الخميس نوفمبر 21, 2024

الْوَاجِبَاتُ الْقَلْبِيَّةُ

   بَعْدَمَا تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُعَامَلاتِ وَمِنْهَا النِّكَاحُ وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ شَرَعَ فِى الْكَلامِ عَلَى وَاجِبَاتِ الْقَلْبِ فَقَالَ (فَصْلٌ) فِى بَيَانِ الْوَاجِبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ وَهِىَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ.

   (مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ الإِيـمَانُ بِاللَّهِ) أَىِ الإِيـمَانُ الْجَازِمُ بِوُجُودِهِ تَعَالَى عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ مَعَ الإِيـمَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآتِى ذِكْرُهُ أَصْلُ الْوَاجِبَاتِ، (وَ)الإِيمَانُ (بِمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ) مِنَ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِى وَالأَخْبَارِ بِأَنَّهَا حَقٌّ (وَالإِيمَانُ بِرَسُولِ اللَّهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا (وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مِنَ الأَحْكَامِ وَالأَخْبَارِ، (وَالإِخْلاصُ وَهُوَ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ) أَىْ أَنْ يُخْلِصَ النِّيَّةَ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ بِهَا عِنْدَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَحْمَدَةَ النَّاسِ وَالنَّظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الِاحْتِرَامِ، (وَالنَّدَمُ عَلَى الْمَعَاصِى) أَىْ أَنْ يَسْتَشْعِرَ فِى قَلْبِهِ النَّدَمَ لِأَنَّهُ عَصَى اللَّهَ وَهَذَا وَاجِبٌ فِى الْمَعَاصِى كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ صَغِيرَةً أَمْ كَبِيرَةً، (وَالتَّوَكُّلُ) أَىِ الِاعْتِمَادُ (عَلَى اللَّهِ) وَحْدَهُ (وَالْمُرَاقَبَةُ لِلَّهِ) وَهِىَ اسْتِدَامَةُ خَوْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقَلْبِ بِحَيْثُ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى أَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ وَتَرْكِ مَا حَرَّمَهُ، (وَالرِّضَا عَنْ) تَقْدِيرِ (اللَّهِ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ لَهُ وَتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ) عَلَيْهِ فِى شَىْءٍ مِمَّا قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ سَوَاءٌ كَانَ حُلْوًا أَمْ مُرًّا، (وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ) بِأَنْ يُنْزِلَهَا الْمَنْزِلَةَ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ بِهَا لا دُونَهَا وَلا يَسْتَهِينَ بِهَا بِإِنْزَالِهَا دُونَ الْمَنْزِلَةِ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ بِهَا، (وَالشُّكْرُ عَلَى نِعَمِ اللَّهِ) الشُّكْرَ الْوَاجِبَ (بِمَعْنَى عَدَمِ اسْتِعْمَالِهَا فِى مَعْصِيَةِ) الْمُنْعِمِ، (وَالصَّبْرُ) وَهُوَ حَبْسُ النَّفْسِ وَقَهْرُهَا عَلَى مَكْرُوهٍ تَتَحَمَّلُهُ أَوْ لَذِيذٍ تُفَارِقُهُ وَوَاجِبُهُ ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ أَوَّلُهَا الصَّبْرُ (عَلَى أَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ) كَالصَّلاةِ (وَ)ثَانِيهَا (الصَّبْرُ عَنْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى) كَالصَّبْرِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ وَعَنِ الزِّنَى (وَ)ثَالِثُهَا (الصَّبْرُ عَلَى مَا ابْتَلاكَ اللَّهُ بِهِ) مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْبَلايَا بِمَعْنَى عَدَمِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى اللَّهِ أَوِ الدُّخُولِ فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، (وَبُغْضُ الشَّيْطَانِ) أَىْ كَرَاهِيَتُهُ وَالشَّيْطَانُ هُوَ الْكَافِرُ مِنَ الْجِنِّ أَبُوهُمُ الأَكْبَرُ إِبْلِيسُ، (وَبُغْضُ الْمَعَاصِى) لِأَنَّ اللَّهَ ذَمَّهَا وَحَرَّمَ عَلَيْنَا فِعْلَهَا، (وَمَحَبَّةُ اللَّهِ) بِتَعْظِيمِهِ التَّعْظِيمَ الْوَاجِبَ وَالتَّذَلُّلِ لَهُ غَايَةَ التَّذَلُّلِ، (وَمَحَبَّةُ كَلامِهِ) أَىِ الْقُرْءَانِ بِالإِيـمَانِ بِهِ، (وَ)مَحَبَّةُ (رَسُولِهِ) مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَعْظِيمِهِ التَّعْظِيمَ اللَّازِمَ وَمَحَبَّةُ سَائِرِ إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (وَ)مَحَبَّةُ (الصَّحَابَةِ) مِنْ حَيْثُ الإِجْمَالُ بِمَعْنَى تَعْظِيمِهِمْ فَإِنَّهُمْ أَنْصَارُ دِينِ اللَّهِ وَلا سِيَّمَا السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْهُمْ وَالصَّحَابَةُ جَمْعُ صَحَابِىٍّ وَهُوَ مَنِ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِالنَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ الْعَادَةِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ (وَ)مَحَبَّةُ (الآلِ) وَهُمْ أَزْوَاجُهُ وَأَقْرِبَاؤُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَذَلِكَ لِمَا خُصُّوا بِهِ مِنَ الْفَضْلِ وَقَرَابَةِ أَفْضَلِ خَلْقِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَ)مَحَبَّةُ (الصَّالِحِينَ) لِأَنَّهُم أَحْبَابُ اللَّهِ لِمَا لَهُمْ مِنَ الْقُرْبِ إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ الْكَامِلَةِ.