الأحد ديسمبر 7, 2025

الخلع

   الخلع بضم الخاء من الخلع بفتحها وهو لغة النزع لأن كلا من الزوجين لباس الآخر.

   وهو ثابت بالإجماع وبقوله تعالى ﴿فإن طبن لكم عن شىء منه نفسا﴾ [سورة النساء/4] وبقوله صلى الله عليه وسلم فى امرأة ثابت بن قيس «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» رواه البخارى والنسائى.

   واختلف فى الخلع هل هو طلاق أو فسخ ومشهور مذهب الشافعى الجديد أنه طلاق وفى كتاب أحكام القرءان للشافعى وهو من كتبه الجديدة أنه فسخ وهو مذهبه القديـم وهو مكروه إلا عند الشقاق أو خوف تقصير من أحدهما فى حق الآخر أو كراهة الزوجة للزوج أو كراهته إياها لزناها أو نحوه كترك الصلاة أو للتخلص من وقوع الثلاث أو الثنتين بالفعل فيما لو حلف بالطلاق ثلاثا أو اثنتين على فعل ما لا بد منه.

   وتعريفه أنه فرقة بعوض مقصود راجع لجهة زوج.

   وأركانه خمسة

   أحدها ملتزم للعوض إن كان زوجة أو غيرها.

   وثانيها البضع.

   وثالثها العوض.

   ورابعها الصيغة.

   وخامسها الزوج.

   وشرط فى الزوج أن يكون ممن يصح طلاقه ويشترط فى الملتزم كونه مطلق التصرف فى المال فلا يصح من المحجور عليه. ويشترط فى البضع ملك زوج له فيصح فى الرجعية لا فى البائن. ويشترط فى العوض أن يصح جعله صداقا فإن خالعها بفاسد مقصود كالمجهول والخمر والمؤجل بالمجهول صح ولزم مهر المثل أو ما لا يقصد كدم فرجعى ويشترط فى الصيغة الإيجاب والقبول. ويجوز للزوجين التوكيل.

   ثم الخلع إما صريح أو كناية فالصريح كقوله خالعتك على كذا أو فاديتك والكناية كأن يقول فسخت نكاحك بألف أو بعتك نفسك بألف فتقبل فالكناية تحتاج إلى نية كما فى الطلاق.

   [ثم على القول بأنه فسخ يصلح لمن يريد الخلاص من وقوع الطلاق المعلق إن كان ثلاثا أو أقل كأن قال: إن كلمت فلانا أو دخلت دار فلان أو خرجت بدون إذني فأنت طالق ثلاثا مثلا، فإذا كان الزوج لا يريد أن يقع الطلاق المعلق خالعها بغير قصد الطلاق بل بقصد الفسخ أي حل النكاح فتصير الزوجة بالخلع بائنا ثم تفعل المحلوف عليه إن شاءت فلا يقع الطلاق به، ثم يعمل عقدا جديدا بطريق وليها الولي الخاص أو غيره إن لم يتيسر العقد من طريق الولي الخاص كأن يجري الحاكم العقد أو المحكم الذي يحكمه الزوجان أي يجعلانه حاكما في قضية تزويجهما عند فقد القاضي المسلم أو كان القاضي لا يجري العقد إلا بمال له وقع فيكون المحكم في حكم الولي الخاص الأصلي، وشرط هذا المحكم أن يكون عدلا.

   وهذا المخلص المذكور لا يتأتى على مشهور مذهب الشافعي لكن يصح على القول القديم وعلى قول قاله الشافعي في كتاب أحكام القرءان فلا بأس بالعمل به، فينبغي إرشاد من يخشى منه أن يعاشر زوجته بعد وقوع المعلق به إلى هذا المخلص لأن كثيرين يعدلون إلى المعاشرة بالحرام بعد وقوع المعلق الذي هو ثلاث من دون أن يتزوجها زوج غيره وبعضهم يعدلون إلى طريق لا ينفعهم وهو أنهم يتفقون مع شخص يجرى له عليها العقد بعد وقوع الثلاث ثم يشترطون عليه أن لا يجامعها ويحتجون بأن بعض المجتهدين من التابعين يجيز ذلك، وذلك المجتهد يشترط أن لا يكون الزوج الثاني يقصد بذلك إحلالها للأول.

   فهؤلاء الذين يرشدون الناس إلى هذا الأمر الفاسد يغشون الناس الذين يقصدونهم للاستفتاء لأنهم لم يوافقوا ذلك المجتهد بل كان عملهم هذا حراما عند جميع المجتهدين فلا وافقوا الجمهور ولا وافقوا هذا المجتهد الذي شذ. قال بعض أكابر الحنفية وهو الصدر الشهيد فيمن أخذ بقول ذلك المجتهد: من فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وإنما لم يعتبر قول هذا المجتهد لأنه خالف حديثا صحيحا باتفاق علماء الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا تحلين له حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» أي لا يحل لك أن ترجعي للزوج الأول إلا بعد أن يجامعك هذا الثاني. وهو حديث صحيح ثابت مشهور رواه البخاري [في صحيحه]، فالفتوى بخلافه لا عبرة بها لأن المجتهد إذا خالف قوله نصا قرءانيا أو حديثيا يعد دليلا باتفاق لا يقلد في اجتهاده، ولو كان قاضيا قضى بذلك وجب على غيره من القضاة أن ينقض حكمه. ونسأل الله أن يثبتنا على سبيل وسنة.