الأحد ديسمبر 22, 2024

مختصرُ كِتاب الفتح الرّحمَاني

في ذكر الصلاة على أشرف الخلائق الإنساني سيدنا محمد المصطفى العدناني صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وأصحابه النجباء البررة الكرام

ـ اختصره المحدث الفقيه الشيخ عبد الله الهرري الأشعري الشافعي القادري الرفاعي غفر الله له ولوالديه ءامين

ـ اختصر فيه كتاب الشيخ الواثق بالله الصمد أبي عبد الله هاشم بن عبد العزيز المحمدي الشافعي الأشعري القادري الهرري تغمده الله برحمته وأسكنه بحبوح جنته ءامين

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي محمد وءاله وصحبه الطيبين.

قال مختصِرُه العلامة الفقيه المحدث اللغوي الشيخ عبد الله الهرري الأشعري الشافعي الرفاعي القادري حفظه الله:

اعلم رحمك الله أنه مع عظم فضل الصلاة على النبي فالاشتغال بعلم الدين أفضل، والدليل على ذلك قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: (يا أبا ذر لأن تغدو فتتعلم ءايةً من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة، ولأن تغدو فتتعلم باباً من العلم خير لك من أن تصلي ألف ركعة) أي من النفل، وهو حديث ثابت حسن رواه ابن ماجه وغيره.

فهذا الحديث يدل على أن غدو الشخص أي ذهابه إلى عالم فيتعلم باباً من العلم أفضل من ركعات التراويح والوتر في رمضان كله، لأن عددها في ثلاثين ليلة ستمائة وتسعين، فيكون معنى الحديث أن الذي يغدو إلى عالم فيتعلم باب الاستنجاء أو باب التيمم أو باب غسل الجنابة أو باب الوضوء أو غير ذلك أفضل من هذه الركعات الستمائة والتسعين ركعة التي هي ركعات التراويح مع الوتر، وفضل الاشتغال بالعلم درجة عالية.

ثم إن كل الأعمال لا تقبل إلا أن توافق الشرع، وموافقة الشرع وعدم موافقته لا يُعرف إلا بالعلم، فلأجل هذا ينبغي صرف أكثر الوقت في العلم. والعلم لا يؤخذ إلا من أفواه العلماء، ولا تكفي مطالعة الكتب بغير تلقٍ من أفواه العلماء، بل كثير من الناس الذين يضلون سببه أنهم لا يتلقون علم الدين من أفواه العلماء بل يعتمدون على المطالعة في مؤلفات العلماء، قال الإمام الحافظ الفقيه الشافعي الخطيب البغدادي: “من أخذ الحديث من الكتب لا يسمى محدثاً بل يسمى صحفياً، ومن أخذ القرءان من المصحف يسمى مصحفياً لا يسمى قارئاً”، وقال إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه: “أفضل العلم العلم بالله ورسوله وأمورِ دينه” اهـ. وأهم العلوم علم العقيدة فقد قال العلماء: يجب على طريق فرض الكفاية أن يكون في المسلمين من يقوم ببيان عقيدة أهل السنة والجماعة بدلائلها العقلية والنقلية لدفع تشكيكات المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه ويجعلون الله جسماً يسكن ويتحرك وينزل ويطلع، وإنه متحيز في جهة فوق، وإبطال عقيدة المعتزلة الذين يقولون العبد هو يخلق أفعاله الاختيارية ليس الله يخلقها.

واليوم توجد من المشبهة الوهابية الذين يقولون إن الله جسم قاعد على العرش ينزل بذاته كل ليلة إلى السماء الدنيا ويمكث في السماء الدنيا ثلث الليل الأخير ثم يرجع إلى السماء بعد طلوع الفجر، ويكفّرون من يتوسل بالرسول أو الأولياء، ويكفرون من يقول: يا محمد أو يا عبد القادر فيعتبرونه كافراً حلال الدم، لذلك يقتلون الناس في الجزائر لغير سبب شرعي وفي الشيشان وفي اليمن وفي مصر، فإذا لم يوجد من يقدر دفع شُبَه هؤلاء المشبهة والذين يقولون بقول المعتزلة بالدليل النقلي والدليل العقلي، يؤثر هؤلاء على من لا يعرف الدليل فيخرجونهم من عقيدة الإيمان إلى عقيدة الكفر من حيث لا يشعرون. وقد قالت الوهابية منذ سنتين تقريباً بالمدينة المنورة قال شيخهم المدرس: ثلاثة أرباع المسلمين كفار لأنهم يقولون: يا محمد، يا عبد القادر، وقالت الوهابية في هرر جماعة إبراهيم حسن: هرر وما فيها مشرك، فالذين يشتغلون بقراءة القرءان وكثرة الصلاة على النبي وكثرة الصلاة والتهجد لا يستطيعون رد هؤلاء إنما يستطيع من أتقن عقيدة أهل السنة في تنزيه الله تعالى عن مشابهة شيء من خلقه وعقيدة أنه لا خالق إلا الله بالقرءان والحديث ودلائل العقل.

وها أنا أوكد عليكم نصيحتي بالاشتغال بالعلم وصرف أكثر أوقاتكم له بدل أن تصرفوا أكثر أوقاتكم في قراءة كتاب الفتح الرحماني وكتاب تنبيه الأنام وكتاب المولد، فإن ذكر الله أفضله لا إله إلا الله ويمكن الشخص أن يكثر منه وهو سائر في الطرق، وهو مضطجع على جنبه للنوم إلى أن يُغفي، وكذلك الصلاة على النبي يكثر أحدكم وهو ماشي في الطرق وهو مضطجع على جنبه للنوم.