الرَّدُّ:
أوّلًا: هذا الإطلاق غير صحيح؛ لأنّه من الثابت الذي لا خلاف فيه أن الحد يُكفر الكبيرة عن صاحبها أيضًا فمن أقيم عليه الحد في قتل أو زنى أو شرب خمر فهو تكفير له من الكبيرة التي وقع فيها مع الندم، روى أحمد([2]) عن خزيمة بن ثابت رفعه: «من أصاب ذنبًا أقيم عليه حدُّ ذلك الذنب فهو كفارته» قال الحافظ ابن حجر([3]): «سنده حسن»، والأحاديث في ذلك كثيرة.
ثانيًا: أنه ثبت في الحديث الذي رواه البخاري([4]) وغيره أن امرأة من بني إسرائيل كانت بغيًّا، أي: زانية رأت كلبًا اشتد به العطش فنزلت إلى بئر وملأت موقها «حذاءها» ماءً ثم سقته قال الرسول ﷺ: «فغفر لها به» ففي هذا الحديث دليل على أن الله قد يكفّر كبيرة بغير التوبة النصوح كسُقيا الكلب العطشان.
ثالثًا: حديث: «من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيومَ ولدته أمه»([5]).
رابعًا: حديث: «السيف مَحَّاء للخطايا»([6]).
ثم ماذا تفعل بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [سورة النساء: 48]، فهذا نص صريح بأن الله تعالى يغفر ما سوى الشرك لمن شاء ولم يشترط التوبة لحصول المغفرة من الكبائر.
[1])) انظر: الكتاب (ص160).
[2])) أخرجه أحمد في مسنده (5/214).
[3])) فتح الباري (12/84).
[4])) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب: رقم 54.
[5])) رواه أحمد في مسنده (2/484).
[6])) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/164).