الْرَّشِيْدُ: هوَ الذي أرشدَ الخلقَ إلى مصالِحهم،
ومصالحُ العبادِ منحصرةٌ فيما جاءَ عنْ رسولِ اللهِ ﷺ، فالمصلحةُ مَا وافقَ الشرعَ، أمَّا
مَا خالفَ شرعَ اللهِ تعالى لا يقالُ عنهُ مصلحةٌ، ما خالفَ القرآنَ الكريمَ لا
يسمَّى مصلحةً، المصلحةُ منحصرةٌ فيمَا جاءَ في القرآنِ الكريمِ، قالَ
تعالى: ﱡﭐ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ([1])، فليسَ لقائلٍ أنْ يقولَ عمَّا
يخالفُ ما جاءَ بهِ النبيُّ ﷺ
إِنَّ فيهِ مصلحةً، فالذي أمرَ بهِ اللهُ تعالى في كتابِه وثبتَ لنا عنْ رسولِ
اللهِ ﷺ مما أمرَ بهِ هوَ المصلحةُ، وما لم
نجدْه موافقًا لكتابِ اللهِ ولِمَا جاءَ بهِ رسولُ اللهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ فليسَ
مصلحةً، فمصالحُ العبادِ منحصرةٌ في ما وافقَ كتابَ اللهِ ومَا جاءَ عنْ رسولِ
اللهِ ﷺ، ومما يدلُّ على هذا القاعدةُ
المعروفةُ عندَ أهلِ السنةِ والجماعةِ وهيَ أَنَّ التحسينَ والتقبيحَ شرعيانِ([2])اهـ
فلا نحكمُ على الحسنِ بأَنَّه حسنٌ ولا على القبيحِ بأَنَّه قبيحٌ إلا إذا جاءَ
الشرعُ بهِ، فليسَ الحاكمُ في هذا الهوى ولا العقلَ بلِ الشرعُ، خلافًا للمعتزلةِ
الذينَ يقولونَ إِنَّ التحسينَ والتقبيحَ عقليانِ، والردُّ عليهم بكثيرٍ منَ
الوجوهِ أذكرُ منها أنَّه في بعضِ الشرائعِ حَكَمَ اللهُ تعالى على مَنْ عَبَدَ
العجلَ بوجوبِ التوبةِ ومِنْ شروطِ توبتِه بعدَ رجوعِه للإسلامِ بالشهادتينِ أنْ
يقتلَ نفسَه وكانَ حسنًا عندَهم بعدَ حكمِ اللهِ بهِ، قال تعالى: ﱡﭐ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ([3])، وفي
شرعِ سيدِنا محمدٍ ﷺ هذا الأمرُ “أيْ قتلُ
نفسِه” محرمٌ بلْ هوَ أشدُّ ذنبٍ بعدَ الكفرِ باللهِ، ونقولُ عنهُ إِنَّه
قبيحٌ، فلو كانَ العقلُ حاكمًا بقبْحِه وحُسْنِهِ لبقيَ الحكمُ على ما هوَ عليهِ،
لكنِ الشرعُ هو الذي حكمَ بحسنِه في ذلكَ الزمنِ لحكمةٍ لا نعقلُها، وحَكَمَ بقبْحِه
في شرعِ سيدِنا محمَّدٍ ﷺ،
وكذلكَ مِنَ الأمثلةِ على ذلكَ أَنَّه في زمنِ الأنبياءِ قبلَ سيدِنا محمَّدٍ ﷺ كانَ المسلمُ الداخلُ على أخيهِ
المسلمِ يحييهِ بالسجودِ لهُ تحيةً وليسَ عبادةً، كما سجدَ الملائكةُ لآدمَ عليهِ
السلامُ، قالَ تعالى:ﱡﭐ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﱠ([4])، وكمَا سجدَ إخوةُ يوسفَ وأبواهُ لهُ،
وهوَ ما أخبرَ عنهُ ربُّنا في القرآنِ الكريمِ: ﱡﭐ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲬ ﱠ([5])، أمَّا في شرعِ سيدِنَا محمَّدٍ ﷺ فإِنَّه حرامٌ، فقدْ رُويَ أَنَّ معاذَ بنَ جبلٍ لما قَدِمَ مِنَ الشامِ سجدَ لرسولِ اللهِ ﷺ، فقالَ الرسولُ ﷺ: ((مَاْ هَذَاْ؟)) فقالَ: يا
رسولَ اللهِ إنِّي رأيتُ أهلَ الشامِ يسجدونَ لبطارِقَتِهم وأساقِفَتِهِم، وأنتَ
أولى بذلكَ، فقالَ: ((لَوْ كُنْتُ آمِرًا أحَدًا أنْ يَسْجُدَ لأِحَدٍ،
لأمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا([6])))،
فهوَ أمرٌ منهيٌ عنهُ في شرعِنا، فيُعلَمُ منْ كلِّ ذلكَ وغيرِهِ أَنَّ الحسنَ ما
حَسَّنَهُ الشرعُ لا العقلُ، والقبيحَ ما قَبَّحَهُ الشرعُ لا العقلُ.
دُعَاءٌ: اللَّهُمَّ يَا اللهَ
ارْزُقْنَا تَسْلِيْمًا لِأَحْكَامِ شَرْعِكَ وَحُسْنَ اتِّبَاعٍ لَهَا يَا اللهُ.