الْمُهَيْمِنُ: أيِ
الشاهدُ على خلقِهِ بما يكونُ منهم مِنْ قولٍ أو فعلٍ أو اعتقادٍ ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲨ ﲱﱠ([1])
وقالَ اللهُ تعالى: ﱡﭐﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴﲵﱠ([2])، فكلُّ لفظٍ نقولُه وكلُّ فعلٍ نفعلُه وكلُّ عزمٍ نعزمُ
عليهِ فاللهُ تعالى يعلمُه لا تخفى عليهِ خافيةٌ فقدْ
ﭧﭐﭨﭐ ﱡﭐ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ
ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡﱠ([3]).
وقد نقلَ القرطبيُّ مِنْ شعرِ أميةَ بنِ أبي الصلتِ ([4])
حيث قالَ: (الطويل)
مَلِيكٌ عَلَى
عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ |
¯¯ |
لِعِزَّتِهِ
تَعْنُو الوُجُوْهُ وَتَسْجُدُ |
وَبعضُ
الناسِ يتهاونونَ بالكلامِ حتَّى إنَّهُ يخرجُ مِنْ بعضِهِم ألفاظٌ كفريةٌ ولَا
يرونَ ذلكَ الكلامَ ذنبًا فضلًا عن كونِه كفرًا، هُم يظنونَ أنَّ اللهَ تعالى لا
يحاسبُهم على ذلكَ لكنْ وردَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: ((إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالْكَلِمَةِ لَا
يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيْفًا فِي النَّارِ)) ([5]).
فاللهُ يعلمُ قولَك وفعلَك واعتقادَك فليكنْ عملُكَ وقولُك واعتقادُك موافقًا
للشرعِ، واحذرِ الأقوالَ والأفعالَ والاعتقاداتِ المخالفةَ للشريعةِ أوِ المخرجةَ
مِنْ دينِ الإسلامِ ([6]).
فاللهُ تعالى مهيمنٌ شاهدٌ على خلقِه ومَا
يصدرُ منهم، فينبغي لِمَن عرفَ هذا أنْ يخافَ اللهَ تعالى ولا يُعَلِّقَ قلبَه
بالدنيا، وأنْ يحاسِبَ نفسَه قبلَ أنْ يُحاسَبَ، وأنْ يَزِنَ أعمالَه قبلَ أنْ
توزَن عليهِ، ولا يطلقَ لنفسِه الأملَ في هذهِ الدنيا، بلْ أنْ يكونَ أملُه قصيرًا
وعملُه كثيرًا وحسابُه لنفسِه متكررًا، فمنْ كانَ هذا حالَه فهوَ يَقِظٌ تَقِلُّ
زلاتُهُ وتَحْسُنُ أعمالُهُ، ومَنْ نَسيَ أَنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ عليهِ تجدُه
منغمسًا بالمحرماتِ منطلقًا في الرذالاتِ كثيرَ الزلاتِ والعياذُ باللهِ، وقدْ
قالَ النبيُّ ﷺ
عنِ الإحسانِ: ((أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَم تَكُنْ
تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)) ([7])،
وقالَ الإمامُ مالكٌ رحمَه اللهُ: “وليسَ مَنْ يَخشى اللهَ كَمَنْ لا
يَخشاهُ” ([8]).
وقدْ قيلَ ([9]):
(الكامل)
مَنْ لَمْ يَكُنْ بِالشَّرْعِ مُقْتَدِيًا
فَقَدْ |
¯¯ |
أَلْقَاهُ فَرْطُ الجَهْلِ فِي التَّضْلِيْلِ |
([4]) قال النووي: أمية بن أبي الصلت الكافر، مذكور في المختصر والمهذب
في الشهادات سمع النبيُّ ﷺ شعره الذي فيه حكمة، واسم أبي الصلت عبد الله بن ربيعة،
كان أمية يتعبد في الجاهلية ويؤمن بالبعث، وينشد في أبياته الشعر المليح، وأدرك
الإسلام ولم يسلم.اهـ تهذيب الأسماء واللغات للنووي ج1 ص 135، وقد روى أحمد عن النبي ﷺ أنه قال عنه: ((كَادَ أَنْ يُسْلِمَ)) مسند أحمد ج5 ص527.
([6])وقد سبق بيانها
بتفصيلها عند شرح اسم الله الرحمن، وبيان أن الرجوع للإسلام يكون بالنطق
بالشهادتين لا بغيره من الأعمال الصالحة فانظره.
([9]) وقائل هذا البيت كما في طبقات الشافعية الكبرى القاضي أبو حامد
قاضي القضاة بالموصل كمال الدين الشهرزوري الشافعي أثنى عليه العماد وأنشد له من
شعره في الرد على المجسمة: (الكامل)
قامت
بإثبات الصفات أدلـة ****** قصمت ظهـور أئمة التعطـيل
وطــلائع
التنزيه لما أقبـلت ****** هزمت ذوي التشبيه والتمثيل
فالحق ما صرنا إليـه جميعنا ****** بـأدلــة
الأخــبـار والتـنزيـل
من
لم يكن بالشرع مقتديا فقد ** ألقاه فرط الجهل في التضليل انظر طبقات الشافعية الكبرى ج 6 ص 186