ليعلم أن النبي لم يعدّد الزواج إلا بعد أن بلغ عمره خمسين سنة، ولو كان الأمر كما يقولون، لكان عدَّد الزواج قبل أن يبلغ هذا العمر، ولو كان وَلوعًا شغوفًا بحبّ النساء لاختار الفتيات الأبكار فقط، ولكنه لم يتزوج بكرًا قطّ غير السيدة عائشة رضي الله عنها، ثم تعديده لم يكن لإشباع الشهوة؛ بل لحِكَمٍ تعود إلى مصالح دعوته الإسلامية، فخصّصه الله تعالى دون أمته بأن أباح له أن يجمع بين أكثر من أربع من الزوجات.
ومن الدليل على أنه لم يكن معلَّق القلب بالنساء، ما رواه مسلم في صحيحه عن السيدة عائشة أنها قالت: «ما كانت تمرّ ليلتي على رسول الله عليه السلام إلا خرج إلى البقيع – أي: جبانة المدينة – يدعو لأهل الجبانة»([1]). مع ما اجتمع في السيدة عائشة من حداثة السن والجمال.
[1])) صحيح مسلم، مسلم، باب: ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، (3/63)، رقم 2299.
[2])) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، (3/338). وفيه: «أنه قام رسول الله ﷺ حتى تَفَطَّرتْ قدماه»، أي: تشقَّقَت. يقال: تَفَطَّرت وانْفَطرت بمعنى.اهـ. لكن بحيث لا يضرُّ نفسه ﷺ.
[3])) أي: بدون أذى.
[4])) سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشية العامرية هي زوج النبي ﷺ، تزوجها رسول الله ﷺ بمكة بعد وفاة خديجة قبل عائشة، وأسنت عند رسول الله ﷺ ولم تصب منه ولدًا إلى أن مات.اهـ. أسد الغابة، ابن الأثير، (7/175).
[5])) زينب بِنْت خزيمة بن الحَارِث بن عَبْد الله بن عَمْرو بن عَبْد مناف بن هلال بن عامر ابن صعصعة الهلالية، زوج النَّبِيّ ﷺ، يقال لها: أم المساكين، لكثرة إطعامها للمساكين وصدقتها عليهم. وكانت تحت عَبْد الله بن جحش، فقتل عنها يوم أحد، فتزوجها رسول الله ﷺ. تزوجها رسول الله ﷺ بعد حفصة. أسد الغابة، ابن الأثير، (3/359).