الخميس نوفمبر 21, 2024
  • المعجزاتُ وصبرُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ

     

    إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهدِيهِ ونشكرُهُ ونستغفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ.

    وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مثيلَ لهُ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لهُ ولا جسمَ ولا أعضاءَ ولا جوارحَ لهُ ولا أيْنَ ولا كيفَ ولا شكلَ ولا صورةَ لهُ.

    وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وحبيبُهُ، مَنْ أرسَلَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ وأيّدَهُ بالمعجزاتِ الباهراتِ، فهوَ سيّدُ المرسلينَ وحبيبِ ربِّ العالمينَ، مَنِ انشقَّ لهُ القمرُ وسلّمَ عليهِ الحَجَرُ ولَبّى دعوتَهُ الشجرُ، والجِذعُ اليبيسُ حنّ لهُ، والجملُ اشتكى اليهِ، والضبُّ شهِدَ لهُ، لبيْكَ وسعديْكَ يا رسولَ ربِّ العالمينَ.

    الصّلاةُ والسلامُ عليكَ يا محمّد، يا قرّةَ عيني يا رسولَ اللهِ يا محمّدُ، يا محمّد ضاقتْ حيلتُنا وأنت وسيلتُنا أدركنا يا رسول اللهِ ، أدركنا يا حبيبُ الله، أدركنا بإذنِ اللهِ .

    أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ العليِّ القديرِ القائلِ في محكمِ كتابِهِ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا} 28 سورة الفتح.

    وصَدَقَ مَنْ قالَ:

    اقرأ القرءان والأثرا

     

    وانظر التاريخ والسيرا

    تعرف الأمـر الذي بهرا

     

    كيف فاق المصطفى البشرا

    فرسولُ اللهِ، حبيبُ اللهِ محمّدٌ صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ هوَ أعظمُ الأنبياءِ وأكثرُهُمْ معجزات، قال الشافعيُّ رضيَ اللهُ عنهُ “ما أعطى اللهُ نبيًا معجزةً إلا وأعطى محمدًا مثلَها أو أعظمَ منها”.

    ونحنُ اليومَ إخوةَ الإيمانِ في شهرٍ عظيمٍ مباركٍ شهرِ رجب، ثم يليهِ شهرٌ عظيمٌ مباركٌ شهرُ شعبانَ، ثم يليه خيرُ الشهورِ وأفضلُها شهرُ رمضانَ. نعم، نحن في شهرِ رجب الذي أيّدَ اللهُ تعالى فيهِ حبيبَهُ محمدًا بمعجزةٍ عظيمةٍ هي الإسراءُ والمعراجُ . نحنُ في شهرِ رجب المبارك ثم شعبان ثم خير الشهور رمضان.

    فلنتذكر صبر المسلمين أثناء الحروب التي حصلت في هذه الأشهر المباركة مع أدائهم للواجبات واجتنابهم للمحرمات وخصوصًا في رمضان أثناء الصيام أي عند الشدة في حال الحروب مع الحر، مع البرد، مع قلة الطعام، بقيت قلوبهم متعلقة بالآخرة، بقيت قلوبهم متعلقة بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فظهر ذلك على جوارحهم عنايةً ببعضهم، رأفة ببعضهم. كم هي عظيمة وقفة الأنصار تجاه المهاجرين . كيف كان استقبال الأنصار للمهاجرين ، كيف كان احتضان الأنصار للمهاجرين اقتداءً بالقائدِ المصطفى ، بأعظمِ قائدٍ عرفه التاريخ، الحبيبِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي أيده الله تعالى بالمعجزات الباهرات التي دلت على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم كرحلة الإسراء والمعراج التي حصلت في شهر رجب. بعد هذه المعجزة العظيمة صبر صلى الله عليه وسلم على تحمل أذى من ءاذاه وكذّبه رغم أنه وصف لهم المسجد الأقصى ، الأقصى الأسير ، الأقصى مسرى حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، المسجد الأقصى الذي هو في الأسر من عشرات السنين في أيدي من عانينا ونعاني منهم إلى الآن في أيدي أحفاد قتلة النبيين .

    أُيِّدَ صلى الله عليه وسلم بمعجزةِ الإسراءِ والمعراجِ وَوَصَف الأقصى وصفًا دقيقا بعدما رجع حتى قيل فيه:

    يا واصف الأقصى أتيت بوصفه

     

    وكأنك الرسام والبناء

    ومع ذلك أوذي وكذّب فصبر واحتسب وفوّض أمرَهُ إلى الله . ونحن اليومَ نفوِّضُ أمرنا إلى الله ونشكو أمرَنا إلى الله، اللهم رُدّ كيدَهُم في نحورهم يا ربّ العالمينَ .

    إخوة الإيمان، ما يفعله الصهاينةُ اليوم ليس بجديدٍ عليهم ، فقد استباحوا مِنْ قَبْلُ أرضَ فلسطين والمسجدَ الأقصى وتدميرُ البيوت وقتلُ الأطفال، ليس بجديد عليهم، وليست بيوتُنا فقط التي دُمِّرَتْ أو أُحْرِقَتْ أو هي تحت خطرِ التهديمِ وإنما سبقها ءالافُ البيوتِ ومئاتُ المذابح منذ عشرات السنين.  

    إخوة الإيمان، إن الذي حصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسراء والمعراج هو أمر خارق للعادة ومع ذلك فقد كذّبه المكذبون، فكيف بحالنا نحن في هذه الأيام ؟ إن استشهادنا بما حصل  مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزيدنا بإذن الله رب العالمين إلا صبرًا على البلاء وتعلقًا وتشبثًا بالحق وعملاً دؤبًا ليلاً ونهارًا في هذه الأوقات العصيبة الدقيقة الخطيرة، ونحن قوم لا نعترض على الله ولا نشك بصدق نبيه صلى الله عليه وسلم، نحن قوم عقيدتنا حقة وراسخة بأن الله هو الخالق وهو الذي يبتلي عباده، وهو الشافي سبحانه وتعالى على الحقيقة، وهو الناصر، وما النصر إلا من عند الله.

    واسمعوا معي قصة فاطمة الزبَيْريّة التي كانت تقيّة صالحة حجّت ثُمّ زارت الرسول صلى الله عليه وسلم ثُمّ نوت الإقامة في مكّة فصار لَها شهرة بالتقوى والصلاح والعلم، ثُمّ عميت سنتين، ذات ليلة أرادت أن تتوضّأ لصلاة الليل فتَزحلقت على درج فانكسر ضلعان من أضلاعها، ومع ذلك تكلّفت وصلّت، لم تعترض على الله، لم تتسخّط على الله، لم تتخلَّ عن طاعة الله، لم تلجأ إلى المعاصي عند نزول البلاء. توضّأت وصلّت وفي تلك الليلة رأت حبيبها، رأت بدر الكون الأنور، رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر مقبلين من جهة الكعبة، هي باب بيتها كان مواجها للكعبة، فجاء الرسول فبصق على طرف ردائه وقال لَها امسحي به عينيك، فأخذت الرداء فمسحت به عينيها فأبصرت ثم وضعته على موضع الكسر فتعافى، ثم استيقظت مبصرة. وجاءت خادمتها فرأتها مبصرة فقصّت عليها قصتها، هذه الامرأة الصالحة كثير من النساء استفدن منها في الزهد والعلم والتقوى . كانت حنبلية، فاطمة بنت احمد بن عبد الدائم الزبَيرية.

    اللهم انصرنا على عدوك وعدونا يا أرحم الراحمين يا الله.

    هذا وأستغفر الله لي ولكم

    الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

    إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْوَعْدِ الأَمِينِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَءَالِ الْبَيْتِ الطَّاهِرِينَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَاتَّقُوهُ.

    وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَرِيْمِ فَقَالَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ. عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.