الأحد ديسمبر 22, 2024

 

وإنْ أقمتَ الواوَ في الكلامِ *** مُقامَ مَعْ فانْصِبْ بلا ملامِ

تقولُ جاءَ البردُ والجِبابا *** واستوتِ المياهُ والأخشابا

وما صَنَعْتَ يا فتًى وسَعْدًا [1] *** فقِسْ على هذا تُصادِفْ رُشْدا

 

أي إذا دلت الواو على مجرد المعية من غير مشاركة في الفعل فانصب ما بعد الواو ويسمى المفعول معه كما مثّل به الناظم، فالواو في قوله: “والجبابا” بمعنى مع فلا تدل على مشاركة الجباب للبرد في المجيء، والمراد جبابُ النخل أي تلقيحُهُ، والجَبُّ: القطع، ويجوز فتح جيم الجباب وكسرها كما في الجَدّادِ والحصاد، وكذا الواو في قوله: “استوت المياه والأخشابا” أي مع الأخشاب إذ لم يصدر منها استواء يماثل المياه، بل المراد أن الماء بلغ في ارتفاعه إلى الخشب فاستوى معها بمعنى ارتفع كما في: {ثُمَّ استوى إلى السماءِ} [سورة البقرة/29] [2]، وكذا الواو في قوله: “ما صنعت يا فتى وسعدا” أي مع سعد إذ المقصود السؤال عن صنعه مع سعد، فلو قصد السؤال عن صنع كل منهما لقيل: ما صنعت يا فتى وسعد أي وما صنع سعد، فالواو حينئذ للعطف لدلالتها على مشاركة ما بعدها لما قبلها في الفعل.

 

[1] في نسخة: “وسُعدى”.

[2] ثم في قوله تعالى: {إنَّ ربَّكُمُ اللهُ الذي خلقَ السمواتِ والأرضَ في ستةِ أيامٍ ثمَّ استوى على العرشِ} [سورة الأعراف/54] ليست للترتيب في الحدوث والوقوع والحصول إنما هي للترتيب في الإخبار، أي أن هذه الآية تدل على أن الله يخبرنا بأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم يخبرنا بأنه قاهر للعرش الذي هو أعظم منهما، نظير ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ اللهُ شهيدٌ على ما يَفعلون} [سورة يونس/46]، مع أنّ شهادته أي اطلاعه وعلمه أزلي، قال الإمام الماتريدي في تأويلاته في تفسير قول الله تعالى: {ثم استوى على العرش} أي وقد استوى على العرش.