الْقِدَمُ
يَجِبُ لِلَّهِ الْقِدَمُ بِمَعْنَى الأَزَلِيَّةِ لا بِمَعْنَى تَقَادُمِ الْعَهْدِ وَالزَّمَنِ، لِأَنَّ لَفْظَ الْقَديِمِ وَالأَزَلِيِّ إِذَا أُطْلِقَا عَلَى اللَّهِ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ لا بِدَايَةَ لِوُجُودِهِ، فَيُقَالُ اللَّهُ أَزَلِيٌّ، اللَّهُ قَديِمٌ، وَإِذَا أُطْلِقَا عَلَى الْمَخْلُوقِ كَانَا بِمَعْنَى تَقَادُمِ الْعَهْدِ وَالزَّمَنِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقَمَرِ: ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَديِمِ﴾ [سُورَةَ يَس/39]، وَقَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ (الْفَيْرُوزْءَابَادِي): الْهَرَمَانِ بِنَاءَانِ أَزَلِيَّانِ بِمِصْرَ.
وَأَمَّا بُرْهَانُ قِدَمِهِ تَعَالَى فَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَديِمًا لَلَزِمَ حُدُوثُهُ فَيَفْتَقِرُ إِلَى مُحْدِثٍ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ أَوِ التَّسَلْسُلُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُحَالٌ، فَثَبَتَ أَنَّ حُدُوثَهُ تَعَالَى مُحَالٌ وَقِدَمَهُ ثَابِتٌ.