الأحد ديسمبر 22, 2024

وكُلُّ ما جاءَ منَ الأسماءِ *** عَقِيبَ فعلٍ سالمِ البِناءِ

فارْفَعْهُ إذْ تُعْرِبُ فهْوَ الفاعلُ *** نَحْوُ جرى الماءُ وجارَ العاذلُ [1]

 

أي والفاعل هو كل اسم جاء بعد فعل وقع منه، وهو أي ذلك الفعل سالمُ البناء [2] أي باق على صيغته الأصلية، واحترز بقوله: “سالم البناء” عما يبنى لما لم يسم فاعله فإنه يتغير بناؤه كما سيأتي، وإعراب الفاعل الرفع كما مثّل به الناظم، وأشار بالمثالين إلى أنه لا فرق بين الفاعل الحقيقي كجار العاذل، ودخل زيد مما يقع الفعل منه باختياره، والمجازي كجرى الماء، وسقط الجدار، ولا فرق بين الفعل المعتل والصحيح.

 

وبقوله: “عقيب فعل” إلى أنه لا يكون الفاعل إلا عقيب الفعل فلو تقدم الفاعل في المعنى على فعله، نحو زيد قام، وعمرو يقوم، انتقل من باب الفعل والفاعل إلى باب المبتدأ والخبر، لأنه حينئذ جملة اسمية فيٌقدر الفاعل في: قام ويقوم ضميرًا يعود إلى زيد يظهر في التثنية والجمع كقولك: الزيدان قاما والزيدون يقومون.

 

وَوَحّدِ الفعلَ معَ الجماعَهْ *** كقولِهِمْ سارَ الرجالُ السَّاعَهْ

 

أي ووحد الفعل إذا أسندته إلى فاعل ظاهر ولو كان مثنى أو مجموعًا كما توحّد مع المفرد فتقول: قال رجلان، وقال رجال، كما تقول: قال رجل، ولا تقل قالا رجلان، ولا قالوا رجال فهذا الإفراد واجب عند إسناد الفعل إلى الفاعل الظاهر فإن أسندته إلى ضمير اسم متقدم قلت: الرجلان قاما، والرجال قاموا.

وإنْ تَشأْ فَزِدْ عليهِ التاءَ *** نحوُ اشتَكَتْ عُراتُنا الشتاءَ

 

أي وإذا كان الفاعل جماعة فوحد الفعل كما سبق ثم إن شئت قلت: سار الرجال الساعة باعتبار المعنى، وإن شئت ألحقت به تاء التأنيث فقلت: سارت الرجال أي جماعة الرجال، ومثله: “اشتكت عراتنا الشتاء” وهم جمع عار عن اللباس بالمهملتين، ويجوز أن يقرأ بالمعجمتين جمع غاز في سبيل الله تعالى.

 

تنبيه: أطلق الناظم جواز إلحاق التاء لفعل الجماعة وذلك مقيد بجمع التكسير فقط كما مثل به بخلاف نحو: جاء المسلمون، فلا يجوز إلحاقه التاء وبخلاف نحوِ: جاءت المسلمات، فلا تحذف منه التاء غالبًا.

 

وتُلْحَقُ التاءُ على التحقيقِ *** بِكُلّ ما تأنيثُهُ حقيقي

قولِهِمْ جاءَتْ سُعادُ ضاحِكهْ *** وانْطَلَقَتْ ناقةُ هندٍ راتِكَهْ

 

أي ما سبق من التخيير في إلحاق الفعل تاء التأنيث إنما هو في فعل الجماعة كما سبق، وأما فعل المفرد المذكر فلا يجوز إلحاق فعله التاء فلا تقول: قامت زيد، والمؤنث إن كان تأنيثه مجازيًا جاز إلحاقه التاء ولم يلزم كطلعت الشمس وطلع الشمس، وإن كان حقيقيًا حيوانًا له فرج لزمت كما مثل به الناظم.

 

فائدة: قوله “وتُلحِق” هو بضم التاء وكسر الحاء ليناسب، “ووحّد”، ويجوز فتح الحاء بالبناء لما لم يسم فاعله، و”سعاد” غير منون لأنه لا ينصرف، و”راتكه” بالتاء المثناة فوق، يقال: رَتَكَ البعيرُ يرتُكُ كنَصَرَ ينصُرُ إذا انطلق راتكًا أي راكضًا محركًا أعجازه.

 

تنبيه: أطلق الناظم لزوم التاء فيما تأنيثه حقيق وهو مقيد بالفعل المتصل بفاعله كما مثّل به فإن انفصل عنه جاز حذف التاء نحو: أتى القومَ هندٌ، ومفهومه أنها لا تلزم في غير ذلك وليس كذلك بل تلزم أيضًا إذا كان الفاعل ضميرًا يعود إلى مؤنث متقدم وإن كان تأنيثه مجازيًا كالشمس طلعت فلا يجوز الشمس طلع.

 

تنبيه ءاخر: الحاصل أن التاء تلزم في موضعين حيث كان الفاعل حقيقي التأنيث واتصل بفعله كجاءت سعاد، أو ضمير مؤنثٍ يعود إلى متقدم وإن لم يكن حقيقي التأنيث كالشمس طلعت، ويجوز الحذف والإثبات حيث كان الفاعل جمعَ تكسير كسار الرجال، أو مفردًا غير حقيقي التأنيث كطلع الشمس أو منفصلاً عن فعله كأتى القومَ هندٌ، والرابع حيث كان الفعل نِعْمَ وبئس كنعم المرأة هند، ونعمت المرأة هند، ولم يذكره الناظم رحمه الله.

 

وتُكْسَرُ التاءُ بلا مَحالهْ *** في مثلِ قدْ أقْبَلَتِ الغَزالهْ

 

وقد سبقت الإشارة إلى شرح هذا البيت عند قوله: “وإن تلاه ألف ولامُ” لأنه من قاعدة التقاء الساكنين، ومنه: {قالَتِ الأعْرابُ} [سورة الحجرات/14].

 

فائدة: قوله: “بلا محاله” أي بلا مانع، والغزال: الظبي كما سبق في مثال: أقبل الغلام كالغزال، ولا يقال الغزالة بالهاء إلا للشمس ففي تمثيله نظر.

[1] وفي نسخة: “العامِلُ”، والعاذل: اللائم، من لام يلوم.

[2] أي سالم من التغيير.