الْمُقْتَدِرُ:
هوَ القادرُ الذي لا يمتنعُ عليهِ شىءٌ
ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﱠ([1])
وقالَ
اللهُ تعالى: ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ([2]) ﱤ ﱥ ﱦ ﱠ([3]) فاللهُ
تعالى لا يمتنعُ عنهُ شىءٌ ولا يعجِزُهُ شىءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ.
دَعْوَةٌ لِلْتَفَكُّرِ فِي آثَارِ
قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى:
اللهُ
تعالى العظيمُ القادرُ لَا إلهَ إِلَّاهوَ ينبغي علينَا أنْ نتفكرَ في عظيمِ قدرتِهِ
وننظرَ في ملكوتِهِ، فبالنظرِ بعينِ الاعتبارِ في الخلقِ تستدلُّ على الخالقِ، مَنْ
تَبَصَّرَ في الكونِ وجدَ آياتٍ وعلاماتٍ وإشاراتٍ تدلُّ على أنَّ اللهَ هوَ
الخالقُ الذي يجبُ علينَا أنْ نعبدَه ونُعَظِّمَهُ ونؤمنَ بهِ وبصفاتِه كالعلمِ
والسمعِ والقدرةِ والإرادةِ والحياةِ وأَنَّه مُنزهٌ عنْ مشابهةِ الخلقِ كلامُه
ليسَ ككلامِ البشرِ، البَشرُ يتكلمونَ بالحرفِ والصوتِ المخلوقِ وكلامُ اللهِ
تعالى ليسَ بحرفٍ ولا صوتٍ ولايشبِهُ كلامَ البشرِ وكذا سَمعُه وبصرُهُ وحياتُهُ
وبقائُه وسائرُ صفاتِه، جلَّتْ عظمتُهُ وتنزَّهَ عنْ كلِّ ما لا يليقُ بهِ، فَمَنْ
نظرَ في السماءِ وعِظَمِ خلقِها ونظرَ في الأرضِ وانبساطِها وتفكرَ في الجنةِ
واتساعِها وكثرةِ نعيمِها وتذكرَ النارَ وشدةَ عذابِها، وسمعَ وصفَ الزبانيةِ
فيهَا ووصفَ دركاتِها، علمَ أَنَّ لهذا الخلقِ ربًّا قادرًا عليهِ لَا يعجِزُهُ
شىءٌ في الأرضِ ولَا في السماءِ، ومَنْ قرأَ السيرَ والتاريخَ وأخبارَ القرونِ
الماضيةِ ومشى على هذهِ الأرضِ متفكرًا بهذَا متدبرًا بهِ، يسألُ نفسَهُ: أينَ
شدادُ وأينَ عادٌ؟ أينَ فرعونُ وأينَ قارونُ؟ أينَ الجبابرةُ الذينَ طَغَوا في
البلادِ؟ أينَ الذينَ قالَ عنهُم ربُّنا في القرآنِ العظيمِ: ﭐﱡﭐ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷﱸﱠ([4])
أينَ الذينَ ضربُوا الأرضَ بأرجُلِهم متكبرينَ على خلقِ اللهِ، أينَ الذينَ مَشَوا
على ظهرِ الأرضِ ونَسوا أَنَّهم سينزلوَن بطنَها منهم مَنْ دَكَّتْهُ الأرضُ
ومنهُم مَنْ أَخَذَتْهُ الصيحةُ، ومنهُمْ مَنْ أدركَهُ الغرقُ ومنهُمْ مَنْ
خُسِفَتْ بِهِ الأرضُ، واقرأْ إنْ شئتَ قولَهُ تعالَى: ﱡﭐﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﱁ ﱂ ﱃﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱠ([5])
بماذا تعلَّقُوا؟ وعلى أيِّ شىءٍ
اتَّكَلُوا؟ ونَسوا أَنَّ اللهَ خلقَهم وأَنَّهُ قادرٌ عليهِمْ، وبيدِهِ ملكوتُ
كلِّ شىءٍ وهوَ يقضي بالحقِّ، ومشيئَتُهُ نافذةٌ في خَلْقِهِ، هوَ القادرُ
المقتدرُ الذي لا يلحقُ قدرتَه عجزٌ سبحانَه، تعلقُوا بأوهامِهِم، ومَشوا وراءَ
شهواتِهم وغَرَّتْهُمُ الأمانيُّ، إِنَّما تعلقُوا بشىءٍ لا يصحُّ التعلقُ بهِ،
هوَ أضعفُ ممَّا ظنُّوا، وفي ذلكَ قالَ تعالَى:ﭐﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﱠ([6])،
وبعدَ كلِّ هذهِ الآياتِ، يأتي قولُه
تعالَى ليذكِّرَنا بأَنَّ اللهَ خالقٌ قادرٌ مقتدرٌ، لا يُعجزُه شىءٌ في الأرضِ
ولا في السماءِ، ﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﱠ([7])،
على هذا يا عبدَ اللهِ تفكرْ في خلقِ
اللهِ، لتذكرَ وتتذكرَ إشاراتٍ وعلاماتٍ ودَلالاتٍ تدلُّ على عظمةِ اللهِ تعالَى،
فيزيدَ بعدَ ذلكَ إيمانُك ويقوى يقينُكَ والتزامُكَ بأحكامِ شرعِ ربِّكَ عزَّ
وجلَّ.
دُعَاءٌ:
اللَّهُمَّ يَا قَاْدِرُ يَا مُقْتَدِرُ اجْعَلْنَا مِنَ الذينَ يَعْتَبِرُوْنَ
بِغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ بِأَنْفُسِهِمْ.