الإثنين أبريل 7, 2025

الْمَاْجِدُ: هوَ عظيمُ القدرِ واسعُ الكرمِ فاللهُ تعالى عظيمُ القدرِ وما عَظَّمَهُ اللهُ فهوَ عظيمٌ، شرعُ اللهِ عظيمٌ وأنبياءُ اللهِ عظماءُ يجبُ تعظيمُ ما عظَّمَ اللهُ ولا يجوزُ الاستخفافُ بما عظَّمَ اللهُ تعالى قالَ اللهُ تعالى: ﱡﭐﱘﱙ   ([1])، فالمؤمنُ يعظمُ شعائرَ الدينِ ومعالِمَه؛ أي مَا كانَ ظاهرًا أَنَّه مِنْ أمورِ الدينِ كالأذانِ والصلاةِ والحجِّ والصيامِ والعيدِ والأضحيةِ، فيحرمُ الاستِهانةُ بَما عظَّمَ اللهُ، ويحرمُ التصغيرُ لِمَا عظَّمَ اللهُ مِنْ طاعةٍ وكذلكَ الاستهانةُ بمعصيةٍ أو قُرءانٍ أو علْمٍ أو جنّةٍ أو عذابِ نارٍ فمنِ استهانَ بما عظمَ اللهُ تعالى منَ الأمورِ، كأنْ يحتقِرَ الجنةَ ([2]) كقولِ بعضِ الدجاجِلَةِ: “الجنةُ لعبةُ الصبيانِ” وقولِ بعضِهم: “الجنةُ خشاشةُ الصبيانِ” فهذا تكذيبٌ للدينِ، وكذلكَ الذي يستخفُّ بعذابِ جهنمَ؛ كأنْ يقولَ عنْ جهنَّمَ: “غدًا نَتَدَفَّؤُ عليهَا” والعياذُ باللهِ فهذا استخفَّ بأعظمِ عذابٍ خَلَقَهُ اللهُ للكافرينَ وبعضِ عصاةِ المسلمينَ([3]) فيكونُ قولُه تكذيبًا للدينِ. فاللهُ هوَ الماجدُ هوَ عظيمُ القدرِ واسعُ الكرمِ سبحانَه الذي لا يبخَلُ ولا يوصَفُ بالبخلِ، ولكنَّ اليهودَ أعداءَ اللهِ وأعداءَ أنبياءِ اللهِ عليهمُ الصلاةُ والسلامُ وصفوا اللهَ بالبخلِ قالَ تعالى:ﱡﭐ ﲶﲷ   ﲼﲽ ﲿ ﳃﳨ ([4])، قالَ الخازنُ: “قولُه عزَّ وجلَّ: ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ نزلتْ هذهِ الآيةُ في فنحَاصِ بنِ عازوراءَ اليهوديِّ. قالَ ابنُ عباسٍ: “إِنَّ اللهَ كانَ قدْ بسطَ على اليهودِ حتى كانوا أكثرَ الناسِ أموالًا وأخصبَهم ناحيةً فلمَّا عصَوا اللهَ ومحمدًا وكذبُوا بهِ كفَّ عنهم مَا بسطَ عليهم مِنَ السعةِ فعندَ ذلكَ قالَ فنحاصُ: يدُ اللهِ مغلولةٌ يعني محبوسةً مقبوضةً عنِ الرزقِ والبذلِ والعطاءِ، فنسبوا اللهَ تعالى إلى البخلِ والقبضِ، تعالى اللهُ عنْ قولِهم علوًّا كبيرًا، ولما قالَ هذه المقالةَ الخبيثةَ فنحاص ولم ينهَهُ بقيةُ اليهودِ ورَضُوا بقولِه لا جرمَ أَنَّ اللهَ تعالى أشركهم معَه في هذه المقالةِ، فقالَ تعالى إخبارًا عنهم: ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ أيْ نعمتُه مقبوضةٌ عنَّا. ثمَّ قالَ: واعلمْ أَنَّ غَلَّ اليدِ وبَسْطَهَا مجازٌ عنِ البخلِ والجودِ بدليلِ قولِه تعالى لنبيِّه: ﱡﭐ   ([5]) والسببُ أَنَّ اليدَ ءالةٌ لكلِّ الأعمالِ لا سيَّما لدفعِ المالِ وإنفاقِه وإمساكِه، فأطلقوا اسمَ السببِ على المسبَّبِ، وأسنَدوا الجودَ والبخلَ إلى اليدِ مجازًا، فقيلَ للجوادِ الكريمِ: فَيَّاضُ اليدِ ومبسوطُ اليدِ، وقيلَ للبخيلِ: مقبوضُ اليدِ، وقولُه تعالى: ﴿   ﴾ قالَ الزجاجُ: ردَّ اللهُ عليهم فقالَ: أنَا الجوادُ الكريمُ وهمُ البخلاءُ وأيديهِم هيَ المغلولةُ الممسوكةُ، وقيلَ هذا دعاءٌ على اليهودِ علَّمَنا اللهُ كيفَ ندعو عليهم فقالَ: ﴿ ﴾ أيْ في نارِ جهنمَ، فعلى هذا هوَ مِنَ الغلِّ حقيقةً أي شُدَّتْ أيديهِم إلى أعناقِهم وطُرِحوا في النَّارِ، جزاءً لهم على هذا القولِ ومعنى ﴿  ﴾ عُذِّبوا بسببِ ما قالوا، فَمِنْ لعنَتِهِم أنهم مُسِخُوا في الدنيا قِرَدَةً وخنازيرَ، وضُرِبَتْ عليهمُ الذلةُ والمسكنةُ والجزيةُ، وفي الآخرةِ لهمْ عذابٌ”([6]).اهـ

دُعَاءٌ: يَا اللهُ يَا كَرِيمُ يَا مَاجِدُ يَا وَاسِعَ الكَرَمِ أَكْرِمْنَا بِالشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِكَ وَالموْتِ فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ ، وَاجْعَلْ تُرْبَتَنَا البَقِيْعَ يَا اللهُ.



 ([1])سورة الحج / 32.

 ([2])فالله تعالى عظمها في كتابه العزيز حيث قال: ﭐﱡﭐﲮ ﲯ ﲰ ﲱ سورة الفرقان / 76.

 ([3]) وليس هذا كالذي يسب جهنم فالله ذمها في القرآن وقال:  ﱡﭐﲍ ﲎ ﲏ سورة النساء / 97.

 ([4]) سورة المائدة / 64.

 سورة الإسراء / 29.([5])

 لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن ج 2 ص 59.([6]