الثلاثاء أبريل 22, 2025

#4

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، إِمَامِ الْأَتْقِيَاءِ الْعَارِفِينَ، سَيِّدِنَا وَقَائِدِنَا وَحَبِيبِنَا وَنُورِ أَبْصَارِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ الْأُمِّيِّ الْأَمِينِ، الْعَالِي الْقَدْرِ، الْعَظِيمِ الْجَاهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ. أَمَّا بَعْدُ، قَالَ الشَّيْخُ جِيلُ صادِقُ رَحِمَهُ اللَّهُ:

(الْوَاجِبَاتُ الْقَلْبِيَّةُ)

 

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ الْوَاجِبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ أَىْ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ.

     (مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ الإِيمَانُ بِاللَّهِ) أَىِ اعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ لا كَالْمَوْجُودَاتِ لَيْسَ حَجْمًا وَلا يَتَّصِفُ بِصِفَاتِ الأَحْجَامِ مَوْجُودٌ بِلا كَيْفٍ وَلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ وَأَنَّهُ أَزَلِىٌّ لا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ وَوُجُودُهُ لَيْسَ بِإِيجَادِ مُوجِدٍ وَأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ (وَ)الإِيمَانُ (بِمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ) فِى الْقُرْءَانِ مِنَ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِى وَالأَخْبَارِ (وَالإِيمَانُ بِرَسُولِ اللَّهِ) ﷺ وَهُوَ اعْتِقَادُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ لِيَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَأَنْ لا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (وَ)الإِيمَانُ (بِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ) مِنَ الأَحْكَامِ وَالأَخْبَارِ. وَالإِيمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ هُوَ أَصْلُ الْوَاجِبَاتِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْلا أَنَّهُ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لَمَا صَلَّى وَصَامَ وَحَجَّ وَزَكَّى وَلَمَا صَحَّتْ مِنْهُ هَذِهِ الْعِبَادَاتُ (وَالإِخْلاصُ وَهُوَ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ) أَىْ أَنْ لا يَقْصِدَ بِعَمَلِ الطَّاعَةِ مَدْحَ النَّاسِ لَهُ وَالنَّظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الِاحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ (وَالنَّدَمُ عَلَى الْمَعَاصِى) وَهُوَ اسْتِشْعَارُ الْحُزْنِ بِالْقَلْبِ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ كَأَنْ يَقُولَ فِى قَلْبِهِ لَيْتَنِى مَا فَعَلْتُ ذَلِكَ (وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ) وَهُوَ اعْتِقَادُ أَنَّهُ لا ضَارَّ وَلا نَافِعَ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِلَّا اللَّهُ فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ اعْتِمَادُهُ عَلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ مِنَ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ (وَالْمُرَاقَبَةُ لِلَّهِ) وهِىَ اسْتِدَامَةُ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ بِأَدَاءِ مَا أَوْجَبَهُ وَاجْتِنَابِ مَا حَرَّمَهُ (وَالرِّضَا عَنِ اللَّهِ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ لَهُ وَتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ) عَلَيْهِ اعْتِقَادًا أَوْ لَفْظًا فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَرْضَى بِمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ وَلا يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَقْبَلَ مَا جَاءَ فِى الشَّرْعِ مِنَ الْعَقَائِدِ وَالأَحْكَامِ فَلا يَصِحُّ الثَّبَاتُ عَلَى الإِسْلامِ إِلَّا لِمَنْ سَلَّمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَصِفْهُ بِمَا لا يَلِيقُ بِهِ (وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ) أَىْ عَدَمُ الِاسْتِهَانَةِ بِهَا وَهِىَ مَعَالِمُ دِينِهِ أَىْ مَا كَانَ مَشْهُورًا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ كَالصَّلاةِ وَالأَذَانِ وَالْمَسَاجِدِ (وَالشُّكْرُ عَلَى نِعَمِ اللَّهِ بِمَعْنَى عَدَمِ اسْتِعْمَالِهَا فِى مَعْصِيَةٍ) وَهَذَا هُوَ الشُّكْرُ الْوَاجِبُ وَأَمَّا الشُّكْرُ الْمَنْدُوبُ أَىِ الْمَسْنُونُ فَهُوَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِى لا نُحْصِيهَا (وَالصَّبْرُ عَلَى أَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ وَالصَّبْرُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى) أَىِ الصَّبْرُ عَلَى اجْتِنَابِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ (وَالصَّبْرُ عَلَى مَا ابْتَلاكَ اللَّهُ بِهِ) مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْبَلايَا بِمَعْنَى عَدَمِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى اللَّهِ أَوِ الدُّخُولِ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ بِسَبَبِ الْمُصِيبَةِ (وَبُغْضُ الشَّيْطَانِ) أَىْ كَرَاهِيَتُهُ وَهُوَ الْكَافِرُ مِنَ الْجِنِّ فَيَنْبَغِى مُحَارَبَتُهُ بِتَعَلُّمِ عِلْمِ الدِّينِ وَعَدَمِ الِاسْتِرْسَالِ مَعَهُ (وَبُغْضُ الْمَعَاصِى) أَىْ كَرَاهِيَتُهَا لِأَنَّ اللَّهَ يَكْرَهُهَا وَحَرَّمَ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ فِعْلَهَا (وَمَحَبَّةُ اللَّهِ) بِتَعْظِيمِهِ أَقْصَى غَايَةِ التَّعْظِيمِ وَالتَّذَلُّلِ لَهُ غَايَةَ التَّذَلُّلِ (وَمَحَبَّةُ كَلامِهِ) أَىِ الْقُرْءَانِ بِتَعْظِيمِهِ وَالإِيمَانِ بِهِ (وَ)مَحَبَّةُ (رَسُولِهِ) ﷺ وَسَائِرِ إِخْوَانِهِ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ (وَ)مَحَبَّةُ (الصَّحَابَةِ) مِنْ حَيْثُ الإِجْمَالُ أَىْ تَعْظِيمُهُمْ لِأَنَّهُمْ أَنْصَارُ دِينِ اللَّهِ (وَ)مَحَبَّةُ (الآلِ) وَهُمْ أَزْوَاجُهُ ﷺ وَأَقْرِبَاؤُهُ الْمُؤْمِنُونَ لِمَا خُصُّوا بِهِ مِنَ الْفَضْلِ (وَ)مَحَبَّةُ (الصَّالِحِينَ) لِأَنَّهُمْ أَحْبَابُ اللَّهِ تَعَالَى.

 

(مَعَاصِى الْقَلْبِ)

 

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْقَلْبِ.

     (وَمِنْ مَعَاصِى الْقَلْبِ الرِّيَاءُ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ أَىِ الْحَسَنَاتِ وَهُوَ الْعَمَلُ) بِالطَّاعَةِ (لِأَجْلِ النَّاسِ أَىْ لِيَمْدَحُوهُ وَيُحْبِطُ ثَوَابَهَا) أَىِ يُحْبِطُ الرِّيَاءُ ثَوَابَ الطَّاعَةِ الَّتِى قَارَنَهَا (وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالْعُجْبُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَهُوَ شُهُودُ الْعِبَادَةِ صَادِرَةً مِنَ النَّفْسِ غَائِبًا عَنِ الْمِنَّةِ) أَىْ أَنْ يُعْجَبَ الْعَبْدُ بِطَاعَاتِهِ بِحَيْثُ يَرَى تَعْظِيمَ نَفْسِهِ نَاسِيًا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِى تَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِهَا فَأَقْدَرَهُ عَلَيْهَا وَيَرَى فِعْلَهُ لَهَا مَزِيَّةً لِنَفْسِهِ. وَيُبْطِلُ الْعُجْبُ ثَوَابَ الطَّاعَةِ الَّتِى قَارَنَهَا (وَالشَّكُّ فِى اللَّهِ) أَىْ فِى وُجُودِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ أَوْ وَحْدَانِيَّتِهِ وَهُوَ كُفْرٌ (وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ) وَهُوَ أَنْ يَسْتَمِرَّ الشَّخْصُ فِى فِعْلِ الْمَعَاصِى وَيَعْتَمِدَ عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ فَيَأْمَنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْقَلْبِ (الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ لَهُ أَلْبَتَّةَ وَأَنَّهُ لا مَحَالَةَ يُعَذِّبُهُ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ. فَيَنْبَغِى لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ يَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ عَلَى ذُنُوبِهِ وَيَرْجُو رَحْمَةَ اللَّهِ (وَالتَّكَبُّرُ عَلَى عِبَادِهِ وَهُوَ رَدُّ الْحَقِّ عَلَى قَائِلِهِ) مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْحَقَّ مَعَهُ فَيَسْتَعْظِمُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (وَاسْتِحْقَارُ النَّاسِ) كَأَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْفَقِيرِ نَظَرَ احْتِقَارٍ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ مِنْهُ مَالًا (وَالْحِقْدُ وَهُوَ إِضْمَارُ الْعَدَاوَةِ) لِلْمُسْلِمِ وَيَكُونُ مَعْصِيَةً (إِذَا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ وَلَمْ يَكْرَهْهُ) أَىْ إِذَا عَزَمَ فِى قَلْبِهِ عَلَى إِيذَائِهِ بِالْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ (وَالْحَسَدُ وَهُوَ كَرَاهِيَةُ النِّعْمَةِ لِلْمُسْلِمِ وَاسْتِثْقَالُهَا) لَهُ (وَ)يَكُونُ مَعْصِيَةً إِذَا (عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ) أَىْ إِذَا سَعَى لِذَلِكَ بِالْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ وَأَمَّا إِنْ تَمَنَّى لَهُ الْوُقُوعَ فِى مَعْصِيَةٍ أَوْ تَرْكَ وَاجِبٍ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ بِتَمَنِّيهِ وَإِنْ لَمْ يَسْعَ. (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْقَلْبِ (الْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ) وَهُوَ أَنْ يُعَدِّدَ نِعْمَتَهُ عَلَى ءَاخِذِهَا لِيَكْسِرَ قَلْبَهُ (وَيُبْطِلُ ثَوَابَهَا) أَىْ يُبْطِلُ الْمَنُّ ثَوَابَ الصَّدَقَةِ (كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَلَمْ أُعْطِكَ كَذَا) مِنَ الْمَالِ (يَوْمَ كَذَا وَكَذَا) حِينَ كُنْتَ مُحْتَاجًا لِيَكْسِرَ قَلْبَهُ (وَالإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ) الْمَعْدُودُ مِنَ الْكَبَائِرِ وَهُوَ أَنْ يُدَاوِمَ الشَّخْصُ عَلَى فِعْلِ الصَّغَائِرِ بِحَيْثُ تَغْلِبُ عَلَى طَاعَاتِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى مِنْ عُمُرِهِ فَيَصِيرُ بِذَلِكَ وَاقِعًا فِى ذَنْبٍ كَبِيرٍ لِذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِى اجْتِنَابِ الْمَعَاصِى وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً (وَسُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ) وَهُوَ أَنْ يَظُنَّ الْعَبْدُ بِرَبِّهِ أَنَّهُ لا يَرْحَمُهُ بَلْ يُعَذِّبُهُ (وَ)سُوءُ الظَّنِّ (بِعِبَادِ اللَّهِ) وَهُوَ أَنْ يَظُنَّ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ السُّوءَ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَأَنْ يُسْرَقَ لَهُ مَالٌ فَيَظُنَّ بِفُلانٍ أَنَّهُ السَّارِقُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ (وَالتَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ) فَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ شَيْئًا مِنَ الأَشْيَاءِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ اللَّهِ كَفَرَ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ (وَالْفَرَحُ بِالْمَعْصِيَةِ) الصَّادِرَةِ (مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ). وَالْفَرَحُ بِالْمَعْصِيَةِ الْكَبِيرَةِ كَبِيرَةٌ أَمَّا الْفَرَحُ بِكُفْرِ الْغَيْرِ فَهُوَ كُفْرٌ (وَالْغَدْرُ وَلَوْ بِكَافِرٍ كَأَنْ يُؤَمِّنَهُ ثُمَّ يَقْتُلَهُ) أَوْ يَدُلَّ عَلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُهُ (وَالْمَكْرُ) وَهُوَ إِيقَاعُ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِ بِطَرِيقَةٍ خَفِيَّةٍ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَبُغْضُ الصَّحَابَةِ) أَىْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبُغْضُهُمْ جُمْلَةً أَىْ كَرَاهِيَتُهُمْ ُجُمْلَةً كُفْرٌ (وَ)بُغْضُ (الآلِ) أَىْ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ ﷺ وَأَقْرِبَائِهِ الْمُؤْمِنِينَ (وَ)بُغْضُ (الصَّالِحِينَ) أَىْ كَرَاهِيَتُهُمْ جُمْلَةً كُفْرٌ (وَالْبُخْلُ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ كَالِامْتِنَاعِ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ (وَالشُّحُّ) وَهُوَ الْبُخْلُ الشَّدِيدُ كَالِامْتِنَاعِ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالأَوْلادِ (وَالْحِرْصُ) وَهُوَ شِدَّةُ تَعَلُّقِ النَّفْسِ لِاحْتِوَاءِ الْمَالِ وَجَمْعِهِ عَلَى الْوَجِهِ الْمَذْمُومِ كَمَنْ يُرِيدُ التَّوَصُّلَ بِهِ إِلَى التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ وَالتَّفَاخُرِ (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْقَلْبِ (الِاسْتِهَانَةُ بِمَا عَظَّمَ اللَّهُ) أَىْ تَحْقِيرُ مَا عَظَّمَهُ اللَّهُ وَهُوَ كُفْرٌ (وَ)كَذَا (التَّصْغِيرُ) أَىِ التَّحْقِيرُ (لِمَا عَظَّمَ اللَّهُ مِنْ طَاعَةٍ) كَالَّذِى يَقُولُ لَيْسَ الشَّأْنُ بِالصَّلاةِ إِنَّمَا الشَّأْنُ فِى حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ مَعَ النَّاسِ (أَوْ) تَصْغِيرُ (مَعْصِيَةٍ) أَىِ الِاسْتِهَانَةُ بِهَا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ فَلا يَرَى مَا تَوَعَّدَ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ مِنَ الْعِقَابِ فِى الآخِرَةِ شَيْئًا شَدِيدًا كَقَوْلِ جَمَاعَةِ أَمِين شَيْخُو جَهَنَّمُ مُسْتَشْفًى أَىْ مَحَلُّ طِبَابَةٍ وَلَيْسَ مَحَلَّ عِقَابٍ (أَوْ) تَصْغِيرُ مَا عَظَّمَ اللَّهُ مِنْ (قُرْءَانٍ) كَالِاسْتِخْفَافِ بِشَىْءٍ مِنْهُ (أَوِ عِلْمِ) دِينٍ كَقَوْلِ سَيِّد قُطُب بِأَنَّ تَعَلُّمَ الْفِقْهِ مَضْيَعَةٌ لِلْعُمُرِ وَالأَجْرِ (أَوْ جَنَّةٍ) أَىِ احْتِقَارِ الْجَنَّةِ الَّتِى عَظَّمَهَا اللَّهُ كَمَنْ يَقُولُ الْجَنَّةُ لُعْبَةُ الصِّبْيَانِ (أَوْ عَذَابِ نَارٍ) كَمَنْ يَرَى عَذَابَ جَهَنَّمَ هَيِّنًا.

 

(مَعَاصِى الْجَوَارِحِ السَّبْعَةِ)

 

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْبَطْنِ.

     (وَمِنْ مَعَاصِى الْبَطْنِ أَكْلُ) مَالِ (الرِّبَا) أَىِ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَ)أَكْلُ مَالِ (الْمَكْسِ) وَالْمَكْسُ هُوَ الضَّرَائِبُ الَّتِى تُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَ)أَكْلُ مَالِ (الْغَصْبِ) وَالْغَصْبُ هُوَ الِاسْتِيلاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ ظُلْمًا اعْتِمَادًا عَلَى الْقُوَّةِ (وَ)أَكْلُ مَالِ (السَّرِقَةِ) وَالسَّرِقَةُ هِىَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ خُفْيَةً بِغَيْرِ حَقٍّ (وَ)يَحْرُمُ أَكْلُ (كُلِّ) مَالٍ (مَأْخُوذٍ بِمُعَامَلَةٍ حَرَّمَهَا الشَّرْعُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَحَدُّ شَارِبِهَا أَرْبَعُونَ جَلْدَةً لِلْحُرِّ وَنِصْفُهَا لِلرَّقِيقِ) أَىِ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ (وَلِلإِمَامِ الزِّيَادَةُ) عَنِ الْحَدِّ إِلَى الثَّمَانِينَ (تَعْزِيرًا) أَىْ تَأْدِيبًا لَهُ لِرَدْعِهِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ (وَمِنْهَا أَكْلُ كُلِّ مُسْكِرٍ) وَهُوَ مَا يُغَيِّرُ الْعَقْلَ مَعَ النَّشْوَةِ وَالْفَرَحِ كَالْخَمْرِ (وَكُلِّ نَجِسٍ) كَالدَّمِ (وَمُسْتَقْذَرٍ) كَالْمَنِىِّ وَالْمُخَاطِ (وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ) بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالْيَتِيمُ هُوَ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَلَمْ يَكُنْ بَالِغًا (أَوْ) أَكْلُ مَالِ (الأَوْقَافِ عَلَى خِلافِ مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ) وَالْوَقْفُ عَطِيَّةٌ مُؤَبَّدَةٌ فَلا يَجُوزُ أَكْلُ مَالِ الأَوْقَافِ عَلَى مَا يُخَالِفُ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَإِذَا وَقَفَ مُسْلِمٌ مَاءً لِلشُّرْبِ لا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِى غَيْرِ ذَلِكَ (وَ)يَحْرُمُ أَكْلُ (الْمَأْخُوذِ بِوَجْهِ الِاسْتِحْيَاءِ) فَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مُسْلِمٍ بِطَرِيقِ الْحَيَاءِ (بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) فَحَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلا يَدْخُلُ فِى مِلْكِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ أَمَّا إِذَا اشْتَرَاهُ اسْتِحْيَاءً فَلا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ.

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْعَيْنِ.

     (وَمِنْ مَعَاصِى الْعَيْنِ النَّظَرُ إِلَى النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ بِشَهْوَةٍ) أَىْ بِتَلَذُّذٍ (إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) وَالْمُرَادُ بِالأَجْنَبِيَّةِ غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَنَحْوِهَا وَأَمَّا النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَجَائِزٌ (وَ)يَحْرُمُ النَّظَرُ (إِلَى غَيْرِهِمَا مُطْلَقًا) أَىْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَلَوْ بِلا شَهْوَةٍ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (نَظَرُهُنَّ إِلَيْهِمْ) أَىْ نَظَرُ النِّسَاءِ إِلَى الرِّجَالِ الأَجَانِبِ (إِنْ كَانَ) النَّظَرُ (إِلَى مَا بَيْنَ السُرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) وَيَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى مَا سِوَى ذَلِكَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ (وَنَظَرُ الْعَوْرَاتِ) أَىْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَاتِ وَلَوْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَنَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنَ الرَّجُلِ وَنَظَرِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنَ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَإِنْ كَانَتْ أُمَّهَا أَوْ أُخْتَهَا. وَلا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمَةِ أَنْ تَكْشِفَ مِنْ جَسَدِهَا أَمَامَ غَيْرِ الْمُسْلِمِةِ إِلَّا مَا تَكْشِفُهُ عِنْدَ الْعَمَلِ فِى نَحْوِ الْمَطْبَخِ وَتَنْظِيفِ الْبَيْتِ كَالرَّأْسِ وَالسَّاعِدِ وَالْعُنُقِ وَنِصْفِ السَّاقِ (وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِى الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) أَمَّا إِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ كَاغْتِسْالٍ فَيَجُوزُ، وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ فِى الْخَلْوَةِ السَّوْأَتَانِ وَعَوْرَةُ الْمَرْأَةِ فِى الْخَلْوَةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. (وَحَلَّ مَعَ الْمَحْرَمِيَّةِ) كَالأَبِ مَعَ بِنْتِهِ الْبَالِغَةِ أَوِ الْمُرَاهِقَةِ وَهِىَ الَّتِى قَارَبَتِ الْبُلُوغَ (أَوِ الْجِنْسِيَّةِ) كَالأُمِّ مَعَ بِنْتِهَا الْبَالِغَةِ أَوِ الْمُرَاهِقَةِ (نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) أَىْ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى مَا سِوَى ذَلِكَ (إِذَا كَانَ) النَّظَرُ (بِغَيْرِ شَهْوَةٍ) وَإِلَّا حَرُمَ. (وَيَحْرُمُ النَّظَرُ بِالِاسْتِحْقَارِ إِلَى الْمُسْلِمِ وَالنَّظَرُ فِى بَيْتِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ) مِمَّا يَكْرَهُ عَادَةً وَيَتَأَذَّى بِهِ مَنْ فِى الْبَيْتِ كالنَّظَرِ فِى نَحْوِ شَقِّ الْبَابِ أَوْ ثُقْبٍ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ أَوْ لِوُجُودِ زَوْجَتِهِ أَوْ مَحْرَمِهِ كَبِنْتِهِ (أَوِ) النَّظَرُ إِلَى (شَىْءٍ أَخْفَاهُ كَذَلِكَ) مِمَّا يَتَأَذَّى بِنَظَرِ الْغَيْرِ إِلَيْهِ.

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى اللِّسَانِ.

     (وَمِنْ مَعَاصِى اللِّسَانِ الْغِيبَةُ وَهِىَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ) حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا (بِمَا يَكْرَهُهُ) لَوْ سَمِعَ (مِمَّا فِيهِ فِى خَلْفِهِ) كَقَوْلِ فُلانٌ سَىّءُ الْخُلُقِ أَوْ وَلَدُهُ فُلانٌ قَلِيلُ التَّرْبِيَّةِ أَوْ فُلانٌ تَحْكُمُهُ زَوْجَتُهُ وَأَمَّا الْبُهْتَانُ فَهُوَ أَنْ تَذْكُرَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فِى خَلْفِهِ بِمَا يَكْرَهُ وَهُوَ أَشَدُّ فِى التَّحْرِيمِ (وَالنَّمِيمَةُ وَهِىَ نَقْلُ الْقَوْلِ لِلإِفْسَادِ) أَىْ نَقْلُ كَلامِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ لِافْسَادِ الْعَلاقَةِ بَيْنَهُمْ وَهِىَ مِنْ الْكَبَائِرِ (وَالتَّحْرِيشُ) بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ (مِنْ غَيْرِ نَقْلِ قَوْلٍ) بِالْحَثِّ عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ لِإِيقَاعِ الْفِتْنَةِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالتَّحْرِيشُ حَرَامٌ (وَلَوْ بَيْنَ الْبَهَائِمِ) كَالتَّحْرِيشِ بَيْنَ دِيكَيْنِ أَوْ كَبْشَيْنِ لِيَقْتُلَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ لِأَنَّهُمَا حَيَوَانَانِ مُحْتَرَمَانِ أَىْ لا يَجُوزُ قَتْلُهُمَا إِنَّمَا يَجُوزُ ذَبْحُهُمَا لِأَكْلِهِمَا (وَالْكَذِبُ وَهُوَ الإِخْبَارُ) بِالشَّىْءِ (بِخِلافِ الْوَاقِعِ) مَعَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَهُوَ حَرَامٌ وَلَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَزْحِ (وَالْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ) وَهِىَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ بِذِكْرِ اسْمِهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ عَلَى شَىْءٍ كَذِبًا وَهِىَ مِنْ الْكَبَائِرِ (وَ)كَذَا (أَلْفَاظُ الْقَذْفِ وَهِىَ كَثِيرَةٌ حَاصِلُهَا كُلُّ كَلِمَةٍ تَنْسُبُ إِنْسَانًا أَوْ وَاحِدًا مِنْ قَرَابَتِهِ) كَأُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ (إِلَى الزِّنَى فَهِىَ قَذْفٌ لِمَنْ نُسِبَ إِلَيْهِ) وَالْقَذْفُ (إِمَّا) أَنْ يَكُونَ (صَرِيحًا مُطْلَقًا) كَقَوْلِ فُلانٌ زَانٍ (أَوْ كِنَايَةً) يَحْتَمِلُ الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ وَإِنَّمَا يُعَدُّ قَذْفًا إِذَا كَانَ (بِنِيَّةٍ) كَقَوْلِ يَا خَبِيثُ أَوْ يَا فَاجِرُ بِنِيَّةِ الْقَذْفِ (وَيُحَدُّ الْقَاذِفُ الْحُرُّ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَالرَّقِيقُ) أَىِ الْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ (نِصْفَهَا وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى اللِّسَانِ (سَبُّ الصَّحَابَةِ) أَىْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَسَبُّهُمْ جُمْلَةً كُفْرٌ لِأَنَّ الْقُرْءَانَ وَأُمُورَ الدِّينِ الْمَنْقُولَةَ عَنِ الرَّسُولِ ﷺ مِنْ طَرِيقِهِمْ وَصَلَتْ إِلَيْنَا (وَشَهَادَةُ الزُّورِ) وَهِىَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالزُّورُ هُوَ الْكَذِبُ (وَمَطْلُ الْغَنِىِّ أَىْ تَأْخِيرُ دَفْعِ الدَّيْنِ مَعَ غِنَاهُ أَىْ مَقْدِرَتِهِ) عَلَى الدَّفْعِ وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ (وَالشَّتْمُ) أَىْ شَتْمُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَىْ سَبُّهُ وَذَمُّهُ (وَ)كَذَلِكَ (اللَّعْنُ) أَىْ لَعْنُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ أَىْ سَبُّهُ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ لَعَنَكَ اللَّهُ أَوْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ (وَالِاسْتِهْزَاءُ بِالْمُسْلِمِ) أَىْ تَحْقِيرُهُ (وَكُلُّ كَلامٍ مُؤْذٍ لَهُ) بِغَيْرِ حَقٍّ (وَالْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ كَأَنْ يَقُولَ خَلَقَ اللَّهُ فِى مَكَانِ كَذَا جَبَلًا مِنْ ذَهَبٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَمِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ مَا هُوَ كُفْرٌ كَقَوْلِ الْوَهَّابِيَّةِ أَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ إِنَّ اللَّهَ قَاعِدٌ عَلَى الْعَرْشِ وَإِنَّهُ يَنْزِلُ حَقِيقَةً وَيَصْعَدُ (وَ)أَمَّا الْكَذِبُ (عَلَى رَسُولِهِ) ﷺ فَمِنْهُ مَا هُوَ كَبِيرَةٌ كَأَنْ يَنْسُبَ إِلَى الرَّسُولِ مَا لَمْ يَقُلْهُ لِحَثِّ النَّاسِ عَلَى النَّوَافِلِ كَالذِّكْرِ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْءَانِ مِمَّا لا يُؤَدِّى إِلَى تَكْذِيبِ الشَّرِيعَةِ وَمِنَ الْكَذِبِ عَلَى الرَّسُولِ مَا هُوَ كُفْرٌ كَأَنْ يَنْسُبَ إِلَى الرَّسُولِ ﷺ تَحْلِيلَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ فِى شَرْعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ (وَالدَّعْوَى الْبَاطِلَةُ) وَهِىَ كَأَنْ يَدَّعِىَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ لَهُ مَالًا عَلَى شَخْصٍ وَيَعْتَمِدَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ (وَالطَّلاقُ الْبِدْعِىُّ وَهُوَ مَا كَانَ فِى حَالِ الْحَيْضِ) أَوِ النِّفَاسِ (أَوْ فِى طُهْرٍ جَامَعَ فِيهِ) زَوْجَتَهُ وَيَقَعُ هَذَا الطَّلاقُ وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا (وَالظِّهَارُ وَهُوَ أَنْ) يُشَبِّهَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ بِأُمِّهِ فِى التَّحْرِيمِ كَأَنْ (يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَىَّ كَظَهْرِ أُمِّى أَىْ لا أُجَامِعُكِ) كَمَا لا أُجَامِعُ أُمِّى أَىْ أَمْنَعُ نَفْسِىَ مِنْ جِمَاعِكِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الإِيذَاءِ لِلزَّوْجَةِ (وَفِيهِ كَفَّارَةٌ) عَلَى الزَّوْجِ (إِنْ لَمْ يُطَلِّقْ بَعْدَهُ) أَىْ بَعْدَ الظِّهَارِ (فَوْرًا وَهِىَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (سَلِيمَةٍ) عَمَّا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ كَالْعَمَى وَالْفَالِجِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنِ الإِعْتَاقِ (صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) وُجُوبًا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنِ الصِّيَامِ (أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَوْ فَقِيرًا (سِتِّينَ مُدًّا) أَىْ مَلَّكَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُدًّا مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَالْقُوتُ هُوَ مَا يَعِيشُ عَلَيْهِ الْبَدَنُ كَالْقَمْحِ (وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى اللِّسَانِ (اللَّحْنُ فِى الْقُرْءَانِ بِمَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى أَوْ بِالإِعْرَابِ وَإِنْ لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى) أَىْ يَحْرُمُ عَلَى قَارِئِ الْقُرْءَانِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْءَانَ وَيُخْطِئَ فِى الْقِرَاءَةِ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرِ الْمَعْنَى فَيَجِبُ تَصْحِيحُ الْقِرَاءَةِ إِلَى الْحَدِّ الَّذِى يَسْلَمُ فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الْحَرَكَاتِ وَالْحُرُوفِ (وَالسُّؤَالُ لِلْغَنِىِّ بِمَالٍ أَوْ حِرْفَةٍ) أَىْ لا يَجُوزُ لِلْغَنِىِّ بِمَالٍ أَوْ حِرْفَةٍ يَعْرِفُهَا وَيَجِدُ بِهَا كِفَايَتَهُ أَنْ يَشْحَذَ (وَ)يَحْرُمُ (النَّذْرُ بِقَصْدِ حِرْمَانِ الْوَارِثِ) مِنَ التَّرِكَةِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ كَأَنْ يَقُولَ نَذَرْتُ مَالِىَ لِلْمَسْجِدِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ بِقَصْدِ أَنْ يَحْرِمَ وَارِثَهُ مِنَ التَّرِكَةِ وَهُوَ نَذْرٌ بَاطِلٌ لا يَصِحُّ (وَتَرْكُ الْوَصِيَّةِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ لا يَعْلَمُهُمَا غَيْرُهُ) كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلَّهِ كَزَكَاةٍ أَوْ دَيْنٌ لِآدَمِىٍّ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ لِغَيْرِهِ وَخَشِىَ ضَيَاعَ الدَّيْنِ أَوِ الأَمَانَةِ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَذَا الدَّيْنِ أَوِ الأَمَانَةِ شَخْصًا ثِقَةً غَيْرَ وَارِثٍ (وَالِانْتِمَاءُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ) كَأَنْ يَقُولَ أَنَا ابْنُ فُلانٍ وَهُوَ لَيْسَ ابْنَهُ (أَوْ إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ) كَأَنْ يَقُولَ أَنَا أَعْتَقَنِى فُلانٌ يُسَمِّى غَيْرَ الَّذِى أَعْتَقَهُ وَهُوَ حَرَامٌ مِنَ الْكَبَائِرِ لِأَنَّ فِى ذَلِكَ تَضْيِيعَ حَقٍّ فَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ مَاتَ يَرِثُهُ سَيِّدُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ (وَالْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) قَبْلَ أَنْ يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ وَقَبْلَ أَنْ يُعْرِضَ الْوَلِىُّ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِيذَاءِ وَالْقَطِيعَةِ (وَالْفَتْوَى) فِى أُمُورِ الدِّينِ (بِغَيْرِ عِلْمٍ) وَهِىَ إِمَّا كُفْرٌ أَوْ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ (وَتَعْلِيمُ وَتَعَلُّمُ عِلْمٍ مُضِرٍّ لِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِىٍّ) كَالسِّحْرِ وَالْفَلْسَفَةِ وَهِىَ الْمَوْرُوثَةُ عَنِ الْفَلاسِفَةِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَأَزَلِيَّتِهِ وَهُوَ كُفْرٌ وَالتَّنْجِيمِ أَىِ الإِخْبَارِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ اعْتِمَادًا عَلَى النُّجُومِ (وَالْحُكْمُ بِغَيْرِ حُكْمِ اللَّهِ) أَىْ بِغَيْرِ شَرْعِهِ الَّذِى أَنْـزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ إِجْمَاعًا أَمَّا مَنْ جَحَدَ حُكْمَ اللَّهِ أَىْ أَنْكَرَهُ أَوْ فَضَّلَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ أَوْ سَاوَاهُ بِهِ كَأَنْ قَالَ إِنَّ حُكْمَ اللَّهِ لَيْسَ أَفْضَلَ مِنْهُ بَلْ هُمَا مُتَسَاوِيَانِ فَهُوَ كَافِرٌ (وَ)مِنْ مَعَاصِى اللِّسَانِ (النَّدْبُ) وَهُوَ ذِكْرُ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ (وَالنِّيَاحَةُ) وَهِىَ الصِّيَاحُ عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ لِمُصِيبَةِ الْمَوْتِ (وَكُلُّ قَوْلٍ يَحُثُّ عَلَى) فِعْلِ (مُحَرَّمٍ أَوْ يُفَتِّرُ عَنْ) أَدَاءِ (وَاجِبٍ). (وَكُلُّ كَلامٍ يَقْدَحُ فِى الدِّينِ) أَىْ يَطْعَنُ فِيهِ وَيَذُمُّهُ (أَوْ فِى أَحَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ أَوْ فِى) جَمِيعِ (الْعُلَمَاءِ أَوِ الْقُرْءَانِ أَوْ فِى شَىْءٍ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) أَىْ مَعَالِمِ دِينِهِ كَالصَّلاةِ وَالأَذَانِ فَهُوَ كُفْرٌ (وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى اللِّسَانِ (التَّزْمِيرُ) وَهُوَ النَّفْخُ بِالْمِزْمَارِ (وَالسُّكُوتُ عَنِ الأَمْرِ بالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ) أَىِ السُّكُوتُ عَنِ الأَمْرِ بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَعَنِ النَّهْىِ عَنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ (بغَيْرِ عُذْرٍ) بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْ (وَكَتْمُ الْعِلْمِ) الدِّينِىِّ (الْوَاجِبِ مَعَ وُجُودِ الطَّالِبِ) لَهُ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَالضَّحِكُ لِخُرُوجِ الرِّيحِ) مِنْ مُسْلِمٍ (أَوِ) الضَّحِكُ (عَلَى مُسْلِمٍ اسْتِحْقَارًا لَهُ) لِمَا فِيهِ مِنَ الإِيذَاءِ (وَكَتْمُ الشَّهَادَةِ) بِلا عُذْرٍ بَعْدَ أَنْ دَعَاهُ الْحَاكِمُ إِلَيْهَا وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَتَرْكُ رَدِّ السَّلامِ الْوَاجِبِ عَلَيْكَ) رَدُّهُ كَأَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ غَيْرُ فَاسِقٍ وَلَمْ تَرُدَّ عَلَيْهِ (وَتَحْرُمُ الْقُبْلَةُ لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ بِشَهْوَةٍ) أَىْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ تَقْبِيلُ زَوْجَتِهِ بِشَهْوَةٍ (وَلِصَائِمٍ فَرْضًا) أَىْ يَحْرُمُ عَلَى الصَّائِمِ صَوْمَ فَرْضٍ تَقْبِيلُ زَوْجَتِهِ بِشَهْوَةٍ (إِنْ خَشِىَ الإِنْزَالَ) أَىْ خَشِىَ إِنْزَالَ الْمَنِىِّ بِسَبَبِ الْقُبْلَةِ (وَمَنْ لا تَحِلُّ قُبْلَتُهُ) أَىْ يَحْرُمُ تَقْبِيلُ الأَجْنَبِيَّةِ وَلَوْ بِلا شَهْوَةٍ وَالأَجْنَبِيَّةُ هِىَ مَنْ سِوَى مَحَارِمِهِ وَزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ الَّتِى تَحِلُّ لَهُ.

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الأُذُنِ.

     (وَمِنْ مَعَاصِى الأُذُنِ الِاسْتِمَاعُ إِلَى كَلامِ قَوْمٍ أَخْفَوْهُ عَنْهُ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّجَسُّسِ الْمُحَرَّمِ (وَ)الِاسْتِمَاعُ (إِلَى) صَوْتِ (الْمِزْمَارِ وَالطُّنْبُورِ وَهُوَ ءَالَةُ) لَهْوٍ (تُشْبِهُ الْعُودَ وَ)إِلَى (سَائِرِ الأَصْوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَكَالِاسْتِمَاعِ إِلَى الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَنَحْوِهِمَا بِخِلافِ مَا إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ السَّمَاعُ قَهْرًا) بِلا اسْتِمَاعٍ مِنْهُ (وَكَرِهَهُ) بِقَلْبِهِ (وَلَزِمَهُ) لِيَسْلَمَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ (الإِنْكَارُ) أَىْ إِزَالَةُ الْمُنْكَرِ بِيَدِهِ أَوْ لِسَانِهِ (إِنْ قَدَرَ) وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الإِنْكَارُ بِقَلْبِهِ وَمُفَارَقَةُ الْمَجْلِسِ.

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ.

     (وَمِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ التَّطْفِيفُ فِى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالتَّطْفِيفُ هُوَ أَنْ يُنْقِصَ الْبَائِعُ مِنْ حَقِّ الْمُشْتَرِى عِنْدَ الْبَيْعِ (وَالسَّرِقَةُ) وَهِىَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ خُفْيَةً بِغَيْرِ حَقٍّ (وَيُحَدُّ) السَّارِقُ (إِنْ سَرَقَ مَا يُسَاوِى رُبْعَ دِينَارٍ) مِنَ الذَّهَبِ الْخَالِصِ (مِنْ حِرْزِهِ) أَىْ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِى يُحْفَظُ فِيهِ عَادَةً (بِقَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى) مِنَ الْكُوعِ (ثُمَّ إِنْ عَادَ) ثَانِيًا (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) أَىْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنَ الْكَعْبِ (ثُمَّ) إِنْ عَادَ ثَالِثًا تُقْطَعُ (يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ) إِنْ عَادَ رَابِعًا تُقْطَعُ (رِجْلُهُ الْيُمْنَى. وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ (النَّهْبُ) وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ جِهَارًا بِغَيْرِ حَقٍّ (وَالْغَصْبُ) وَهُوَ الِاسْتِيلاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ ظُلْمًا اعْتِمَادًا عَلَى الْقُوَّةِ (وَالْمَكْسُ) وَهُوَ الضَّرَائِبُ الَّتِى تُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَالْغُلُولُ) وَهُوَ الأَخْذُ مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْغَنِيمَةُ هِىَ مَا يَغْنَمُهُ الْمُسْلِمُونَ فِى الْحَرْبِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ (وَالْقَتْلُ) بِغَيْرِ حَقٍّ (وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ مُطْلقًا) أَىْ فِى قَتْلِ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ إِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُسْلِمًا (وَ)الْكَفَّارَةُ (هِىَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (سَلِيمَةٍ) عَمَّا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ كَالْعَمَى وَالْفَالِجِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنِ الإِعْتَاقِ (صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَفِى عَمْدِهِ) أَىْ فِى قَتْلِ الْعَمْدِ (الْقِصَاصُ) أَىِ الْقَتْلُ (إِلَّا أَنْ عَفَا عَنْهُ الْوَارِثُ) لِلْقَتِيلِ (عَلَى) أَنْ يَدْفَعَ (الدِّيَةَ أَوْ مَجَّانًا) أَىْ عَفَا عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِدَفْعِ الدِّيَةِ فَلا يُقْتَلُ حِينَئِذٍ. (وَفِى) قَتْلِ (الْخَطَإِ) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدِ الْقَتِيلَ بِفِعْلٍ (وَشِبْهِهِ) بِأَنْ قَصَدَهُ بِمَا لا يَقْتُلُ غَالِبًا كَأَنْ غَرَزَهُ بِإِبْرَةٍ فِى غَيْرِ مَقْتَلٍ (الدِّيَةُ) لا الْقِصَاصُ (وَهِىَ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ فِى الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَنِصْفُهَا فِى الأُنْثَى الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَتَخْتَلِفُ صِفَاتُ الدِّيَةِ بِحَسَبِ) نَوْعِ (الْقَتْلِ، وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ (الضَّرْبُ) أَىْ ضَرْبُ الْمُسْلِمِ (بِغَيْرِ حَقٍّ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَأَخْذُ الرِّشْوَةِ وَإِعْطَاؤُهَا) وَالرِّشْوَةُ هِىَ مَا يُعْطَى لِإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ لِإِحْقَاقِ بَاطِلٍ أَىْ لِمَنْعِ صَاحِبِ الْحَقِّ مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهِ أَوْ لِلتَّوَصُّلِ إِلَى كَسْبِ وَتَحْصِيلِ مَا لا يَسْتَحِقُّهُ وَأَمَّا مَا يَدْفَعُهُ الْمُسْلِمُ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لِتَحْصِيلِ حَقِّهِ فَلَيْسَ فِيهِ مَعْصِيَةٌ (وَ)مِنْ الْمَعَاصِى الْكَبَائِرِ (إِحْرَاقُ الْحَيَوَانِ) بِالنَّارِ وَهُوَ حَىٌّ (إِلَّا إِذَا ءَاذَى وَتَعَيَّنَ) الإِحْرَاقُ (طَرِيقًا فِى الدَّفْعِ) أَىْ فِى دَفْعِ الأَذَى وَالضَّرَرِ فَلا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ (الْمُثْلَةُ بِالْحَيَوَانِ) أَىْ تَقْطِيعُ أَجْزَائهِ كَأَنْفِهِ أَوْ أُذُنِهِ وَهُوَ حَىٌّ لِأَنَّ فِى ذَلِكَ تَعْذِيبًا لَهُ (وَاللَّعِبُ بِالنَّرْدِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِى بَعْضِ الْبِلادِ بِالزَّهْرِ وَاللَّعِبُ بِالأَوْرَاقِ الْمُزَوَّقَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِى بَعْضِ الْبِلادِ بِوَرَقِ الشَّدَّةِ (وَكُلُّ مَا فِيهِ قِمَارٌ حَتَّى لَعِبُ الصِّبْيَانِ بِالْجَوْزِ وَالْكِعَابِ) عَلَى صُورَةِ اللَّعِبِ بِالْقِمَارِ فَلا يَجُوزُ لِأَوْلِيَاءِ الصِّبْيَانِ تَمْكِينُ الصِّبْيَانِ مِنْهُ (وَاللَّعِبُ بِآلاتِ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمَةِ كَالطُّنْبُورِ وَالرَّبَابِ وَالْمِزْمَارِ وَالأَوْتَارِ) كَالْكَمَنْجَةِ (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ (لَمْسُ الأَجْنَبِيَّةِ) أَىْ غَيْرِ الْمَحْرَمِ وَالزَّوْجَةِ وَنَحْوِهَا (عَمْدًا بِغَيْرِ حَائِلٍ) وَلَوْ بِلا شَهْوَةٍ (أَوْ بِهِ بِشَهْوَةٍ)، وَاللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ (وَلَوْ مَعَ) اتِّحَادِ (جِنْسٍ) كَلَمْسِ رَجُلٍ لِرَجُلٍ بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمْسِ امْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ (أَوْ مَحْرَمِيَّةٍ) كَلَمْسِ رَجُلٍ مَحْرَمًا لَهُ بِشَهْوَةٍ (وَتَصْوِيرُ ذِى رُوحٍ) وَلَوْ بِهَيْئَةٍ لا يَعِيشُ بِهَا الْحَيَوَانُ كَصُنْعِ تِمْثَالٍ لِإِنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ (وَمَنْعُ الزَّكَاةِ) أَىْ تَرْكُ دَفْعِهَا (أَوْ) إِعْطَاءُ (بَعْضِهَا) أَوْ تَأْخِيرُ دَفْعِهَا (بَعْدَ) وَقْتِ (الْوُجُوبِ وَالتَّمَكُّنِ) لِغَيْرِ عُذْرٍ (وَإِخْرَاجُ مَا لا يُجْزِئُ) عَنِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ (أَوْ إِعْطَاؤُهَا مَنْ لا يَسْتَحِقُّهَا) كَإِعْطَائِهَا لِغَنِىٍّ أَوْ مَنْسُوبٍ لِلرَّسُولِ ﷺ. (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ (مَنْعُ الأَجِيرِ أُجْرَتَهُ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَمَنْعُ الْمُضْطَرِّ مَا يَسُدُّهُ) أَىْ مَا يَسُدُّ حَاجَتَهُ بِلا عُذْرٍ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالْمُرَادُ بِالْمُضْطَرِّ مَنِ اضْطُرَّ لِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ كِسْوَةٍ يَدْفَعُ بِهَا الْهَلاكَ عَنْ نَفْسِهِ (وَعَدَمُ إِنْقَاذِ غَرِيقٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فِيهِمَا وَكِتَابَةُ مَا يَحْرُمُ النُّطْقُ بِهِ) مِنْ غِيبَةٍ وَغَيْرِهَا وَمِثْلُ الْقَلَمِ فِى ذَلِكَ سَائِرُ أَدَوَاتِ الْكِتَابَةِ مِنْ ءَالاتِ طِبَاعَةٍ وَحَاسُوبٍ وَنَحْوِهَا (وَالْخِيَانَةُ وَهِىَ ضِدُّ النَّصِيحَةِ فَتَشْمَلُ الأَفْعَالَ) كَأَكْلِ الأَمَانَةِ (وَالأَقْوَالَ) كَجَحْدِ الأَمَانَةِ (وَالأَحْوَالَ) كَمَنْ يُوهِمُ النَّاسَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الأَمَانَةِ وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ.

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْفَرْجِ.

     (وَمِنْ مَعَاصِى الْفَرْجِ الزِّنَى) وَهُوَ إِدْخَالُ الْحَشَفَةِ أَىْ رَأْسِ الذَّكَرِ فِى فَرْجِ امْرَأَةٍ لا تَحِلُّ لَهُ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَاللِّوَاطُ) وَهُوَ إِدْخَالُ الْحَشَفَةِ فِى دُبُرِ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَأَمَّا جِمَاعُ الزَّوْجَةِ فِى دُبُرِهَا فَهُوَ حَرَامٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ إِلَى حَدِّ اللِّوَاطِ بِغَيْرِ امْرَأَتِهِ وَلا تَطْلُقُ مِنْهُ بِهَذَا الْفِعْلِ كَمَا يَقُولُ بَعْضُ الْجُهَّالِ (وَيُحَدُّ الْحُرُّ) الْمُكَلَّفُ (الْمُحْصَنُ) أَىِ الَّذِى جَامَعَ فِى نِكَاحٍ صَحِيحٍ (ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) إِذَا زَنَى (بِالرَّجْمِ بِالْحِجَارَةِ الْمُعْتَدِلَةِ حَتَّى يَمُوتَ وَ)يُحَدُّ (غَيْرُهُ) أَىْ غَيْرُ الْمُحْصَنِ (بِمِائَةِ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبِ سَنَةٍ) إِلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ مَحَلِّ الزِّنَى (لِلْحُرِّ وَيُنَصَّفُ ذَلِكَ لِلرَّقِيقِ) أَىِ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ. وَأَمَّا حَدُّ فَاعِلِ اللِّوَاطِ فَهُوَ كَحَدِّ الزِّنَى وَأَمَّا الْمَفْعُولُ بِهِ فَحَدُّهُ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ (وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنَ مَعَاصِى الْفَرْجِ (إِتْيَانُ الْبَهَائِمِ) أَىْ جِمَاعُهَا (وَلَوْ) كَانَتْ (مِلْكَهُ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَالِاسْتِمْنَاءُ) وَهُوَ اسْتِخْرَاجُ الْمَنِىِّ بِغَيْرِ جِمَاعٍ بِيَدِهِ أَوْ (بِيَدِ غَيْرِ الْحَلِيلَةِ) أَىْ غَيْرِ (الزَّوْجَةِ وَأَمَتِهِ الَّتِى تَحِلُّ لَهُ وَالْوَطْءُ) أَىِ الْجِمَاعُ (فِى الْحَيْضِ أَوِ النِّفَاسِ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (أَوِ) الْوَطْءُ (بَعْدَ انْقِطَاعِهِمَا وَقَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَ الْغُسْلِ بِلا نِيَّةٍ) مُجْزِئَةٍ (مِنَ الْمُغْتَسِلَةِ أَوْ مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ) وَهُوَ مَا لا بُدَّ مِنْهُ لِصِحَّةِ الْغُسْلِ (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْفَرْجِ (التَّكَشُّفُ عِنْدَ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إِلَيْهِ) أَىْ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إِلَيْهَا (أَوْ) كَشْفُ الْعَوْرَةِ (فِى الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ) أَمَّا لِغَرَضٍ كَالتَّبَرُّدِ فَيَجُوزُ وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ فِى الْخَلْوَةِ السَّوْأَتَانِ أَىِ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ وَعَوْرَةُ الْمَرْأَةِ فِى الْخَلْوَةِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْفَرْجِ (اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ أَوِ اسْتِدْبَارُهَا بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ) فِى غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ (أَوْ) مَعَ وُجُودِ حَائِلٍ لِكِنْ (بَعُدَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ كَانَ) ارْتِفَاعُهُ (أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَىْ ذِرَاعٍ إِلَّا فِى الْمُعَدِّ لِذَلِكَ أَىْ إِلَّا فِى الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) كَبَيْتِ الْخَلاءِ فَلا يَحْرُمُ (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْفَرْجِ التَّبَوُّلُ أَوِ (التَّغَوُّطُ عَلَى الْقَبْرِ) أَىْ عَلَى قَبْرِ الْمُسْلِمِ (وَالْبَوْلُ فِى الْمَسْجِدِ) أَىْ فِى الْمَكَانِ الْمَوْقُوفِ لِلصَّلاةِ (وَلَوْ فِى إِنَاءٍ وَعَلَى) الْمَكَانِ (الْمُعَظَّمِ) شَرْعًا كَالْجِمَارِ وَهِىَ مَوَاضِعُ رَمْىِ الْحَصَى بِمِنًى (وَتَرْكُ الْخِتَانِ لِلْبَالِغِ) إِنْ أَطَاقَ (وَيَجُوزُ) تَرْكُهُ (عِنْدَ مَالِكٍ).

     (فَصَلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الرِّجْلِ.

     (وَمِنْ مَعَاصِى الرِّجْلِ الْمَشْىُ فِى مَعْصِيَةٍ كَالْمَشْىِ فِى سِعَايَةٍ بِمُسْلِمٍ) أَىْ لِلإِضْرَارِ بِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَالَّذِى يَتَجَسَّسُ عَلَى النَّاسِ فَيَأْخُذُ الأَخْبَارَ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَضُرَّهُمْ (أَوِ) الْمَشْىِ (فِى قَتْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِبَاقُ) أَىْ هُرُوبُ (الْعَبْدِ) الْمَمْلُوكِ مِنْ سَيِّدِهِ (وَالزَّوْجَةِ) مِنْ زَوْجِهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِىٍّ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَ)هُرُوبُ (مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ قِصَاصٍ) بِأَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ (أَوْ) مِنْ أَدَاءِ (دَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ) وَاجِبَةٍ (أَوْ بِرِّ وَالِدَيْهِ) الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (أَوْ تَرْبِيَةِ الأَطْفَالِ). (وَ)مِنْ مَعَاصِى الرِّجْلِ (التَّبَخْتُرُ فِى الْمَشْىِ) وَهُوَ أَنْ يَمْشِىَ مِشْيَةَ الْكِبْرِ وَالْفَخْرِ (وَتَخَطِّى الرِّقَابِ) أَىْ رَفْعُ الرِّجْلِ فَوْقَ أَكْتَافِ الْجَالِسِينَ فِى الْمَسْجِدِ لِلْمُرُورِ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِ الإِيذَاءِ لَهُمْ أَمَّا التَّخَطِّى مِنْ غَيْرِ إِيذَاءٍ فَمَكْرُوهٌ (إِلَّا) إِذَا كَانَ التَّخَطِّى (لِفُرْجَةٍ) أَىْ لِأَجْلِ سَدِّ فُرْجَةٍ لا يَصِلُهَا بِغَيْرِ تَخَطٍّ (وَ)يَحْرُمُ (الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى إِذَا كَمَلَتْ شُرُوطُ السُّتْرَةِ) أَىْ يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ إِذَا كَانَتْ مُرْتَفِعَةً قَدْرَ ثُلُثَىْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ وَقَرِيبَةً مِنْهُ ثَلاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَقَلّ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ. وَتُعَدُّ سَجَّادَةُ الصَّلاةِ سُتْرَةً لِلْمُصَلِّى إِنْ لَمْ يَزِدْ طُولُهَا عَلَى ثَلاثَةِ أَذْرُعٍ وَلا يُعَدُّ الشَّخْصُ الْقَاعِدُ أَمَامَ الْمُصَلِّى سُتْرَةً لَهُ (وَ)يَحْرُمُ (مَدُّ الرِّجْلِ إِلَى الْمُصْحَفِ إِذَا كَانَ) قَرِيبًا وَ(غَيْرَ مُرْتَفِعٍ) لِأَنَّ فِى ذَلِكَ إِهَانَةً لَهُ (وَكُلُّ مَشْىٍ إِلَى مُحَرَّمٍ) كَالْمَشْىِ لِلزِّنَى (وَتَخَلُّفٍ عَنْ وَاجِبٍ) كَالْمَشْىِ الَّذِى يَحْصُلُ بِهِ إِخْرَاجُ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا.

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ مَعَاصِى الْبَدَنِ.

     (وَمِنْ مَعَاصِى الْبَدَنِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ) وَهُوَ أَنْ يُؤْذِىَ الْمُسْلِمُ أَحَدَ وَالِدَيْهِ أَوْ كِلَيْهِمَا أَذًى شَدِيدًا. وَمِنْ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ ضَرْبُهُمَا أَوْ شَتْمُهُمَا أَوْ تَرْكُ الإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا إِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ (وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَهُوَ أَنْ يَفِرَّ مِنْ بَيْنِ الْمُقَاتِلِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بَعْدَ حُضُورِ مَوْضِعِ الْمَعْرَكَةِ) فَلا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ أَرْضِ الْمَعْرَكَةِ إِذَا كَانَ عَدَدُ الْكُفَّارِ ضِعْفَ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَقَلَّ إلا لِعُذْرٍ (وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ) بِلا عُذْرٍ وَتَحْصُلُ بِتَرْكِ زِيَارَتِهِمْ أَوْ تَرْكِ الإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ بِالْمَالِ فِى حَالِ الْحَاجَةِ النَّازِلَةِ بِهِمْ. وَالأَرْحَامُ هُمْ كَالأُمِّ وَالأَبِ وَالإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ وَالأَقَارِبِ كَالْجَدَّاتِ وَالأَجْدَادِ وَالْخَالاتِ وَالْعَمَّاتِ وَأَوْلادِهِنَّ وَالأَخْوَالِ وَالأَعْمَامِ وَأَوْلادِهِمْ (وَإِيذَاءُ الْجَارِ) حَرَامٌ (وَلَوْ) كَانَ (كَافِرًا لَهُ أَمَانٌ) مِنَ الْمُسْلِمِينَ (أَذًى ظَاهِرًا) كَضَرْبِهِ أَوْ سَبِّهِ (وَخَضْبُ الشَّعَرِ) أَىْ صَبْغُهُ (بِالسَّوَادِ) وَهُوَ حَرَامٌ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَأَجَازَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لِلْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا (وَتَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَعَكْسُهُ) فِى الْكَلامِ وَالْمَشْىِ وَالْمَلْبَسِ (أَىْ بِمَا هُوَ خَاصٌّ بِأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ فِى الْمَلْبَسِ وَغَيْرِهِ وَإِسْبَالُ الثَّوْبِ لِلْخُيَلاءِ أَىْ إِنْزَالُهُ عَنِ الْكَعْبِ لِلْفَخْرِ) وَالْكِبْرِ وَهُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ أَمَّا لِغَيْرِ الْفَخْرِ وَالْكِبْرِ فَمَكْرُوهٌ لِلرِّجَالِ (وَ)اسْتِعْمَالُ (الْحِنَّاءِ فِى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِلرَّجُلِ بِلا حَاجَةٍ) لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ (وَقَطْعُ الْفَرْضِ) مِنْ صَلاةٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ حَجٍّ (بِلا عُذْرٍ وَقَطْعُ نَفْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) لِأَنَّهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ يَصِيرُ إِتْمَامُهُ وَاجِبًا (وَمُحَاكَاةُ الْمُؤْمِنِ) أَىْ تَقْلِيدُهُ فِى قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (اسْتِهْزَاءً بِهِ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَالتَّجَسُّسُ عَلَى عَوْرَاتِ النَّاسِ) أَىِ الْبَحْثُ عَنْ عُيُوبِهِمْ وَمَسَاوِئِهِمْ (وَالْوَشْمُ) وَهُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِالإِبْرَةِ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ الْكُحْلُ الأَسْوَدُ أَوْ شَىْءٌ أَخْضَرُ فَيَخْتَلِطُ بِالدَّمِ وَيَبْقَى لَوْنُهُ (وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلاثٍ) أَىْ يُكْتَبُ عَلَيْهِ ذَنْبٌ بِتَرْكِ تَكْلِيمِهِ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ (إِلَّا) إِذَا كَانَ هَجْرُهُ (لِعُذْرٍ شَرْعِىٍّ) كَأَنْ كَانَ شَارِبَ خَمْرٍ أَوْ تَارِكًا لِلصَّلاةِ فَيَجُوزُ هَجْرُهُ إِلَى أَنْ يَتُوبَ بَعْدَ إِعْلامِهِ بِسَبَبِ الْهَجْرِ (وَمُجَالَسَةُ الْمُبْتَدِعِ أَوِ الْفَاسِقِ لِلإِينَاسِ لَهُ عَلَى فِسْقِهِ) كَأَنْ جَلَسَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُبْتَدِعِ الْمُبْتَدِعُ فِى الِاعْتِقَادِ وَهُوَ إِمَّا كَافِرٌ كَالْمُشَبِّهِ وَإِمَّا مُسْلِمٌ عَاصٍ وَالْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ مُرْتَكِبُ الْكَبِيرَةِ كَشَارِبِ الْخَمْرِ (وَلُبْسُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَرِيرِ) الْخَالِصِ (أَوْ مَا أَكْثَرُهُ وَزْنًا مِنْهُ لِلرَّجُلِ) أَىِ الذَّكَرِ (الْبَالِغِ إِلَّا خَاتَمَ الْفِضَّةِ) فَإِنَّهُ جَائِزٌ. (وَ)تَحْرُمُ (الْخَلْوَةُ) أَىْ خَلْوَةُ الرَّجُلِ (بِالأَجْنَبِيَّةِ) الْبَالِغَةِ أَوِ الْمُرَاهِقَةِ (بِحَيْثُ لا يَرَاهُمَا) مُسْلِمٌ (ثَالِثٌ) بَصِيرٌ ثِقَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ مُمَيِّزٌ (يُسْتَحَى مِنْهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) كَابْنِ تِسْعِ سِنِينَ (وَسَفَرُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ) مَحْرَمٍ كَأَخٍ أَوْ (نَحْوِ مَحْرَمٍ) كَزَوْجٍ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا كَنَحْوِ عِشْرِينَ كِيلُو مِتْرًا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (وَاسْتِخْدَامُ الْحُرِّ كُرْهًا) بِأَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى عَمَلٍ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَالْعَمَلِ فِى الْبِنَاءِ وَحِرَاثَةِ الأَرْضِ (وَمُعَادَاةُ الْوَلِىِّ) أَىِ اتِّخَاذُهُ عَدُوًّا وَمُحَارَبَتُهُ وَالْوَلِىُّ هُوَ مَنْ أَدَّى جَمِيعَ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتَنَبَ جَمِيعَ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَكْثَرَ مِنَ نَوَافِلِ الطَّاعَاتِ (وَالإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ) كَأَنْ يَبِيعَ السِّلاحَ لِمَنْ يَعْتَدِى بِهِ عَلَى النَّاسِ (وَتَرْوِيجُ الزَّائِفِ) كَالَّذِى يُرَوِّجُ الْعُمْلَةَ الْوَرَقِيَّةَ الْمُزَيَّفَةَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَشِّ وَأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (وَاسْتِعْمَالُ أَوَانِى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) فِى الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَ)يَحْرُمُ (اتِّخَاذُهَا) أَىِ اقْتِنَاءُ أَوَانِيهِمَا بِلا اسْتِعْمَالٍ (وَتَرْكُ) أَدَاءِ (الْفَرْضِ) كَالصَّلاةِ (أَوْ فِعْلُهُ) صُورَةً (مَعَ تَرْكِ رُكْنٍ) مِنْ أَرْكَانِهِ (أَوْ شَرْطٍ) مِنْ شُرُوطِهِ (أَوْ مَعَ فِعْلِ مُبْطِلٍ لَهُ وَتَرْكُ) صَلاةِ (الْجُمُعَةِ مَعَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ) بَدَلًا عَنْهَا (وَتَرْكُ نَحْوِ أَهْلِ قَرْيَةٍ) أَوْ مَدِينَةٍ (الْجَمَاعَاتِ فِى) الصَّلَوَاتِ (الْمَكْتُوبَاتِ وَتَأْخِيرُ الْفَرْضِ عَنْ وَقْتِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) كَأَنْ أَخَّرَ الصَّلاةَ عَمْدًا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الصَّلاةِ الأُخْرَى (وَرَمْىُ الصَّيْدِ بِالْمُثَقَّلِ الْمُذَفِّفِ) فَلا يَجُوزُ الصَّيْدُ بِالْمُثَقَّلِ (أَىْ بِالشَّىْءِ الَّذِى يَقْتُلُ بِثِقَلِهِ كَالْحَجَرِ) وَلا بِالْمُذَفِّفِ وَهُوَ الْمُسْرِعُ لِإِزْهَاقِ الرُّوحِ كَالرَّصَاصِ الَّذِى عُرِفَ اسْتِعْمَالُهُ لِلصَّيْدِ (وَاتِّخَاذُ الْحَيَوَانِ غَرَضًا) أَىْ هَدَفًا يُرْمَى إِلَيْهِ لِتَعَلُّمِ الرِّمَايَةِ أَوْ لِلَّهْوِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَعَدَمُ مُلازَمَةِ الْمُعْتَدَّةِ) الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا (لِلْمَسْكَنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) أَىْ تَرْكُ الْمَبِيتِ فِى بَيْتِهَا أَثْنَاءَ الْعِدَّةِ وَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ إِلَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا تَنْتَهِى بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَيَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ لِحَاجَةٍ كَشِرَاءِ طَعَامٍ إِنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَقْضِى لَهَا حَاجَتَهَا. (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْبَدَنِ (تَرْكُ) الزَّوْجَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا (الإِحْدَادَ عَلَى الزَّوْجِ) وَالإِحْدَادُ هُوَ الْتِزَامُ تَرْكِ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ إِلَى انْتِهَاءِ الْعِدَّةِ وَلَيْسَ مِنَ الإِحْدَادِ الْوَاجِبِ عَدَمُ تَكْلِيمِهَا لِلرِّجَالِ الأَجَانِبِ وَعَدَمُ كَشْفِ وَجْهِهَا أَمَامَهُمْ أَوْ عَدَمُ الْجُلُوسِ فِى شُرْفَةِ الْبَيْتِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ (وَ)يَحْرُمُ (تَنْجِيسُ الْمَسْجِدِ) بِنَجِسٍ كَبَوْلٍ (وَتَقْذِيرُهُ وَلَوْ بِطَاهِرٍ) مُسْتَقْذَرٍ كَالْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ (وَالتَّهَاوُنُ بِالْحَجِّ بَعْدَ الِاسْتِطَاعَةِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ) أَىْ إِذَا أَخَّرَ أَدَاءَ الْحَجِّ بَعْدَ حُصُولِ الِاسْتِطَاعَةِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ وَقَعَ فِى ذَنْبٍ كَبِيرٍ. وَإِذَا حُجَّ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ فَلا يُسْأَلُ عَنْهُ (وَالِاسْتِدَانَةُ لِمَنْ لا يَرْجُو وَفَاءً لِدَيْنِهِ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ دَائِنُهُ بِذَلِكَ) أَمَّا إِنْ كَانَ دَائِنُهُ يَعْلَمُ بِحَالِهِ وَمَعَ ذَلِكَ أَقْرْضَهُ فَلا حَرَجَ عَلَيْهِ (وَعَدَمُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ) أَىِ الْعَاجِزِ عَنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ مَعَ عِلْمِ الدَّائِنِ بِعَجْزِهِ أَىْ يَحْرُمُ أَنْ يُؤْذِيَهُ بِحَبْسٍ أَوْ إِزْعَاجٍ (وَبَذْلُ الْمَالِ) أَىْ صَرْفُهُ (فِى الْمَعْصِيَةِ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ كَالَّذِى يَصْرِفُ الْمَالَ فِى شِرَاءِ الصُّوَرِ الْمُجَسَّمَةِ لِإِنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ (وَالِاسْتِهَانَةُ بِالْمُصْحَفِ) أَىِ الإِخْلالُ بِتَعْظِيمِهِ كَمَسِّهِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ مَدِّ الرِّجْلِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ قَرِيبًا وَغَيْرَ مُرْتَفِعٍ وَأَمَّا الِاسْتِخْفَافُ بِهِ كَدَوْسِهِ عَمْدًا أَوْ حَرْقِهِ بِنِيَّةِ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ فَهُوَ كُفْرٌ، (وَ)الِاسْتِهَانَةُ (بِكُلِّ عِلْمٍ شَرْعِىٍّ) كَتَوَسُّدِ كُتُبَ الشَّرْعِ (وَتَمْكِينُ الصَّبِىِّ الْمُمَيِّزِ مِنْهُ) أَىْ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلِهِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لِغَيْرِ حَاجَةِ الصَّبِىِّ لِلتَّعَلُّمِ فِيهِ (وَتَغْيِيرُ مَنَارِ الأَرْضِ أَىْ تَغْيِيرُ الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ مِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ) بِأَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِ جَارِهِ وَيَضُمَّهَا إِلَى أَرْضِهِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَالتَّصَرُّفُ فِى الشَّارِعِ) وَهُوَ الطَّرِيقُ النَّافِذُ (بِمَا لا يَجُوزُ) فِعْلُهُ فِيهِ أَىْ بِمَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ كَأَنْ يَبْنِىَ شَيْئًا مُرْتَفِعًا لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ فِى الشَّارِعِ أَوْ لِيَضَعَ عَلَيْهِ أَغْرَاضَهُ لِيَبِيعَهَا (وَاسْتِعْمَالُ) الشَّىْءِ (الْمُعَارِ فِى غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ) كَأَنِ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَنَقَلَ عَلَيْهَا مَتَاعَ مَنْزِلِهِ (أَوْ زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا) كَأَنْ أَعَارَهُ شَخْصٌ سَيَّارَتَهُ لِأُسْبُوعٍ فَاسْتَعْمَلَهَا أُسْبُوعَيْنِ (أَوْ أَعَارَهُ لِغَيْرِهِ) أَىْ أَعَارَ الشَّىْءَ الْمُعَارَ لِغَيْرِهِ بِلا إِذْنٍ مِنَ الْمَالِكِ (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْبَدَنِ (تَحْجِيرُ الْمُبَاحِ) أَىْ مَنْعُ النَّاسِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِالأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ لَهُمْ (كَالْمَرْعَى) فِى أَرْضٍ لا مَالِكَ لَهَا (وَالِاحْتِطَابِ) أَىْ أَخْذِ الْحَطَبِ (مِنَ) الأَرْضِ (الْمَوَاتِ) الَّتِى لا مَالِكَ لَهَا (وَ)مَنْعُهُمْ مِنْ أَخْذِ (الْمِلْحِ مِنْ مَعْدِنِهِ) كَالْبَحْرِ (وَالنَّقْدَيْنِ) أَىِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ مَعْدِنِهِمَا أَىْ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِى خُلِقَا فِيهِ (وَغَيْرِهِمَا) مِنَ الْمَعَادِنِ (وَ)يَحْرُمُ مَنْعُ النَّاسِ مِنَ (الْمَاءِ لِلشُّرْبِ مِنَ الْمُسْتَخْلَفِ وَهُوَ الَّذِى إِذَا أُخِذَ مِنْهُ شَىْءٌ يَخْلُفُهُ غَيْرُهُ) كَمَنْعِهِمْ مِنَ الشُّرْبِ مِنَ مَاءِ الْبِئْرِ الَّتى حَفَرَهَا فِى الأَرْضِ الْمَوَاتِ (وَاسْتِعْمَالُ اللُّقَطَةِ) وَهِىَ مَا ضَاعَ مِنْ مَالِكِهِ فِى شَارِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِمَا (قَبْلَ التَّعْرِيفِ) عَنْهَا (بِشُرُوطِهِ) فَإِذَا عَرَّفَهَا سَنَةً جَازَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بِنِيَّةِ أَنْ يَغْرَمَ لِصَاحِبِهَا إِذَا ظَهَرَ (وَالْجُلُوسُ) فِى مَكَانٍ (مَعَ مُشَاهَدَةِ الْمُنْكَرِ) أَىِ الْبَقَاءُ فِيهِ مَعَ الْعِلْمِ بِوُجُودِ الْمُنْكَرِ فِيهِ (إِذَا لَمْ يُعْذَرْ وَالتَّطَفُّلُ فِى الْوَلائِمِ وَهُوَ الدُّخُولُ) إِلَيْهَا (بِغَيْرِ إِذْنٍ أَوْ أَدْخَلُوهُ) إِلَيْهَا (حَيَاءً) مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ (وَعَدَمُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فِى النَّفَقَةِ) الْوَاجِبَةِ (وَالْمَبِيتِ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَأَمَّا التَّفْضِيلُ) أَىْ عَدَمُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ (فِى الْمَحَبَّةِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْمَيْلِ) وَالْجِمَاعِ وَمَا زَادَ عَلَى النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ (فَلَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ). (وَخُرُوجُ الْمَرْأَةِ) مِنْ بَيْتِهَا حَرَامٌ (إِنْ كَانَتْ تَمُرُّ عَلَى الرِّجَالِ الأَجَانِبِ بِقَصْدِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ) أَىِ اسْتِمَالَتِهِمْ لِلْمَعْصِيَةِ وَلَوْ كَانَتْ سَاتِرَةً لِلْعَوْرَةِ (وَالسِّحْرُ) وَهُوَ مُزَاوَلَةُ أَفْعَالٍ وَأَقْوَالٍ خَبِيثَةٍ وَمِنْهُ مَا هُوَ كُفْرٌ كَالسُّجُودِ لِصَنَمٍ أَوْ شَيْطَانٍ (وَالْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ الإِمَامِ) أَىِ الْخَلِيفَةِ (كَالَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى) سَيِّدِنَا (عَلِىٍّ فَقَاتَلُوهُ) فِى الْوَقَائِعِ الثَّلاثِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالنَّهْرَوَانِ (قَالَ) الإِمَامُ (الْبَيْهَقِىُّ) فِى كِتَابِ الِاعْتِقَادِ (كُلُّ مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا فَهُمْ بُغَاةٌ) أَىْ ظَالِمُونَ (وَكَذَلِكَ قَالَ) الإِمَامُ (الشَّافِعِىُّ قَبْلَهُ) فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِىُّ وَغَيْرُهُ فَالَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى سَيِّدِنَا عَلِىٍّ ظَلَمُوهُ (وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُمْ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ) كَالزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا (لِأَنَّ الْوَلِىَّ لا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ) الْوُقُوعُ فِى (الذَّنْبِ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ) وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ تَابَا وَرَجَعَا عَنْ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ. (وَ)مِنْ مَعَاصِى الْبَدَنِ (التَّوَلِّى عَلَى يَتِيمٍ أَوِ مَسْجِدٍ أَوْ لِقَضَاءٍ) أَىْ أَنْ يَتَوَلَّى الشَّخْصُ التَّصَرُّفَ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فِيهِ أَوْ يَتَوَلَّى وَظِيفَةً تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ كَأَنْ يَنْتَصِبَ إِمَامًا فِى مَسْجِدٍ لِيُصَلِىَّ بِالنَّاسِ وَهُوَ لا يُحْسِنُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ لَيْسَ أَهْلًا (أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ بِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ، وَإِيوَاءُ الظَّالِمِ وَمَنْعُهُ مِمَّنْ يُرِيدُ أَخْذَ الْحَقِّ مِنْهُ) وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ (وَتَرْوِيعُ الْمُسْلِمِينَ) أَىْ تَخْوِيفُهُمْ وَإِرْعابُهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَقَطْعُ الطَّرِيقِ) عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَيَحْصُلُ بِإِخَافَةِ الْمَارَّةِ أَوْ أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ أَوْ قَتْلِهِمْ (وَيُحَدُّ) أَىْ يُعَاقَبُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ (بِحَسَبِ جِنَايَتِهِ إِمَّا بِتَعْزِيرٍ) كَحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ إِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ إِخَافَةَ الْمَارَّةِ فَقَطْ (أَوْ بِقَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ خِلافٍ) فَتُقَطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنَ الْكُوعِ وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنَ الْكَعْبِ (إِنْ) أَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا يُسَاوِى رُبْعَ دِينَارِ ذَهَبٍ أَوْ أَكْثَرَ وَ(لَمْ يَقْتُلْ أَوْ) يُعَاقَبُ (بِقَتْلٍ وَصَلْبٍ أَىْ) يُقْتَلُ وَيُعَلَّقُ عَلَى خَشَبَةٍ مُعْتَرِضَةٍ (إِنْ قَتَلَ) مِنْهُمْ أَحَدًا وَأَخَذَ مِنْهُمْ مَالًا أَمَّا إِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ الْقَتْلَ بِلا أَخْذِ مَالٍ فَعُقُوبَتُهُ الْقَتْلُ بِلا صَلْبٍ (وَمِنْهَا) أَىْ وَمِنْ مَعَاصِى الْبَدَنِ (عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ) وَهُوَ مَا كَانَ فِى طَاعَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ (وَالْوِصَالُ فِى الصَّوْمِ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ) مُتَتَالِيَيْنِ (فَأَكْثَرَ بِلا تَنَاوُلِ مُفَطِّرٍ) عَمْدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ (وَأَخْذُ مَجْلِسِ غَيْرِهِ) فِى مَكَانٍ عَامٍّ كَمَسْجِدٍ (أَوْ زَحْمَتُهُ الْمُؤْذِيَةُ) أَىْ صَارَ يُزَاحِمُهُ بِحَيْثُ يُؤْذِيهِ (أَوْ أَخْذُ نَوْبَتِهِ) أَىْ أَخْذُ دَوْرِ غَيْرِهِ فِى نَحْوِ اسْتِقَاءِ الْمَاءِ الَّذِى لا يَكْفِى لِأَهْلِ الْبَلَدِ إِلَّا بِالدَّوْرِ أَمَّا إِذَا كَانَ الشَّخْصُ يَمْلِكُ فُرْنًا لِلْخُبْزِ وَنَحْوِهِ فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ شَاءَ فِى الْبَيْعِ وَيُؤَخِّرَ مَنْ شَاءَ.

 

(التَّوْبَةُ)

     (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ أَحْكَامِ التَّوْبَةِ.

     (تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ) جَمِيعِ (الذُّنُوبِ) كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا (فَوْرًا عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ وَ)أَرْكَانُ التَّوْبَةِ (هِىَ النَّدَمُ) عَلَى وُقُوعِهِ فِى الذَّنْبِ كَأَنْ يَقُولَ بِقَلْبِهِ يَا لَيْتَنِى مَا فَعَلْتُ ذَلِكَ (وَالإِقْلاعُ) عَنِ الذَّنْبِ (وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لا يَعُودَ إِلَيْهِ). وَمَعْرِفَةُ الْمَعَاصِى شَرْطٌ لِلتَّوْبَةِ مِنْهَا لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا وَقَعَ فِى ذَنْبٍ كَيْفَ يَتْرُكُهُ وَينْدَمُ علَى فِعْلِهِ ويَعْزِمُ علَى أَنْ لا يَعُودَ إلَيْهِ وهُوَ لا يَعْرِفُ أَنَّهُ ذَنْبٌ. (وَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ تَرْكَ فَرْضٍ) كَصَلاةٍ (قَضَاهُ) فَوْرًا (أَوْ) كَانَ فِيهِ (تَبِعَةٌ لِآدَمِىٍّ) كَأَنْ سَبَّ مُسْلِمًا أَوْ ضَرَبَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ اسْتَسْمَحَهُ أَوْ كَانَ فِيهِ حَقٌّ لِآدَمِىٍّ كَأَنْ سَرَقَ لَهُ مَالَهُ (قَضَاهُ أَوِ اسْتَرْضَاهُ) أَىْ رَدَّ لَهُ مَالَهُ أَوْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُسَامِحَهُ حَتَّى لا يَكُونَ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَةٌ وَعِقَابٌ فِى الآخِرَةِ.

وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

لِمُشَاهَدَةِ الدَّرْسِ: https://youtu.be/MQA5k24OywU

لِلِاسْتِمَاعِ إِلَى الدَّرْسِ:      https://soundcloud.com/shaykh-gilles-sadek/mokhtasar-4