الخميس نوفمبر 21, 2024

وإنْ تُرِدْ تصغيرَ الاسمِ المُحْتَقَرْ *** إمَّا لِتَهْوانٍ وإمَّا لِصِغَرْ

فضُمَّ مَبْداهُ لهذي الحادثهْ *** وزِدهُ ياءً لتكونَ ثالثهْ

تقولُ في فَلْسٍ فُلَيْسٌ يا فتَى *** وهكذا كلُّ ثُلاثِيّ أتى

أي وإذا أردت تصغير الاسم إما لإهانته أي تحقيره وإن كان كبيرًا كجُميل في جمل بالجيم وإما لكونه صغيرًا أي في نفسه كطُفيل، فضم مبدأه أي أوّله لهذه الإرادة الحادثة لك وزده ياء بعد ثانيه لتكون ثالثة وذلك بعد فتح ثانيه فيكون وزنه فُعَيل، وهذا الوزن مطّرد في كل اسم ثلاثي سواء كان مفتوحَ الأول كفلس أو مكسورَهُ كحِبر أو مضمومه كقُفل ساكن الوسط كما مثلنا به، أو محركًا كعُمَرَ ورجلٍ وصُرَدٍ وعُنُقٍ وعنَبٍ وإبل وهذه العشرةُ الأوزان تصغر كلها على فُعَيل.

 

وإنْ يَكُنْ مؤنَّثًا أرْدَفتَهُ *** هاءً كما تُلحقُ لوْ وَصَفتَهُ

فصَغّرِ النارَ على نُوَيرهْ *** كما تقولُ نارُهُ مُنِيرَهْ

وصَغّرِ القِدرَ فَقُلْ قُدَيرهْ *** كما تقولُ قِدْرُهُ كَبيرهْ

 

أي وإن يكن الاسم الثلاثي مؤنثًا عاريًا عن تاء التأنيث كنار وقدر وعين وأذن ويد ورجل وكتف وكبد وساق وقدم أردفته أي ألحقته في تصغيره تاءَ التأنيث كما تُلحق التاء في الوصف لأن التصغير نوع من الوصف، فتقول: نويرة وقديرة، كما تقول: نارُهُ منيرة، وقدره كبيرة، وهكذا الباقي، واحتُرزَ بالثلاثي عن الرباعي كزينب وعقرب، فإن التاء لا تلحقه في التصغير وإن لحقته في الوصف.

 

تنبيه: ما ذكره الناظم من وجوب إلحاق التاء في التصغير مشروط بأن لا يؤدي إلى اللبس فإن التبس لم تلحقه كَخَمْس في العدد المؤنث وشجر وبقر ونحو ذلك من أسماء الجنس الذي لا يُفرَقُ بينه وبين واحده إلا بالتاء فيقال فيه: خُمَيس وشُجير وبُقير بلا هاء، إذ لو قيل خميسة وبقيرة لالتبس بتصغير خمسة للعدد المذكور وشجرة وبقرة في الواحد.

 

تنبيه ءاخر: قد جاءت ألفاظٌ من المؤنث الثلاثي العاري عن تاء التأنيث مصغرة من غير إلحاق تاء التأنيث مع عدم اللبس فتحفظ ولا يقاس عليها كحرب ودرع وقوس وفرس وإبل وذودٍ، لما بين الثلاث إلى العشر من الإبل ونابٍ للمسنة من الإبل وعُرس وغَرْب للدلو الكبير، فيقال: حُرَيبٌ ودُريع وقُويس، وهكذا الباقي والقياس إلحاق التاء بها كما تُلحق بها في الوصف في قولهم: حرب كريهة، و:درع سابغة ونحو ذلك.

 

وصَغّرِ البابَ فقُل بُوَيبُ *** والنَّابُ إنْ صَغَّرتهُ نُيَيْبُ

لأنَّ بابًا جَمْعُهُ أبوابُ *** والنابُ أصلُ جمعِهِ أنيابُ

 

أي إذا صغرت الثلاثي الذي ثانيه ألف قلبتها واوًا إن كانت منقلبة عن واو كباب، وياء إن كانت منقلبة عن ياء كناب للضرس فتقول: بويب ونييب، لأن أصل باب بالباء الموحدة بَوَبٌ محركًا، وأصل ناب بالنون نَيَبٌ محركًا أيضًا، لأن قاعدة التصريف أن الواو والياء إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما قلبتا ألفًا، فإذا صُغر الاسم وضُم أوله زال السبب الموجب لقلبهما وهو انفتاح ما قبلهما فتُرد الألف التي أصلها الواو واوًا والألفُ التي أصلها الياء ياء كما يُرَدُّ كل منهما إلى أصله في جمعه لزوال السبب المذكور فيقال أبواب وأنياب.

 

تنبيه: يقال في نحو: ثوب وبيت ثُوَيب وبُيَيْت بلا قلب، بخلاف ريح وقيمة فيقال فيهما: رُوَيحٌ وقُوَيمَةٌ، ويجوز كسر الأول من بِييت وعِيينة، ولما انتهى تصغير الثلاث ذكر ما زاد عليه بقوله:

وفاعِلٌ تصغيرهُ فُوَيْعِلُ *** كقولِهِم في راجِلٍ رُوَيجِلُ

 

أي وكل اسم رباعي بالزيادة ثانيه ألفُ فتصغيره فويعل بقلب ألفه واوًا لانضمام ما قبلها كرويجل في راجل بالحاء أو بالجيم وفويرس في فارس وعويمر في عامر.

 

تنبيه: أما الرباعي المجرد كجعفر فتصغيره على: فعيعل كجعيفر، ولم يذكره الناظم.

 

وإنْ تَجِدْ [1] مِنْ بعدَ ثانيهِ ألِفْ *** فاقْلِبْهُ ياءً أبدًا ولا تَقِفْ

تقولُ كمْ غُزَيِّلٍ ذَبَحتُ *** وكمْ دُنَيْنِييرٍ بهِ سَمَحْتُ

أي وإن تجد الألف من بعد ثاني الاسم الزائد على الثلاثة سواء كانت ثالثة: كغزال وغراب وكتاب، أم رابعة: كدينار ومثقال فاقلب ذلك الألف ياء بعد زيادة ياء التصغير ثالثة له “ولا تقف” أي ولا تتوقف فتقول، غزيل بإدغام الياء المبدلة من الألف في ياء التصغير و”دنينيير” بياءين أولاهما ياء التصغير والثانية المبدلة من الألف.

 

تنبيه: لا يختص فويعل أو فعيل بالتشديد، وفعيعل بما ثانيه أو ثالثه أو رابعه ألف بل وما ثانيه أو ثالثه أو رابعه واو أو ياء كجوهر وزينب ومحمود وسعيد ومنصور ومسكين، كذلك فيقال جُوَيهِرٌ وسُعيّدٌ ومُسَيْكين بقلب الواو والياء ياء.

 

وقُلْ سُرَيحِينٌ لسرحانٍ كما *** تقولُ في الجمعِ سراحينُ الحِمَى

ولا تُغَيّرْ في عُثَيمانَ الالفِ *** ولا سُكَيْرانَ الذي لا ينصرفْ

 

أي وإذا صغرت ما جاء على وزن فعلان [2] فإن كان مما ينصرف اسمًا كان كسرحان بمهملتين للذئب وسلطان وشيطان، أو وصفًا كنَدمان، قلبت ألفه ياء، فتقول: سريحين، كما تقول في جمعه: سراحين مُكَسَّرًا، وإن كان مما لا ينصرف علمًا كان كعثمان وعمران، أو وصفًا مؤنثُهُ فعْلى كسكران وغضبان، لم تغير ألفه لتبقى على منع الصرف فتقول: عثيمانُ وسكيرانُ.

 

وهكذا زُعَيْفرانُ فاعْتَبِرْ *** بهِ السُّدَاسياتِ وافْقَهْ ما ذُكِرْ

 

أي وهكذا لا يُغيرُ ألفُ الاسم السداسي المزيد في ءاخره ألف ونون وإن كان مصروفًا كزعفران، واعتبر به السداسيات أي قسها، والمراد ما قبل الألف والنون وفيه أربعة أحرف كمرطبان فتقول: زعيفران ومُريطِبان.

 

وارْدُدْ إلى المحذوفِ ما كانَ حُذِفْ *** منْ أصلِهِ حتى يعودَ مُنتَصِفْ

كقولهم في شَفَةٍ شُفَيهَهْ *** والشاةُ إنْ صَغَّرتها شُوَيهَهْ

أي وإذا أردت تصغير الاسم الثنائي بالحذف رددت إليه ثالثه المحذوف مذكرًا كان كدم وأب وأخ، أو مؤنثًا كيد وشفة وشاة، فتقول: دُمَيٌّ وأُبَيٌّ وأُخَي ويُدَيَّةٌ وشُفَيهَةٌ وشُوَيْهَةٌ، وإنما ردوا إليه ثالثه المحذوف ليُمكنَ منه بناءُ فُعيل فيصير رباعيًا بياء التصغير ولعله المعنيُّ بقوله: “حتى يعود منتصف” أي رباعيًا له نصفٌ صحيحٌ لأنه أقل أبنية التصغير.

[1] في نسخة: “يكن”.

[2] بكسر وضم وفتح فائه.