الإثنين أبريل 28, 2025

   الْحِكْمَةُ مِنْ خَلْقِ الْعَرْشِ:

   يَسْتَحِيلُ عَقْلًا أَنْ يَكُونَ الْعَرْشُ مَقْعَدًا لِلَّهِ فَكَيْفَ يَكُونُ الرَّبُّ الَّذِي هُوَ خَالِقٌ لِلْعَرْشِ وَغَيْرِهِ مَحْمُولًا عَلَى سَرِيرٍ يَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ عَلَى أَكْتَافِهِمْ، وَلا يَصِحُّ تَفْسِيرُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [سُورَةَ طَه/5] بِجَلَسَ لِأَنَّ الْجُلُوسَ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ وَالْجِنِّ وَالْمَلائِكَةِ وَالدَّوَابِّ بَلْ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿اسْتَوَى﴾ قَهَرَ لِأَنَّ الْقَهْرَ صِفَةُ كَمَالٍ لائِقٍ بِاللَّهِ تَعَالَى لِذَلِكَ وَصَفَ اللَّهُ نَفْسَهُ فَقَالَ: ﴿وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ فَهَذَا الْعَرْشُ الْعَظِيمُ خَلَقَهُ اللَّهُ إِظْهَارًا لِعَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ مَكَانًا لِذَاتِهِ، لِأَنَّ الْمَكَانَ مِنْ صِفَاتِ الْخَلْقِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ تَنَزَّهَ عَنِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، قَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لا تَحْوِيهِ – أيِ اللَّه – الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ»، وَقَالَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْعَرْشَ إِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ مَكَانًا لِذَاتِهِ»، رَوَاهُ عَنْهُ الإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فَالْمَلائِكَةُ الْكِرَامُ الْحَافُّونَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ تَعَاَلَى وَيُقَدِّسُونَهُ وَيَزْدَادُونَ عِلْمًا بِكَمَالِ قُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِنْدَمَا يَرَوْنَ هَذَا الْعَرْشَ الْعَظِيمَ.