الأحد ديسمبر 7, 2025

قال المؤلف رحمه الله: [والفعلُ والتخليقُ والترزيقُ].

(الشرحُ): أنَّ اللهَ تعالى متَّصِفٌ بصفةٍ أزليةٍ حقيقيةٍ قائمةٍ بالذات هِيَ صفةُ التكوين فإذا تعلَّقَتْ بالرِّزْقِ سمِّيَتْ تَرزيقًا وإذا تعلَّقَتْ بحياةِ شَيْءٍ سُمِّيَتْ إحياءً وإذا تعلَّقَتْ بموتِهِ سُمِّيَتْ إماتةً فالترزيقُ تكوينٌ مخصوصٌ وكذلك الإحياء والإماتة وغيرُ ذلك مِمَّا أسْنِدَ إلى اللهِ تعالى مِنَ الأفعال كلٌّ منها راجعٌ إلى صفةِ التكوين أيْ أنَّ كُلَّ فعلٍ مِنَ التخليق والإماتة والإحياء ونحوِ ذلك إنما يرجع إلى صفةٍ واحدةٍ وهِيَ التكوين.

والذي قررناه هو كلام الماتريدية في هذه المسألة. وذهب أغلب الأشاعرة إلى أن التخليق والترزيق والإحياء والإماتة كلُّ هذه الصفات عندهم ليستْ قديمةً بل حادثةٌ لأنهم لا يَرَوْنَ أن هذه الصفات صفاتٌ قائمةٌ بذات الله بل يَرَوْنَ أنها ءَاثَارُ القدرةِ الأزلية وإنما سُمِّيَتْ صفاتٍ لإضافتِها إلى اللهِ تعالى.

(فائدة): قال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر ما نصّه وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاءُ والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته لم يحدث له اسم ولا صفة، لم يزل عالمًا بعلمه والعلمُ صفةٌ في الأزل وقادرًا بقدرته والقدرةُ صفةٌ في الأزل ومتكلمًا بكلامه والكلامُ صفةٌ في الأزل وخالقًا بتخليقه والتخليقُ صفةٌ في الأزل وفاعلًا بفعله والفعلُ صفةٌ في الأزل، والفاعلُ هو اللهُ تعالى والفعلُ صفةٌ في الأزل والمفعولُ مخلوقٌ وفعل الله تعالى غير مخلوق، وصفاته في الأزل غيرُ مُحْدَثَةٍ ولا مخلوقةٍ فمن قال إنها مخلوقةٌ أو محدَثَةٌ أو وقفَ فيها أو شك فيها فهو كافرٌ بالله تعالى اهـ فمن اعتقدَ أنَّ صفةً حادثةً تقومُ بذات الله تعالى فهو كافرٌ بالإجماع، وأما الأشاعرةُ فلا يتوجَّهُ هذا الكلامُ إليهم لأن إطلاقَهُمُ اسمَ صفةِ الفعلِ على أثرِ القدرةِ ليس على معنَى الصفةِ الذي عناه الإمامُ أبو حنيفةَ وغيرُهُ مِنَ المتكلِّمينَ.