المقالة الثلاثون
* تقول سعاد ميبر ص56 عند ذكر الكفر الفعلي ما نصه: أو السجود لصنم بقصد الاحترام. أو اتخاذ كل ما هو من إشارات الكفر الخاصة مع قصد التعظيم والاستحباب. فمن قام بشيء من هذا القبيل من غير عذر حكم عليه بالكفر شريطة أن يعلم أن عمله هذا مكفر.
الرد: هذا مخالف لما قرره علماء الإسلام الفقهاء من أن السجود للصنم لا فرق فيه بين أن يكون بنية الاحترام وبين أن يكون بغير نية الاحترام فهو كفر في الحالين، ولا يستثنى إلا المكره بالقتل فلا يكفر إن سجد له خوفًا من القتل.
ثم إن اشتراطك للحكم على من تكلم بالكفر الصريح معرفة أن هذا كفر مخالف لما اتفق عليه الفقهاء. قال القاضي عياض المالكي والشيخ ابن حجر الهيتمي الشافعي وغيرهما من الحنفية لا يدفع التكفيرَ جهلُ الشخص الذي يتكلم بالكفر أن ما تكلم به كفر، ولو فُتِحَ هذا الباب لقال كل من يتكلم بالكفر أو فعل فعلًا كفريًا أنا ما كنت أعرف أن هذا كفر فيكون ذلك تعطيلًا لأحكام الردة التي وضعها فقهاء المذاهب الأربعة في كتبهم ولقال قائل بعد أن يسب الله تعالى مسبات أنا ما كنت أعلم أن سب الله كفر وهذا فتح لباب الكفر على مصراعيه وشرعُ الله منزه عن هذا. ولم ينقل عن حكام المسلمين فيما مضى أنهم كانوا يقولون لمن أتي به إليهم لإثبات حكم الردة عليه هل كنت تعرف أن هذا الذي حصل منك كفر بل كان اعتمادهم على اعتراف الشخص أو شهادة شاهدين عدلين أنه قال كذا من كلمة الكفر أو فعل كذا من الكفر الفعلي فيجرى عليه حكم الردة، يستتيبونه فإن رجع عما كفر بسببه وتشهد الشهادتين ترك ولم يعاقب إلا أن يتكرر منه فيعاقب بعد التوبة من باب التعزير بالحبس والضرب ونحوه.
وهناك أدلة صريحة على أن الشخص قد يخرج من الإسلام من حيث لا يشعر فالدليل من القرءان قوله تعالى: {ولئن سألتَهم ليقولنَّ إنما كُنَّا نخوضُ ونلعبُ قُل أبالله وءاياتهِ ورسولهِ كنتم تستهزءونَ* لا تعتذروا قد كفرتُم بعدَ إيمانكم} [سورة التوبة]
والدليل من الحديث ما رواه البخاري والترمذي: “إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها” وفي رواية: “لا يرى بها بأسًا” وفي رواية: “لا يلقي لها بالًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا” وفي رواية: “أبعد مما بين المشرق والمغرب”.
قال ابن حجر شارح الحديث في فتح الباري وفيه دليل على أنه قد يخرج الشخص من الإسلام من حيث لا يشعر.
فكيف تجرأت سعاد ميبر على قول ما قالت بلا علم ولا معرفة ولا دليل. إنا لله وإنا إليه راجعون.