الأربعاء ديسمبر 4, 2024

بابٌ فيهِ (ذِكرُ قُدُومِ ضِمَادِ) بكَسر الضّادِ (ابنِ ثَعْلَبةَ) الأَزْدِيِّ على النّبيّ ﷺ وخبَرِ إسلامِه وخُطبَتِه عِندَه ﷺ

173-        

ثُـمَّ أَتَـى ضِـمَـادُ وَهْـوَ الأَزْدِيْ

 

لِيَسْــتَـبِـيـنَ أَمْـرَهُ بِالـنَّـقْـدِ

174-        

مَا هُوَ إِلَّا أَنْ مُحَـمَّـدُ اخْـتَـطَـبْ

 

أَسْـلَـمَ لِلْوَقْـتِ بِصِـدْقٍ وَذَهَبْ













(ثُمَّ أَتَى) إلى رسولِ الله ﷺ وافِدًا (ضِمَادُ) بنُ ثَعْلَبةَ (وَهْوَ الأَزْدِي) رَجُلٌ مِن أَزْدِ شَنُوءَةَ قَبِيلةٍ مَعرُوفةٍ باليَمَن، وكان ضِمادُ صاحِبًا للنّبيّ ﷺ في الجاهلِيّة يُطَبِّب ويَرقِي، فَقَدِم مَكَّة (لِيَسْتَبِينَ) أي يَطَّلِعَ (أَمْرَهُ) أي أَمْرَ النَّبِيِّ (بِالنَّقْدِ) أي بفَحصِ ما انتُقِد به النَّبِيّ مِن قِبَل المشرِكِين، وذلك أنه سَمِع مِن سُفهاءِ مَكَّةَ يَقُولون: “مُحَمَّدٌ مَجنُونٌ”، فقال: “ءاتِي هذا الرَّجُلَ لعَلَّ اللهَ أنْ يَشْفِيَه على يَدِي”، فلَمّا جاءَهُ قال: إنِّي أَرْقِي مِن هذِه الرِّياحِ، وإِنَّ اللهَ يَشْفِي علَى يَدِي مَن شاءَ فَهَلُمَّ([1])“.

فـ(ـمَا هُوَ) أي لَم يَكُنِ الشّأْنُ (إِلَّا أَنْ) رسولُ اللهِ (مُحَمَّدٌ) (خَطَبَ) عَقِبَ قولِ ضِمادٍ قائلًا: «إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» ثَلاثَ مَرّاتٍ، فقال ضِمادٌ: واللهِ لقَد سَمِعتُ قولَ الكَهَنةِ وقولَ السَّحَرةِ وقولَ الشُّعَراءِ، فما سَمِعتُ مِثلَ هؤلاءِ الكَلِماتِ، فـ(ـأَسْلَمَ) ضِمادٌ (لِلْوَقْتِ) أي في الحالِ (بِصِدْقٍ) وإِخلاصٍ مُبايِعًا النَّبِيَّ ﷺ، فبايعَه رسولُ الله ﷺ وقال له: «وَعَلى قَومِكَ؟» فقال: وعلَى قَومِي. (وَ)أَقَامَ بعدَ ذلكَ ضِمادٌ معَ رسولِ اللهِ ﷺ وتعَلَّمَ سُوَرًا كثيرةً مِن القُرءانِ([2]) ثُمّ (ذَهَبَ) بعدَ ذلك إلى قَومِه

ليبلِّغَهُم بَلاغَ رسولِ الله ﷺ.



([1])  أي أَقْبِلْ.

([2])  إمتاع الأسماع، تقي الدين المَقرِيزي، (4/350).