السبت ديسمبر 21, 2024

هذا وإنْ في الشرطِ والجزاءِ *** تنَجزِمُ فِعْلَينِ بلا امْتراءِ

وأختُها أيٌّ ومَنْ ومهما *** وحيثُما أيضًا وما وإذما

وأينَ مِنْهُنَّ وأنَّى ومتى *** فاحْفَظْ جميعَ الأدواتِ يا فتى

وزادَ قومٌ ما وقالوا إمَّا *** وأيْنَما كما تَلَوا أيَّاما

تقولُ إن تخرجْ تُصادِفْ رُشدا *** وأينما تذهَبْ تُلاقِ سَعدا

ومَنْ يَزُرْ أزُرهُ باتّفاقِ *** وهكذا تصنعُ في البواقي

فهذهِ جوازِمُ الأفعالِ *** جَلَوْتُها مَنظومةَ اللآلي

فاحفَظْ وُقيتَ الشرَّ ما أملَيتُ *** وقِسْ على المذكورِ ما ألغيتُ

 

أي أن الجوازم نوعان: نوع يجزم فعلاً واحدًا وهو الأربعة الأحرف السابقة وإليه الإشارة بقوله: “هذا” أي هذا المذكور نوع من الجوازم، ونوع يجزم فعلين وهو أدوات الشرط والجزاء العشرة المذكورة، فالأول إن الشرطية المكسورة المخففة وهي أمُّ الباب نحو قوله تعالى: {وإن تُبْدوا ما في أنفُسكم أوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُم بهِ الله} [سورة البقرة/284]، ومثّل لها بقوله: “إن تخرج تصدف رشدا”، الثانية أيُّ المشددة نحو: أيّ يكرمني أكرمْه، وأيا تصحبْ أصحبْ، الثالثة من نحو قوله تعالى: {مَنْ يَعمَلْ سُوءًا يُجزَ بهِ} [سورة النساء/123]. ومثّل لها بقوله: “ومن يزر أزره”، الرابعة مهما وهي بمعنى ما نحو: {مهما تأتِنا بهِ} [سورة الأعراف/132] الآية، الخامسة حيثما نحو: حيثما تكن يأتك رزقك، ومنه قول الشاعر:

 

حيثما تستقمْ يقدّرْ لك الله *** نجاحًا في غابر الأزمانِ

 

أي فيما بقي منها، السادسة ما نحو: {وما تفعلوا مِنْ خيرٍ يَعلمْهُ الله} [سورة البقرة/197]، السابعة إذما نحو: إذما تزرني أكرمْك، ومنه قول الشاعر:

 

فإنك إذما تأت ما أنت ءامرٌ *** به تُلفِ مَنْ إياهُ تأمُرُ ءاتيا

 

الثامنة أين نحو: أين تذهب أذهب معك، التاسعة أنّى نحو: أنى تقم أقم معك، العاشرة متى نحو: متى تزرني أكرمك، وقد مثّل الناظم لإن وأينما ومن، وقال اصنع في البواقي هكذا ليتمرن الطالب على استخراج التمثيل، وذكر أنه يجوز أن تزاد “ما” على أدوات الشرط نحو: {وإمّا نُرِيَنَّكَ} [سورة يونس/46] أصله وإن ما، ونحو قوله تعالى: {أينَ ما تكونوا} [سورة البقرة/148]، ونحو: {أيًّا ما تَدْعُوا} [سورة الإسراء/110].

 

تنبيه: عبارته توهم أنه يجوز أن يزاد ما على الأدوات كلها وليس كذلك بل فيه تفصيل، فأربعة يُمنع زيادة “ما” عليها، وأربعة يجوز، واثنان يجب، فإنها لا تزاد على مَن وما ومهما وأنّى، والجواز أيضًا إنما هو في: إنْ وأيّ وأين ومتى، وأما حيثما وإذما، فزيادة “ما” عليهما شرط لعملهما الجزم كما أوردهما الناظم.

 

تنبيه: اعلم أن أنْ الشرطية حرف اتفاق، وكذا إذ ما عند سيبويه وابن مالك وأتباعه، بعد أن سُكّنت إذ الدالة على الظرفية لمّا تركبت مع ما، وسائر الأدوات أسماء ضُمنت معنى الشرط مع دلالة متى وأنى وأين وحيثما على الظرفية، وتمحض أيٌّ ومن ومهما للاسمية، وكلها إنما تجزم الفعلين المضارعين لأنه الذي يظهر فيه الجزم بشرط أن لا يبنى نحو: النوقُ يسرحن ولم يسرحن، فلو كانا ماضيين أو أحدهما بقي على حاله وكان مجزوم المحل نحو قوله تعالى: {وإنْ عُدتُمْ عُدْنا} [سورة الإسراء/8]، وقد يكون الجزاء جملة اسمية نحو: ومَنْ يَتَوكَّلْ على اللهِ فهوَ حسبُهُ} [سورة الطلاق/3]، و”جلوتها”: أي أوضحتها، وشبهها باللآلئ المنظومة، وأمر الطالب بحفظ إملائه والقياس على ما ألغاه أي قياسِ ما أهمل ذكرَهُ على ما ذكره.