الجمعة نوفمبر 22, 2024
  • الوَعْيُ في مواجَهةِ الإرْهابِ المذْمومِ

     

    إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونشكرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فَلا مُضلَّ لهُ ومَن يُضللْ فَلا هاديَ لهُ. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ الواحدُ الأحدُ، الفردُ الصمدُ، الذي خَلَقَ الموتَ والحياةَ، وبيدِهِ الخيرُ والشرُّ، ولا يَجري في مُلكِهِ إلا ما شاءَ . وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه ، سيِّدُ الجنِّ والإنسِ أجمعينَ ، سيِّدُ الأنبياءِ والمرسلينَ . اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ على سيِّدِنا محمّدٍ وعلى جمعيعِ إخوانِهِ النبيِّينَ والمرسلينَ.

    أيها الإخوةُ الأحبابُ، قال الله تعالى : ]كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [ الآية . (سورة ءال عمران/185) .

    وقال تعالى : ] فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [ الآية. (سورة الأعراف/34) .

    إن هذه الحياة الدنيا هي دار الممر، وإن الحياة الآخرة هي دار المقر.

    الدنيا دار المصائب والابتلاء، والآخرة دار الحساب والجزاء.

    الإنسان في هذه الدنيا راحل عنها مهما طال به العمر ، فقيرا كان أم غنيا، أميرا كان أم مواطنا عاديا.

    الإنسان في هذه الدنيا معرض للتعب والألم والمرض ، للحزن والأسى ، للنوائب والنكبات والزلازل والهزات والكوارث . في لحظات يموت المئات بل الآلاف في زلزال أو فيضان أو غرق سفينة .

    سئل أحد الحكماء : أي شىء أبعد ، قال : الأمل ، وسئل : أي شىء أقرب، فقال: الأجل.

    نعم أخي المؤمن إن أجلك أقرب إليك من أملك ، فقد يكون أملك كبيرا في أمر ما ولا يتحقق إلا بعد سنة أو سنتين أو عشرين سنة، أو لا يتحقق بالمرة طيلة حياتك، وأما أجلك فقد يأتي بعد لحظة وأنت سليم معافى .

    وقد قال القائل :

    فكَمْ مِنْ صحيحٍ ماتَ مِنْ غيرِ عِلّةٍ

     

    وكَمْ مِنْ سقيمٍ عاشٍ حيناً مِنَ الدّهْرِ

    وقال شاعر آخر :

    ولدتْكَ أمُّكَ يا ابْنَ آدمَ باكيًا

     

    والناسُ حوْلَكَ  يضحكونَ سُرُورًا

    فاحرصْ على عَمَلٍ تكون إذا بَكَوْا

     

    في يومِ موتِكَ ضاحـِكًا مَسْرُورًا

     

    إن هذه الحياة الدنيا مليئة بالعبر فلنعتبر ولنتدبر ولنعد العدة ونهيء الزاد ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ .

    أيها الإخوةُ الأحبابُ ، منذ يومين امتدت من جديد يد الإرهاب والإرهابيين إلى العاصمةِ بيروتَ وفلسطينَ والعراقِ، كما امتدتْ قبل ذلك إلى مناطق أخرى ، فوقع العمل الإرهابي الذي لم يكن يقصد به اغتيال النائب الراحل وليد عيدو فقط ، بل كان المقصودُ الاستمرارَ في اغتيالِ الوطنِ ، والتمادي في زرعِ الفتنِ، والإمعانَ في ضربِ الأمنِ والأمانِ والاستقرارِ .

    إن هذا العمل الإرهابي يأتي في ظل أوضاع أمنية خطيرة وظروف سياسية دقيقة وحرجة، وفي ظل أزمة سياسية داخلية طال أمدها وتشعبت فروعها، وفي ظل أوضاع إقليمية متفجرة سواء في فلسطين ونحن نسمع ونرى ما يحدث فيها من اقتتال داخلي ، أو في العراق حيث الفتنة المذهبية تطل برأسها منذرةً بخطرٍ كبيرٍ.

    لقد شهدنا في الأيام الماضية عودة الحديث عن مبادرات جديدة ، وعن فكرة عقد لقاء أو مؤتمر للتواصل والحوار ، فإذ بنا نعود إلى دوامة المتفجرات القاتلة والعمليات الإرهابية الدموية.

    إنّ الشعبَينِ اللبنانيَّ والفلسطينيَّ أصبحَا اليوم أشدَّ خوفا على المصير والمستقبل، وأكثرَ حيرةً واضطرابًا ، وأصبحت الأسئلة والتساؤلات تكثر وتكبر ، وأصبح القلقُ على الأوطانِ أكبر .

    إلى متى ؟ ومتى تزولُ المحنةُ ؟ ومتى يتوقفُ مُسَلْسَلُ الإرهابِ المذمومِ ؟ ومتى يشعر الناس بالأمان والطمأنينة ؟ متى تعود أوطانُنا إلى الأمنِ والاستقرارِ؟

    إلى متى ؟ الى متى ؟

    وإلى أن يأتي ذلك الوقت نقول إن علينا أن نتفكر بالعواقب وأن نبني حصنا منيعا نحمي به الوطن ، وعلينا أن نتنبه من مخاطر الفتن ، وأن نعمل على إطفائها وإخمادها ، وهذا ما سبق لنا في مرات عديدة أن دعونا إليه ، ونكرر الدعوة إليه اليوم لأننا ندرك أن الفتنة تطل برأسها وهي إن اشتعلت قد لا تبقي وطنا ولا ديارا ، لذلك فإننا نحذر منها مرارًا وتكرارا وجهارًا ، صباحا ومساءً ، وندعو إلى المزيد من الوعي ، وعي القيادات السياسية، وعي الشعب ، وعي الأهل ، وعي الشباب ، وعي المواطن. وهذا الوعي مطلوب في مختلف المجالات وعلى كافة الصعد وكذلك تعاون الجميع على اختلافهم كلّ في موقعه ووفق قدراته وإمكاناتِهِ .

    وإننا لمناسبةِ الفاجعة التي وقعت منذ يومين وما يحصل في مخيّم نهر البارد وعلى أرض فلسطينَ والعراقِ ندعو ونكرر دعوة المسؤولين والقيادات السياسية إلى الارتقاء بالأداء السياسي إلى المستوى المطلوب وطنيا ، والعمل على وأد الفتن في مهدها، وعدم إتاحة الفرص أمام النعرات والعصبيات البغيضة، والعمل بمقتضيات المصلحة العامة، ومواجهة تنامي مخاطر الإرهاب الأعمى.

    هذا وأستغفِرُ اللهَ لي ولكُمْ .

     

    الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

    إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْوَعْدِ الأَمِينِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَءَالِ الْبَيْتِ الطَّاهِرِينَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَاتَّقُوهُ.

    وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَرِيْمِ فَقَالَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ. عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.