فيقول في كتابه المسمّى «الحلال والحرام» ما نصّه([1]): «فلا يحل لمسلم أن يعرض عن الزواج مع القدرة عليه بدعوى التبتل لله أو التفرغ للعبادة والترهب والانقطاع عن الدنيا، وقد لمح النبي ﷺ في بعض أصحابه شيئًا من النزوع إلا هذه الوجهة الرهبانية فأعلن أن هذا انحراف عن نهج الإسلام».اهـ.
وقال في المصدر نفسه ما نصّه([2]): «قال بعض العلماء: إن الزواج فريضة على كل مسلم لا يحل له تركه ما دام قادرًا عليه».
ويقول في جريدة اللواء (ص15) في 3 تموز 96: «ولا يجوز في نظر الإسلام أن يعيش فرد في مجتمع إسلامي ولو كان من أهل الذمة جائعًا أو عاريًا أو مشردًا محرومًا من المأوى أو من الزواج وتكوين الأسرة».
الرَّدُّ:
لم يرد نص ولا مقولة لإمام معتبر من السلف أو الخلف أن ترك الزواج حرام مطلقًا ولا أحد قال إن الزواج فريضة مطلقة؛ بل هنالك تفصيل أجمله هنا.
يكون الزواج فرضًا إن كان الشخص قادرًا عليه من حيث النفقة ويخشى على نفسه الوقوع في المعصية إن لم يتزوج فهذا فرض عليه الزواج؛ فإن لم يفعل فتركه للزواج حرام وهو ءاثم على ذلك.
ويكون الزواج سنّة إن كان يتوق له ولا يخشى على نفسه من الحرام وعنده الأهبة لذلك، أي: النفقة فهذا يسن له الزواج وهذا لو ترك الزواج فلا إثم عليه.
وأما إن كان لا يجد النفقة فيكره له الزواج لما يترتب عليه من تقصير في النفقة الواجبة تجاه من يقوت.
وكذلك يكره الزواج إن كان لا يتوق له إنما تزوج ليتخذ الزوجة لتخدمه فهذا مكروه، فهذا تلخيص وجيز لما نص عليه فقهاء المسلمين فمن أين للقرضاوي أن يطلق التحريم، ومن أين له أن يعتبر ترك الزواج انحرافًا عن نهج الإسلام، ومن أين له أن يدعي أنه لا يجوز أن يعيش فرد في مجتمع إسلامي ولو كان ذميًّا محرومًا من الزواج، من أين لك هذه الإفتاءات بل الافتراءات على دين الله تعالى؟!!
قال الإمام الشيرازي الشافعي في «المهذب» ما نصّه([3]): «ومن جاز له النكاح وتاقت نفسه إليه وقدر على المهر والنفقة فالمستحب له أن يتزوج».اهـ.
وقال الشيخ خليل المالكي في مختصره ما نصّه([4]): «نُدب لمحتاج ذي أُهبة نكاح بكر».اهـ.
وقال البُهوتي الحنبلي في «كشاف القناع» ما نصّه([5]): «يسن لمن له شهوة ولا يخالف الزنا للحديث».اهـ.
وقال السرخسي الحنفي في «المبسوط»([6]) بأنه سنّة، ومن جملة ما استدل لذلك بأن من الصحابة من لم يتزوج ولم ينكر عليه رسول الله ﷺ ذلك.
أنصحك بأن تعود وتتلقى العلم على الثقات قبل أن تتصدى وتتصدر للتدريس وقبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
[1])) انظر: الكتاب (ص163).
[2])) انظر: الكتاب (ص164).
[3])) المهذب (2/35).
[4])) مختصر خليل (ص112).
[5])) كشاف القناع (5/6).
[6])) المبسوط (4/193).