الأحد ديسمبر 22, 2024

والأمرُ مبنيٌّ على السكونِ *** مثالُهُ احْذَرْ صفقةَ المَغبونِ

 

أي والقسم الثاني من أقسام الفعل وهو الأمر، واستغنى الناظم عن تعريفه بعلامةٍ بما سبق من قوله: “أو كان أمرًا ذا اشتقاق” نحو قل، وأحسن علاماته أن يقبل ياء المؤنث كقولك: اركعي واسجدي واعبدي وهو مبني على السكون، كقولك: ادخل، وأكرم زيدًا وانطلق، واستخرج، و”احذر صفقة المغبون”، أي بيعته لأنهم يصفقون بيد البائع على يد المشتري.

 

تنبيه: ما ذكره من بناء الأمر على السكون مقيد بما إذا لم يَلِهِ ساكن

 

كلام التعريف فإنه يكسر، وبما إذا لم يكن ءاخره حرف علة فإنه يبنى على حذف ءاخره، وقد أشار إلى الأول بقوله:

 

وإنْ تَلاهُ ألفٌ ولامُ *** فاكْسِرْ وَقُلْ لِيَقُمِ الغُلامُ

 

أي وإذا تلا فعل الأمر ءالةُ التعريف السابقةُ وجب كسر ءاخره، فتقول: قم الليل وصم النهار، لأن ألف الوصل تسقط في الدرْج، فالتقى حينئذ ساكنان لامُ التعريف الساكنة مع سكون ءاخر فعل الأمر فلا يمكن النطق إلا بتحريكه.

 

تنبيه: في تمثيله بقوله: “ليقم الغلام” تسامح لأنه مضارع مجزوم بلام الأمر لا فعل أمر، ثم ما يذكره من كسر ءاخر فعل الأمر إذا تلاه ألف ولام لا تختص بفعل الأمر ولا بلام التعريف بل هي قاعدة عند التقاء الساكنين مطلقًا نحو: {لمْ يكُنِ الذينَ} [سورة البينة/1]، وكمِ المال، و{قالتِ امرأتُ العزيزِ} [سورة يوسف/51] و: {يَسْئلونَكَ عنِ الخمرِ والمَيْسِر} [سورة البقرة/219] وسيأتي في قوله في باب الفاعل: “وتكسر التاء بلا محاله” وكذا قوله في الجزم: “فليس غير الكسر والسلام”، وربما فتحوا ءاخر الأول نحو: ومِنَ الناس، أو ضمّوه نحو: {أوِ انقُص منهُ قليلاً} [سورة المزمل/3] وأشار إلى القيد الثاني بقوله:

 

وإنْ أمَرْتَ مِنْ سَعَى ومِنْ غدَا *** فأسْقِطِ الحرفَ الأخيرَ أبدَا

تقولُ يا زيدُ اغْدُ في يومِ الأحدْ *** واسْعَ إلى الخَيراتِ لُقِّيتَ الرَّشَدْ

وهكذا قولُكَ في ارمِ مِنْ رمى *** فَاحْذُ على ذلكَ فيما استَبْهَما

 

أي إذا أمرت من فعل ءاخر مضارعه ألف كيسعى ويخشى، أو واو كيغدو ويدعو، أو ياء كيرمي ويقضي، فأسقط الحرف الأخير منه وهو حرف العلة مع بقاء الفتحة التي قبل الألف، والضمة التي قبل الواو، والكسرة التي قبل الياء، فتقول: يا يد اغد وادع واسع واخش وارم واقض، وقس على ذلك.

 

فائدة: قوله: “من سعى” أي من لفظ فعل مثل: سعى، فحرف الجر داخل على اسم مقدر، وكذا “من غدا” و”من رمى” وإنما مثلنا بمضارع هذه الأفعال لأن الأمر مأخوذ منه. و”الرشد” الهدى ويجوز ضم الراء مع سكون الشين كما سبق في قوله: “اسمع هديت الرشد”، وقوله: “فاحذ” بمعنى قِس وأصله تقدير الطبقات الحِذاء على مقدار واحد، و”استبهم” بفتح التاء والهاء مبني للفاعل أي أشكل.

 

والأمرُ منْ خافَ خَفِ العِقابا *** ومِنْ أجادَ أجِدِ الجَوابا

وإنْ يَكُنْ أمْرُكَ للمُؤنَّثِ *** فقُل لها خافي رجالَ العَبَثِ

 

أي وإذا أمرت من فعل قبل ءاخر مضارعه حرفُ علة كيخاف ويقول ويبيع، أسقطت حرف العلة أيضًا فتقول: خف وقل وبع وأجد الجواب، وهذا إذا أمرت الواحد المذكر لأنه يلتقي حينئذ ساكنان، وهما ءاخرُ فعل الأمر مع سكون حرف العلة قبله فيحذف حرف العلة، فلو أمرت المؤنثة لم تحذف حرف العلة لأن ءاخر فعل الأمر معها متحركٌ بالكسرة التي قبل ياء المؤنثة، فتقول: خافي وقولي وبيعي وأجيدي الجواب.

 

فائدة: “العبث” اللعب يقال: عَبِثَ يَعبَثُ كلَعِبَ يَلعَبُ.

 

تنبيه: إذا اتصل بفعل الأمر نون النسوة حذف له أيضًا حرفُ العلة التي قبل الآخر لالتقاء الساكنين، أعني ءاخر الفعل مع حرف العلة فتقول: خَفن، وقلن، وبعن، وأجدن الجواب، وإذا اتصل به ألف التثنية أو واو الجمع لم يحذف منه حرف العلة الذي قبل ءاخره لتحرك ءاخر الفعل فيهما، فتقول: خافا، وقولا، وبيعا، وأجيدا الجواب، وكذا خافوا، وقولوا، وبيعوا، وأجيدوا، ومحل هذا على التصريف، إذ ليس مثلُ هذا من علم الإعراب.