الإثنين يناير 6, 2025
  • الهمُّ بالمعصية والعزم

    أما حكم المعاصي غير الكفر فمن همَّ بشىء منها ولم يعمل ولم يتكلم لم يؤاخذ بذلك [(1050)] لحديث البخاري [(1051)] «إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسَها ما لم تعمل أو تَكَلَّم».

    قال العلماء [(1052)]: الهمّ هو أن يقصد المعصية من غير أن يعزم، فإن عزم استحق المؤاخذة والعقوبة في الآخرة. وقال بعض [(1053)]: لا يؤاخذ بالعزم أيضًا ما لم يعمل أو يتكلم فإن عمل فيؤاخذ. والقولُ بعدم المؤاخذة بالعزم مَرجوح وهو خلاف قول الجمهور. واحتجت الطائفة الأولى بالحديث الصحيح [(1054)] «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار»، قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول، قال «كان حريصًا على قتل صاحبه». هذا الحديث موافق للحديث الأول حيث إنه حصل العمل وهو حمل السيف.
    ومن أصرح ما جاء في هذه المسألة حديث البخاري ومسلم [(1055)] عن ابن عباس: «إن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات ثم بيّن ذلك فمن همّ بحسنةٍ فلم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعفٍ إلى أضعاف كثيرة، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، فإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة».

    ـ[1050] رواه البخاري في صحيحه: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ.
    ـ[1051] رواه أبو داود في سننه: كتاب الأقضية: باب في القاضي يخطئ.
    ـ[1052] تقدم تخريجه.
    ـ[1053] تقدم تخريج ذلك.
    ـ[1054] إنما الشرك الاستغاثة والاستعانة بغير الله على وجه خاص.
    ـ[1055] معاني القرءان وإعرابه (1/ 48)، لسان العرب (3/ 273).