، ورأيت قاضيَ البصرة بفتحها، وذلك حيث يسقط التنوين كما سبق فإن كان منكرًا فقد أشار إليه بقوله:
ونَوّنِ المُنكرَ المَنْقوصا *** في رَفْعِهِ وجَرّهِ خُصوصا
تقولُ هذا مُشترٍ مُخادعُ *** وافْزَعْ إلى حامٍ حِماهُ مانِعُ
أي إذا كان الاسم المنقوص منكرًا حذفت ياءه وأبقيت ما قبلها مكسورًا ونونته وذلك في رفعه وجره خاصة، فتقول: جاءني قاضٍ، ومررت بقاضٍ، ومثله هذا مشترٍ، وافزع إلى حامٍ، وأصله هذا قاضيٌ بضمتين على الياء في الرسم وهي في اللفظ ضمة وتنوين، كذا مررت بقاضيٍ بكسرتين فحُذفت الياء لكونها متطرفة حرفَ علة مع استثقال ذلك، فبقي التنوين على الحرف الذي قبلها وأبقَوه على كسرته ليدُلَّ على الياء المحذوفة، وأما نصبه فهو كالصحيح فتقول: رأيت قاضيًا، وتقف عليه أيضًا بالألف في حالة النصب كغيره إن كان مُنكرًا، وبسكون الياء إن كان معرّفًا، فإن وقفتَ على غير المنصوب منه سكّنتَ ياءه إن كان معرفًا نحو: جاء القاضي، ومررت بالقاضي، وحذفتَ الياء ثم سكنت ما قبلها أيضًا إن كان منكرًا فقلت: هذا قاضْ ومررت بقاضْ بسكون الضاد، ويجوز مثل ذلك في المعرَّف أيضًا كجاء القاض ومررت بالقاض وذلك قليل.
تنبيه: انتصب خصوصًا على الحال، والمراد بهذا التنوين تنوينُ العِوَضِ عن الياء المحذوفة ولهذا يدخل ما لا ينصرف كجوار وليال فلا يَرِدُ المنكَّر المنصوب، كرأيت قاضيًا، فإن تنوينه تنوينُ تمكينٍ لأنه حينئذ غيرُ منقوصٍ.
وهكذا تفعلُ في ياءِ الشَّجِي *** وكُلّ ياءٍ بعدَ مكسورٍ تَجِي
هذا إذا ما وَرَدَتْ مُخَفَّفهْ *** فافْهَمهُ عنّي فَهْمَ صافي المَعرفه
أي وهكذا تفعل في تسكين الياء في المعرفة في حالتي الرفع والجر وفتحها في النصب وتنوين المنكّر في رفعه وجرّه خاصة، وإثباتُ ياء المنصوب منه مفتوحة في كل اسم ءاخره ياء خفيفة مكسور ما قبلها، وهذا ضابط المنقوص كالشجي بخلاف قرشي وكرسي وظبي وجدي كما سبق ذكر ذلك. وقوله: وهكذا تفعل” تقديره: وتفعل مثلَ ذلك، فالكاف: نعتُ مصدر محذوف، وقوله: “هذا” مبتدأ محذوف الخبر أي هذا ثابت “إذا ما وردت” و”ما” زائدة.