الْمُغْنـِيْ: هوَ
الذي جَبَرَ مفاقِرَ الخلقِ وساقَ إليهم أَرزاقَهُم قالَ تعالى: ﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕﱠ([1])،
قالَ
البَيْهَقِيُّ: “المغني: قالَ أبو سليمانَ هوَ الذي جبرَ مفاقرَ الخلقِ وساقَ
إليهم أرزاقَهم فأغناهُم عمَّا سواهُ كقولِه عزَّ وجلَّ: ﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕﱠ ويكونُ المغني بمعنى الكافي مِنَ
الغناءِ”([2]).اهـ
فاللهُ
تعالى يرزقُ مَنْ يشاءُ بغيرِ حسابٍ، فَمَنْ رزقَهُ اللهُ الإيمانَ وخسِرَ الدنيا
فكأنما لم يخسرْ شيئًا، ومَنْ رُزِقَ الدنيا وخسرَ الإيمانَ فكأنما لم يكسبْ شيئًا،
فالغنيمةُ في الآخرةِ هيَ الإيمانُ والطاعةُ وتقوى اللهِ ربِّ العالمينَ، والبلاءُ
ليسَ بلاءَ الدنيا بلْ هوَ بلاءُ الدينِ، وقدْ قيلَ: (الكامل)
إِنَّ الْمُرْزَى مَنْ يُصَابُ
بِدِينِهِ لا مَنْ يُرْزَأُ([3])
نَاقَةً وَفِصَالَهَا([4])
والغِنى غنى النفسِ وليسَ غِنى
الدنيا وما فيها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَيْسَ الْغِنَى عَنْ
كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ))([5])،
وجاءَ عنْ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ أَنَّه
كانَ يقولُ: “ما قلَّ وكفَى خيرٌ مما كَثُرَ وأَلهى، ونفسٌ تُنجيها خيرٌ مِنْ
إمارةٍ لا تُحصيها، وشرُّ المعذرةِ عندَ حضرةِ الموتِ، وشرُّ الندامةِ ندامةُ يومِ
القيامةِ، وخيرُ الغنى غنى النفسِ، وخيرُ الزادِ التقوى، ورَأسُ الحكمةِ مخافةُ
اللهِ عزَّ وجلَّ([6])“.اهـ
فينبغي على العاقلِ أنْ يقنعَ مِنْ هذهِ الدنيا باليسيرِ مِنَ الرزقِ، ولا ينظرَ
لكثرةِ الأموالِ فيحملُه حُبُّهُ للدنيا للتوصلِ للأموالِ والغنى بطريقِ الحرامِ،
فعنْ أبي الدرداءِ قالَ: قالَ ﷺ: ([7])
((ما طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إلَّا بُعِثَ بِجَنَبَتَيْهَا مَلَكانِ يُناديانِ
يُسمِعانِ أهلَ الأرضِ إِلَّاالثَّقَلَيْنِ، يَا أيُّها النَّاسُ هَلُمُّوا إِلَى
رَبِّكُم فإِنَّ ما قَلَّ وكفى خيرٌ ممَّا كثُرَ وأَلهى ولا آبتْ شَمْسٌ قَطُّ إلا
بُعِثَ بجنبَتَيْها ملَكَانِ يُنَادِيَانِ يُسْمِعَانِ أَهْلَ الأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ:
اللهم أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا([8])
وأَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا([9]))).
دُعَاءٌ: اللَّهُمَّ يَا غَنِيُّ يَا
مُغْنِي ارْزُقْنَا القَنَاعَةَ بِمَا قَسَمْتَهُ لَنَا مِنَ الحَلَالِ يَا اللهُ.