الله تعالى لا يوصف بالأعضاء:
اعلم أخي المسلم أن القدم في لغة العرب يقال لما يقدم إلى الشىء كذلك يقال في اللغة رجل من جراد يعني فوج من جراد فالقدم الوارد في الحديث الذي رواه البخاري وغيره “لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط” معناه الجماعة الذين يقدمهم الله للنار فتمتلئ بهم، ومعنى قط قط أي اكتفيت اكتفيت. وكذلك ما ورد أن النار لا تمتلئ حتى يضع الله فيها رجله فتقول قط قط، فالمراد بالرجل هنا الفوج الذي يملأ الله بهم النار. ولغة العرب صالحة لهذا المعنى. ولا يجوز جعل القدم والرجل من باب الصفات بل الإضافة فيهما إضافة ملك. فمن جعل لله قدما ورجلا بمعنى الجزء فقد جعل الله مثل خلقه وكذب قول الله تعالى عن الأصنام “لو كان هؤلاء ءالهة ما وردوها” فهذه الأصنام ترمى يوم القيامة في جهنم إهانة للكفار الذين كانوا يعبدونها. فقد أفهمنا الله أن كل شىء يرد النار فهو مخلوق ليس بإله. ولا يجوز إطلاق الفم أو الأذن أو نحو ذلك على الله لأنها من قبيل الأجسام ويستحيل أن يكون الله جسما إذ لو كان جسما لجاز عليه ما يجوز على الأجسام كالحدوث ولصحت الألوهية للشمس والقمر وغير ذلك من الأجسام وأما حديث البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: “من عادى لي وليا فقد ءاذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشىء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها” فيفهم منه أن أعظم ما يتقرب به إلى الله هو أداء فرائض الله، فالعمل بالفرض يقرب إلى الله أكثر من العمل بالنوافل أي السنن والحديث معناه أن الله يبارك في سمع وبصر من شاء فيحفظ له سمعه وبصره من الحرام، ويحفظ له يده ورجله من الحرام، أو يعطيه قوة في سمعه وبصره إكراما له لأنه صار من أولياء الله الصالحين الأكابر، وذلك نظير ما حصل مع سيدنا عمر لما نادى أمير الجيش قائلا: “يا سارية الجبل الجبل” فسمع سارية صوت سيدنا عمر وعمر كان بالمدينة المنورة يخطب بالناس وهذه الحادثة أخرجها الحافظ البيهقي.
وروى الترمذي بإسناد صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن العبد إذا تصدق بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب فتقع في كف الرحمٰن، فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه حتى تصبح كالجبل العظيم”، معناه إذا تصدق العبد بصدقة من حلال، ولا يقبل الله إلا الحلال، وقوله صلى الله عليه وسلم “تقع في كف الرحمٰن” معناه تقع موضع القبول. وأما قوله: “فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه حتى تصبح كالجبل العظيم” فمعناه أن الله تعالى يضاعف حسنات هذه الصدقة حتى تكون كالجبل العظيم، أي كأنه تصدق بقدر جبل من الصدقة، وأما الفلو فهو ولد الفرس.