ومن ذلك يقول القرضاوي في كتابه المسمّى «الحلال والحرام» ما نصّه([1])” «ولقد حدث في زمن الرسول أن ارتكبت سرقة حامت فيها الشبهة حول يهودي ومسلم واستطاع بعض أقرباء المسلم أن يثيروا الغبار حول اليهودي ببعض القرائن ويبعدوا التهمة عن صاحبهم المسلم وهو في الواقع مرتكب السرقة حتى هم النبي ﷺ أن يخاصم عنه اعتقادًا ببراءته فنزل الوحي الإلـٰهي يفضح الخونة ويبرئ اليهودي ويعاتب الرسول».اهـ.
الرَّدُّ:
هذا الحديث ما له أصل موضوع ونتحدى القرضاوي أن يثبت العكس.
ويقول في المصدر السابق ما نصّه([2]): «قال رسول الله ﷺ: من ءاذى ذميًا فقد ءاذاني ومن ءاذاني فقد ءاذى الله».اهـ.
الجواب: هذا حديث لا أصل له البتة وقد كثرت رواية هذا الحديث على ألسنة من لا علم لهم بالرواية والدراية، قال ملا علي القاري في «الأسرار المرفوعة»([3]) بأنه حديث باطل.
لذلك؛ فليحذر من هذا الحديث؛ لأنّه لم يرد عن رسول الله ﷺ.
ويقول القرضاوي في كتابه المسمّى «الحلول المستوردة» ما نصّه([4]): «ومن لطائف عمر t أنه كان يفرض الضرائب الثقيلة على العنب؛ لأنّه فاكهة الأغنياء والضريبة التي لا تذكر على التمر؛ لأنّه طعام الفقراء».اهـ.
انظر أيها القارئ إلى هذا الهراء والافتراء على سيدنا عمر من أنه كان يفرض الضرائب والله إن هذا الكلام ما قاله أحد قبله من الأئمة المعتبرين وهو يسمي هذا الفعل من لطائف عمر؛ بل في هذا الكلام مبالغة في ذم عمر t؛ لأن هذه الضريبة ظلم، وقد قال رسول الله ﷺ: «لا يدخل الجنة صاحب مكس» رواه أبو داود([5])، فهل يتصور منصف بعد هذا أن يخالف عمر بن الخطاب هذا الحديث.
ويفتري القرضاوي على السلف فيروي عنهم كما ورد في جريدة اللواء 3 تموز 1996: «أن بعض السلف قال إذا ذهب الفقر إلى بلدٍ قال له الكفر خذني معك».اهـ.
فمن هو هذا السلفي على زعمك وأين هذه الرواية المكذوبة؟؟.
وفي مجلة الأمان عدد 242 يقول ما نصّه: «وقد ثبت أن النبي ﷺ قال لأبي بكر وعمر لو اجتمعتما على مشورة ما خالفتكما».اهـ. استدل بهذا الكلام ليستدل على أن صوتين يرجحان على صوت كما ذكر بعد ذلك فهذا الحديث لم يثبت ولا صحة له وإن كان مدعيًا فعليه أن يثبت صحة ما يدعي.
وفي العدد 276 من نفس المصدر قال عن سيدنا عمر: «وكذلك قانونه الذي فرض به عطاءٌ لكل مولود في الإسلام بعد أن كان لا يفرض إلا لمن فطمته أمه، كانت الأمهات يعجلن بفطام أطفالهن قبل الأوان رغبة في العطاء فلما سمع يومًا بكاء طفل متواصلًا شديدًا وسأل أمه عن هذا البكاء فقالت له وهي لا تعرفه إن أمير المؤمنين لا يفرض العطاء إلا للفطيم لذا فطمته مبكر فهو يبكي فقال عمر: ويح عمر كم قتل من أطفال المسلمين وأعلن بعدها تعميم العطاء».اهـ.
الرَّدُّ:
هذا الكلام غير ثابت ولا صحة له عن عمر الخليفة العادل الورع t.
وفي كتابه الذي يسمّى «العبادة في الإسلام»([6]) ينقل عن سيدنا عمر أنه قال لعمرو بن العاص: «يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا».اهـ.
إن هذا النص يتناقله اليوم الكثير غير القرضاوي مع العلم أنه مكذوب وموضوع ولا أصل له ولم يرَ له أثر في كتب المتقدمين؛ بل هو مما كذب على عمر، والقرضاوي هو ممن تورط في رواية هذا الكلام من غير دراية بالرواية.
ويقول في كتابه المسمّى «الوقت في حياة المسلم»([7]): «ولهذا كان عمر إذا نظر إلى ذي سيما سأل: أله حرفة؟ فإذا قيل: لا سقط من عينه».اهـ.
الرَّدُّ:
هذا كلام لم يثبت عن عمر وما له صحة أبدًا، وليس له ذكر في كتب السُّنَّة المطهرة.
وفي كتابه المسمّى «مشكلة الفقر» وكيف عالجها الإسلام يقول ما نصّه([8]): «يروى عن أبي حنيفة لا تستشر من ليس في بيته دقيق».اهـ. وهذا الكلام باطل عن أبي حنيفة.
وكان قد نقل في نفس المصدر([9]) أن رسول الله ﷺ قال: «كاد الفقر أن يكون كفرًا».اهـ. وهذا الحديث غير صحيح([10]) وكل هذا الكلام وغيره ساقه لتأييد خلاف الحديث، ثم ادعاؤك هذا يا قرضاوي يعني أن الرسول لما كان فقيرًا كان بحالة غير حميدة فالرسول كان بحالة حميدة قبل الفقر وبعده وأثناءه ولن تستطيع أن تثبت أن أحد المحدثين ترجم باب فضل الغنى على الفقر وكنا قد رددنا على تحديك الفارغ والتافه حيث قلت أتحدى من يثبت ءاية أو حديث في مدح الفقر ويكفيك خزيًا الباب الذي عنون له البخاري بقوله باب فضل الفقر – وكأنك لم تقرأ أيضًا عن أهل الصُّفَّة الذين بلغوا حدًّا كبيرًا في الفقر.
راجع بحثًا مفصلًا في هذا الموضوع في ردنا على القرضاوي في هذا الكتاب حيث يعلن ذم الفقر مطلقًا.
[1])) انظر: الكتاب (ص38).
[2])) انظر: الكتاب (ص306).
[3])) الأسرار المرفوعة في الأحاديث الموضوعة (ص346).
[4])) انظر: الكتاب (ص98).
[5])) أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الخراج والفيء والإمارة، باب: في السعاية على الصدفة.
[6])) انظر: الكتاب (ص294).
[7])) انظر: الكتاب (ص27).
[8])) انظر: الكتاب (ص16).
[9])) انظر: الكتاب (ص15).
[10])) أورده العقلي في الضعفاء الكبير (4/206).