العلم قبل القول والعمل
أخي المسلم، إن أردت إطاعة الله فعليك أن تطبق قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) وإن أردت أن تكون محبا للرسول الحب الكامل فالتزم بقوله صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم. أي أن الله فرض على كل مسلم بالغ عاقل ذكرا كان أو أنثى أن يتعلم القدر الضروري من علم الدين أي الفرض العيني من علم الدين، فعليك بطلب هذا العلم وتطبيق ما تعلمته على نفسك. ثم ليعلم أن طلب العلم الشرعي الضروري هو فرض، وكونه فرضا دل على أهمية شأن العلم وطلبه، إذ أن علم الدين يحتاج إليه سائر طوائف الناس: الحكام والآباء والأمهات والتجار وغيرهم. ولا يستغني عن علم الدين طبقة من طبقات الناس. ولما كان علم الدين في العصور المتقدمة الفاضلة، عصر الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وما يلي ذلك أوفر بكثير كانت أحوال المسلمين أحسن بكثير مما صرنا إليه في هذه العصور. علم الدين حياة الإسلام من أغفله فهو ضائع تائه يميل مع كل ريح ويتبع كل ناعق. و الفرض العيني من علم الدين هو القدر الذي يجب تعلمه من علم الإعتقاد ومن المسائل الفقهية ومن أحكام المعاملات لمن يتعاطاها وغيرها، كمعرفة معاصي القلب والجوارح كاللسان وغيره، ومعرفة الظاهر من أحكام الزكاة لمن تجب عليه، والحج للمستطيع. ومن أراد أن يتعلم الفرض العيني من علم الدين فما عليه إلا أن يسلك طريقا صحيحا لطلبه فلا يعتمد على مطالعته الفردية ولم يكن قد حصل من العلم الشرعي من أهله القدر الذي يؤهله لأن يكون مميزا إذا ما طالع في الكتب كي يفرق بين الباطل والصحيح ، فإن لم يفعل ذلك واكتفى بالمطالعة فقط فإنه لا يأمن على نفسه من الوقوع في الفهم السيء حيث لا يوجد معه من يصوب له خطأه لذا لا يستطيع أن يميز بين الصحيح والسقيم من التآليف. وإن الإعتماد على أسلوب المطالعة الفردية للكتب دون الرجوع إلى عالم ثقة ورع هو أسلوب لا يجعل من المرء عالما ولا طالب علم شرعي. إن طلب العلم لا يكون إلا بالتلقي من العلماء وقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يذهب إلى أهل العلم ليتلقى العلم من أهله فلقد قال صلى الله عليه وسلم: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة. وفي صحيح البخاري “باب العلم قبل القول والعمل” ويفهم من كلام البخاري أنه يجب على المكلف أي البالغ العاقل أن يتعلم قبل أن يتصدر للتعليم وأن لا يدخل في شيء حتى يتعلم ما أحل الله تعالى منه وما حرم وذلك حتى يميز بين الحلال والحرام والصحيح والباطل والمقبول والمردود والخير والشر ، ولا يكون التمييز بين هذه الأمور إلا بعد التعلم. وكذلك لا بد من التعلم قبل مزاولة أمور البيع والشراء والتجارة حتى لا يقع الإنسان في الربا والغش والكذب فإن من لم يعرف الشر يقع فيه. نسأل الله تعالى أن يزيدنا علما وأن يبارك بهمتنا على طلب المزيد من العلم النافع وأن يسهل لنا العمل بما تعلمنا مع الإخلاص له سبحانه وتعالى والحمد لله رب العالمين.