الألباني يبرز نفسه بأنه فاق غيره ممن سبقه من علماء الحديث، وأنه عرف ما لم يعرفوه، ويسيء الأدب معهم، وينسبهم إلى الغفلة، وهو واقع فيما نسبه إليهم، وصغارُ طلبة العلم يعرفون ما ينفيه أو يثبته هذا الرجل المدّعي للعلم. وبيان ذلك:
يقول الألباني ما نصّه([1]): «ويحيـى بن مالك هذا قد أغفله كلّ من صنّف في رجال الستة فيما علمنا، فليس هو في «التهذيب» ولا في «التقريب» ولا في «التذهيب»، نعم ترجمه ابن أبي حاتم فقال: يحيـى بن مالك أبو أيوب الأزدي العتكي البصري المراغي».اهـ.
الرَّدُّ:
بل ترجمته موجودة في «التهذيب»([2])، و«التقريب»([3])، و«التذهيب» اختصار «تهذيب الكمال» للمِزّي الذي ترجم ليحيـى بن مالك أيضًا([4])، ترجموه في الكُنى فقالوا: «أبو أيوب المراغي الأزدي العتكي البصري اسمه يحيـى، ويقال: حبيب بن مالك»؛ وهذه الترجمة هي عين الترجمة التي نقلها الألباني عن ابن أبي حاتم، ومن شاء فليراجع هذه المصادر التي نفى هذا الرجل وجود الترجمة فيها، لكونه لا يحسن استعمال الكتب، لا سيما وقد مضى عليه عشرات السنين في البحث والتنقيب والتحقيق كما يزعم، بينما المبتدئ في طلب العلم يعرف استخراج هذه الترجمة من هذه المصادر. وهذا الألباني يحاول أن يضع نفسه في مرتبة الحفاظ والمحدثين، ولكن هيهات هيهات.
قال الألباني في كتابه المسمّى «سلسلة الأحاديث الصحيحة» ما نصّه([5]): «حديث: «من يردِ اللهُ به خيرًا يفقهْه في الدينِ» رواه الطحاوي([6])، وابن عبد البر([7]) من حديث عمرو بن الحارث أن عباد بن سالم حدّثه عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب مرفوعًا. ورجاله ثقات رجال الستة غير عباد بن سالم فلم أجد من ترجمه».اهـ.
الرَّدُّ:
ترجمته مذكورة في أشهر كتب الجرح والتعديل، منها كتاب البخاري «التاريخ الكبير»([8])، وكتاب «الجرح والتعديل»([9]) لابن أبي حاتم، وكتاب «الثقات»([10]) لابن حبان، أمّا البخاري فقال: «قال أحمد بن صالح: حدَّثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو أنّ عباد بن سالم حدثه عن سالم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه عن النبي : «من يردِ اللهُ به خيرًا يفقهْه في الدين».اهـ. وقال ابن أبي حاتم: «عباد بن سالم التجيبي، روى عن سالم بن عبد الله، روى عنه عمرو بن الحارث».اهـ.
الرَّدُّ:
ترجمته موجودة في «التاريخ الكبير»([12])، وكتاب «الجرح والتعديل»([13]).
الرَّدُّ:
قد تُرجم لهما، فقد قال البخاري في «التاريخ الكبير»([16]): «محمد بن عون مولى أم حكيم، عن أبيه، سمع منه عبد العزيز ابن عبد الله بن أبي سلمة».اهـ. وقال ابن أبي حاتم في كتابه «الجرح والتعديل»([17]): «عون مولى أم كيم ابنة يحيـى بن الحكم المديني، وأم حكيم امرأة هشام بن عبد الملك، روى عن الزُّهري روى عنه الماجشون وابن أبي ذئب وابنه محمد بن عون، سمعت أبي يقول ذلك».اهـ. هذا هو محدث العصر في نظر أتباعه يجهل تراجم الرواة المتوفرة لكل من أراد أن يعرف ترجمتهم في كتب الجرح والتعديل لا سيما المشهورة المعروفة لطلاب العلم كالتي ذكرتها، فاعرف أيها القارئ مبلغ علم هذا الرجل الذي يدّعي دعاوى كبيرة ليس من أهلها، ولا تغتر بما يدندن حوله ببلوغه رتبة لم يسبقه إليها أحد من جمع الروايات والرجوع إلى المخطوط والمطبوع وما شابه ذلك.
قال الألباني في كتابه المسمّى «سلسلة الأحاديث الصحيحة»([18]): «قلتُ [الألباني]: القاسم بن الفضل الحدائي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري… وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير القاسم هذا وهو ثقة اتفاقًا، وأخرج له مسلم في المقدمة».اهـ.
الرَّدُّ:
لو راجع الألباني كتاب «تهذيب التهذيب»([19]) للحافظ ابن حجر وأصله، وهو كتاب «تهذيب الكمال»([20]) للحافظ المزّي غيرهما، لوجد أن القاسم هذا من رجال مسلم، خلاف ما نفاه، فقد أخرج له مسلم في كتابَي «الفتن»([21])، و«الأشربة»([22]).
[1])) الألباني، الكتاب المسمّى سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/638، رقم 365).
[2])) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب (12/19).
[3])) ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب (ص718).
[4])) المزي، تهذيب الكمال (33/60).
[5])) الألباني، الكتاب المسمّى سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/191، رقم 1194).
[6])) الطحاوي، مشكل الآثار (2/281).
[7])) ابن عبد البر، جامع بيان العلم وفضله (1/19).
[8])) البخاري، التاريخ الكبير (6/38).
[9])) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل (3/386).
[10])) ابن حبان، الثقات (7/59).
[11])) العقيدة الطحاوية، تعليق الألباني (ص345).
[12])) البخاري، التاريخ الكبير (6/79).
[13])) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل (3/44).
[14])) الألباني، الكتاب المسمّى إرواء الغليل (3/137).
[15])) هو: الزهري.
[16])) البخاري، التاريخ الكبير (1/197).
[17])) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل (3/386).
[18])) الألباني، الكتاب المسمّى سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/190، 191).
[19])) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب (8/295).
[20])) المزي، تهذيب الكمال (23/410).
[21])) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: الخسف بالجيش الذي يؤم البيت (8/168).
[22])) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الأشربة، باب: النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير (6/93).