اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِى السَّفَرِ
قَالَ الإِمَامُ الْهَرَرِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ فِى أَدْعِيَةِ السَّفَرِ «اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِى السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِى الأَهْلِ وَالْمَالِ» أَنْتَ الصَّاحِبُ فِى السَّفَرِ مَعْنَاهُ أَنْتَ الَّذِى يَحْفَظُ وَيَرْعَى فِى السَّفَرِ، أَمَّا أَنْ يُقَالَ عَنِ اللَّهِ الْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ فَكِلاهُمَا لا يَجُوزُ، اللَّهُ تَعَالَى لا يُقَالُ فِيهِ حَاضِرٌ وَلا غَائِبٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ جِسْمًا، الْجِسْمُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، وَكَذَلِكَ لا يُقَالُ عَنِ اللَّهِ صَاحِبٌ، أَمَّا الَّذِى وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ «أَنْتَ الصَّاحِبُ فِى السَّفَرِ» فَمَعْنَاهُ كَمَا مَرَّ.
وَأَمَّا مَا يُقَالُ إِنَّ الْعَبْدَ يَقِفُ بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ يَقِفُ فِى مَوْقِفِ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ إِنَّمَا مَعْنَاهُ فِى حَالِ الْمُحَاسَبَةِ، يَكُونُ فِى حَالِ الْحِسَابِ لِأَنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ كُلَّ إِنْسَانٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَلامَهُ الَّذِى لَيْسَ حَرْفًا وَلا صَوْتًا، هَذَا مَعْنَى بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَكُونُ قَرِيبًا مِنَ الْمَكَانِ الَّذِى فِيهِ اللَّهُ لِأَنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ، بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ أَىْ فِى مَوْقِفِ الْحِسَابِ، الْعَرْشُ وَالأَرْضُ السَّابِعَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَاتِ اللَّهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ مِنَ الآخَرِ مِنَ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ الْمَسَافَةُ، لَيْسَ اللَّهُ قَرِيبًا مِنْ شَىْءٍ بِالْمَسَافَةِ وَلا بَعِيدًا بِالْمَسَافَةِ، الْقُرْبُ الْمَسَافِىُّ وَالْبُعْدُ الْمَسَافِىُّ يَكُونُ بَيْنَ مَخْلُوقٍ وَمَخْلُوقٍ.