المعجزةُ دِلالةٌ على صِدْقِ الأنبياءِ
إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهديهِ ونشكُرُهُ ونستغفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنْفُسِنا ومِنْ سَيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا أين ولا كيف له، ولا جسم ولا أعضاء ولا صورة له، سبحانه تنَزّه عن الجلوس والقعود وعن كل صفات خلقه فلا يحويه مكان ولا يسكن العرش ولا الكرسي ولا السموات، وبعث الأنبياء مبشرين ومنذرين وأيدهم بالمعجزات الباهرات، وأشهد أن سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه من انشق له القمر وسلم عليه الحجر وشهد لنبوته الشجر، والماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم قد نبع وتفجر، فيا عزنا بمحمد وبدين محمد وبشرع محمد.
يا ليت لي دعوة عند المقام ضحى |
| والقلب منشغل بالحب مستلب |
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير القائل في محكم كتابه: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا } (سورة الفتح آية/28) .
إخوة الإيمان، إن الله بعث الأنبياء ليعلّموا الناس دين الإسلام العظيم وأيدهم بالمعجزات الباهرات، فبالمعجزة يُعرف النبي ، فما من نبي إلا وكانت له معجزة. فما معنى المعجزة إخوة الإيمان؟
المعجزة العلامة الشاهدة التي تشهد أن هذا الإنسان الذي يقول عن نفسه إنه نبي الله أنه نبي وأنه صادق، والمعجزة أمر مخالف للعادة. فما جرت العادة أن ينبع الماء من بين اللحم والدم فلقد نبع الماء من بين أصابع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما جرت العادة أن يبكي الجذع اليابس على فراق من كان يستند إليه فلقد بكى الجذع وحن وصاح على فراق الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فالمعجزة أمر خارق للعادة أي مخالف للعادة يوافق دعوى ذلك النبي ، فما لم يكن موافقًا للدعوى لا يسمى معجزة كالذي حصل لمسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة من أنه مسح على وجه رجل أعور فعميت العين الأخرى فإن هذا الذي حصل مناقض لدعوى مسيلمة الكذاب وليس موافقًا.
أما ما حصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رد عين قتادة التي سالت على وجنته في إحدى الغزوات فردّها له صلى الله عليه وسلم حتى كان قتادة يقول لا أدري أي العينين أصيبت، هذا يوافق دعوى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا الأمر الخارق للعادة الذي يوافق دعوى ذلك النبي لا يستطيع المكذبون أن يفعلوا مثله أي هو سالم من المعارضة بالمثل ، فما كان من الأمور عجيبًا ولم يكن خارقًا للعادة فليس بمعجزة، فالسحر لا يسمى معجزة لأن السحر يستطيع أن يعمل ساحر ءاخر مثله ، أما المعجزة فلا يستطيع المعارضون أن يفعلوا مثلها.
والمعجزات التي أيد الله بها الأنبياء قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كثيرة منها:
عدم تأثير النار العظيمه على إبراهيم عليه السلام عندما أوقدوا له تلك النار العظيمه وقذفوه إليها بالمنجنيق فلم تحرقه ولا ثيابه.
وكذلك انقلاب عصا موسى ثعبانًا حقيقيًا.
وما ظهر للمسيح ابن مريم عليه السلام من إحياء الموتى وإبراء الأكمه أي الذي ولد أعمى ، فقد كان يؤتى له بالأعمى فيمسح له على وجهه بيده الشريفة فيتعافى بإذن الله تعالى.
وقد أعطي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من المعجزات أكثر من غيره حتى قيل إن المعجزات التي حصلت في حال حياته بين الألف والثلاثة ءالاف سوى القرءان فإن فيه ستين ألف معجزة تقريبًا ، وأعظم المعجزات معجزة القرءان الكريم. وقد قال الشافعي رضي الله عنه: “ما أعطى الله نبيًا معجزةً إلا وأعطى محمدًا مثلها أو أعظم منها “.
لذلك ونحن في الشهر المبارك شهر رجب سنحدثكم بإذن الله عن معجزة عظيمة حصلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رجب وهي الإسراء والمعراج وأحببنا أن نعمل تمهيدًا بتعريف المعجزة في هذه الخطبة.
والله نسأل التوفيق والإخلاص وحسن الختام إنه على كل شىء قدير.
هذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْوَعْدِ الأَمِينِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَءَالِ الْبَيْتِ الطَّاهِرِينَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَاتَّقُوهُ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَرِيْمِ فَقَالَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ. عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.