الأحد ديسمبر 7, 2025

#1

بسم الله الرحمٰن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، قائد الغر المحجلين، إمام الأتقياء العارفين، سيدنا وقائدنا وحبيبنا ونور أبصارنا محمد النبي العربي الأمي الأمين، العالي القدر، العظيم الجاه، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

فصل عن بعض الأنبياء والصالحين عليهم السلام بترتيب السير

 

محاولة إحراق سيدنا إبراهيم عليه السلام

 

   كان أهل بابل يتنعمون بعيش رغيد ونعم كثيرة أنعم الله بها عليهم ولكنهم مع ذلك نسوا فضل الله عليهم واتبعوا الشيطان فعبدوا الأصنام التى كانوا ينحتونها بأيديهم وهى التى لا تضر ولا تنفع لا تخلق ضررا ولا نفعا.

   وكان ملكهم نمرود قد طغى وضل حتى ادعى الألوهية وأمر قومه بعبادته من دون الله عز وجل.

   فى هذه البيئة المنحرفة ولد سيدنا إبراهيم عليه السلام وكان منذ نعومة أظفاره قد ألهم الإيمان بالله تعالى وأن الله لا يشبه شيئا من مخلوقاته وأنه هو خالق هذا العالم بأسره.

   فلما أوحى إليه برسالة الإسلام دعا قومه لعبادة الله وحده وأمرهم بأن يتركوا الأصنام التى كانوا يتفننون بنحتها وتزيينها ويذبحون لها الذبائح على زعمهم تقربا إليها فلم يطعه الكثيرون بل ازداد تكبرهم وتجبرهم وعلى رأسهم ملكهم نمرود. 

   ولما رأى إبراهيم عليه السلام أنهم ما زالوا متعلقين بعبادة الأصنام وأنهم لم يتقبلوا الأدلة والبراهين الواضحة الجلية التى جاء بها قرر أن يفعل بأصنامهم فعلا يقيم الحجة به عليهم لعلهم يفيقون من غفلتهم العميقة.

   وكان من عادة قومه أن يقيموا لهم عيدا فلما حل عليهم عيدهم خرجوا ليحتفلوا خارج المدينة فى البساتين والحدائق.

   فدخل إبراهيم عليه السلام إلى بيت الأصنام الذى كان قومه يعبدونها فيه فإذا فى صدر البيت صنم كبير وعلى يمينه ويساره أصنام صغيرة فأمسك بيده اليمنى فأسا وأخذ يهوى به على الأصنام الصغيرة يكسرها ويحطمها ثم علق الفأس فى عنق الصنم الكبير حتى إذا رجع قومه يظهر لهم أن هذه الأصنام لم تستطع أن تدفع عن نفسها ضرا فكيف تعبد من دون الله القوى القهار.

   عاد قومه فعرفوا أنه هو من حطم أصنامهم ولكنهم لشدة جهلهم وكفرهم لم يفهموا ما قصد إليه إبراهيم عليه السلام فاغتاظوا وأرادوا أن ينتقموا منه فاختاروا نوعا من أشد أنواع العذاب وهو الإحراق بالنار.

   صار الكفار يجمعون الحطب من جميع ما يمكنهم من الأماكن وأتوا بهذا الحطب الكثير ورموه فى حفرة عظيمة وأضرموا فيها النار فاضطرمت وتأججت والتهبت وعلا لها شرر عظيم وصوت مخيف لم ير ولم يسمع بمثله.

   وكان من شدة اشتعالها أنها تحرق الطائر الذى يمر فوقها وكان الكفار لا يستطيعون لقوة اللهب أن يتقدموا من النار فكيف سيرمون إليها إبراهيم عليه السلام.

   أتى إبليس اللعين متشكلا وعلمهم صنع المنجنيق الذى لم يكن يعرف من قبل وقيل إن رجلا منهم اسمه هيزن كان أول من صنعه فخسف الله به الأرض ثم أخذ قوم إبراهيم عليه السلام يقيدونه ويكتفونه وهو يقول «لا إله إلا أنت سبحانك لك الحمد ولك الملك لا شريك لك» فلما ألقى فى النار قال بلسان المتوكل على الله «حسبنا الله ونعم الوكيل».

   وأعطى الله نبيه الكريم معجزة باهرة فلم تحرقه النار ولم تصبه بأذى ولا حتى ثيابه وإنما أحرقت وثاقه الذى ربطوه به قال الله تعالى ﴿قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم وكان الناس يقفون على مسافة بعيدة ينظرون هذا المنظر الهائل المخيف.

   مكث نمرود أياما لا يشك أن النار قد أكلت إبراهيم عليه السلام فرأى إبراهيم جالسا وإلى جنبه رجل مثله فقال لقومه لقد رأيت كأن إبراهيم حى ولقد شبه على ابنوا لى منصة عالية لأرى ما الأمر فبنوا له منصة وأشرف منها فرأى إبراهيم عليه السلام جالسا وإلى جنبه رجل فى صورته فنادى نمرود سائلا إبراهيم عليه السلام «هل تستطيع الخروج» فأجابه «نعم» ثم سأله «أتخشى إن أقمت فيها أن تضرك» قال «لا» ولما خرج إبراهيم عليه السلام ونجاه الله سئل عن الرجل الذى كان معه فأخبر أنه ملك الظل أرسله الله ليؤنسه.

   ومع كل هذه العجائب فإن نمرود وقومه ظلوا على كفرهم وعنادهم ولم يؤمن إلا القليل لكنهم أخفوا إسلامهم خوفا من ملكهم الكافر الذى سيلقى جزاءه العادل يوم القيامة.

 

رؤية سيدنا إبراهيم عليه السلام لإحياء الطيور الأموات

 

   أيد الله تبارك وتعالى نبيه إبراهيم الخليل عليه السلام بمعجزات باهرات كانت الدليل الساطع على نبوته ومنها إحياء الطيور التى ماتت على يديه بإذن الله ومشيئته.

   ما كان سيدنا إبراهيم عليه السلام فى وقت من الأوقات شاكا فى قدرة الله تعالى بل كان منذ صغره قد ألهم الرشد والإيمان ولما نزل عليه الوحى وأوتى النبوة وبعثه الله رسولا يعلم الناس الإسلام ذهب إلى ملك البلاد نمرود الذى كان كافرا جاحدا لا يعترف بوجود الله سبحانه وتعالى فقال له إبراهيم عليه السلام وهو يجادله ربى الذى يحى ويميت فقال نمرود أنا أحى وأميت والعياذ بالله تعالى ثم أطلق سراح رجل كان سجينا عنده محكوما عليه بالإعدام فقال «لقد أحييته» ثم قتل رجلا ءاخر فقال «لقد أمته» فغلبه سيدنا إبراهيم لما قال له فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذى كفر ولكن نمرود لم يتوقف عند هذه الحادثة بل قال حسب ما يروى قل لربك أن يحى الموتى وإلا قتلتك فلم يخف سيدنا إبراهيم عليه السلام منه ولكنه أحب أن يرى نمرود وأتباعه إحياء الموتى علهم يؤمنون فدعا الله تعالى وقال رب أرنى كيف تحى الموتى.

   وصودف مرور سيدنا إبراهيم عليه السلام قرب البحر فشاهد جيفة بهيمة مطروحة على الشاطئ فإذا هاجت الأمواج دفعتها إلى البر فأكلت منها السباع فإذا ذهبت السباع جاءت الطيور فأكلت منها ثم طارت ثم إذا سحب الموج الجيفة إلى البحر أكلت منها الأسماك والحيتان فدعا إبراهيم عليه السلام ربه وقال رب أرنى كيف تجمع أجزاء الحيوان فى بطون السباع والطيور وحيوانات البحر ليزداد يقينى.

   وعندها تحصل معجزة كبيرة باهرة دالة على صدق هذا النبى العظيم وأنه مرسل من عند الله تبارك وتعالى إذ استجاب الله عز وجل لدعاء إبراهيم عليه السلام وعلمه كيف يصنع أولا فأمره كما قيل بأن يأخذ أربعة من الطير فأخذ ديكا أحمر وحمامة بيضاء وطاووسا أخضر وغرابا أسود ثم ذبحها وأسال دمها وبعد ذلك قطعها قطعا صغيرة وخلط لحومها ببعضها مع الدم والريش حتى يكون أعجب ثم وزع أجزاء هذا الخليط الغريب على سبعة جبال ووقف هو بحيث يرى تلك الأجزاء وأمسك رءوس تلك الطيور فى يده ثم قال تعالين بإذن الله.

   فتطايرت تلك الأجزاء فجعل سيدنا إبراهيم عليه السلام ينظر إلى الريش يطير إلى الريش والدم إلى الدم واللحم إلى اللحم والأجزاء من كل طائر يتصل بعضها إلى بعض. وعادت الأشلاء تتجمع حتى قام كل طائر وحده ولكن من غير رأس ليكون أبلغ لسيدنا إبراهيم عليه السلام فى الرؤية التى سألها وعادت الروح إليها وسعت إليه بقدرة الله مسرعة وصار كل طائر يجىء ليأخذ رأسه الذى فى يد سيدنا إبراهيم عليه السلام فإذا قدم له رأسا غير رأسه لا يقبله فإذا قدم إليه رأسه تركب مع بقية جسده بقدرة الله فالله عزيز لا يغلبه شىء ولا يمتنع عليه ما يريد.

   ثم طارت الطيور كما كانت من جديد بإذن الله بعد أن تحققت معجزة كبيرة لنبى من أعظم الأنبياء قدرا عند الله تعالى وعلى الرغم من ذلك لم يؤمن نمرود إذ قد غلبت عليه شقاوته فأذله الله تعالى بأن سلط عليه نوعا من الحشرات دخل رأسه ولم يكن يهدأ ألمه حتى يضرب بالأحذية والكفوف المجتمعة إلى أن مات.

 

قصة الذبيح إسماعيل عليه السلام

   يقول الله تعالى فى القرءان العظيم ﴿سلام على إبراهيم كذلك نجزى المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين.

   إن نبى الله إبراهيم عليه السلام ءاتاه الله الحجة على قومه وجعله نبيا رسولا فكان عارفا بالله يعبد الله تعالى وحده ويؤمن ويعتقد أن الله خالق كل شىء وهو الذى يستحق العبادة وحده من غير شك ولا ريب.

   ثم إنه ذات يوم طلب من ربه أن يرزقه أولادا صالحين قال فيما أخبر الله به فى القرءان ﴿رب هب لى من الصالحين فبشرناه بغلام حليم فرزقه الله تعالى إسماعيل وإسحاق.

   ولما كبر إسماعيل وصار يرافق أباه ويمشى معه رأى ذات ليلة سيدنا إبراهيم عليه السلام فى المنام أنه يذبح ولده إسماعيل قال تعالى إخبارا عن إبراهيم ﴿يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك الآية.     

   ورؤيا الأنبياء وحى فأخبر بذلك ولده فقال لولده كما جاء فى القرءان ﴿فانظر ماذا ترى الآية. لم يقصد إبراهيم أن يشاور ولده فى تنفيذ أمر الله ولا كان مترددا إنما أراد أن يعرف ما فى نفسية ولده تجاه أمر الله.

   فجاء جواب إسماعيل جواب الولد المحب لله أكثر من حبه للحياة فقال ﴿يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين وأما قوله ﴿إن شاء الله لأنه لا حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله تكون.

   أخذ إبراهيم النبى ابنه إسماعيل وابتعد به حتى لا تشعر الأم وأضجعه على جبينه قال تعالى ﴿فلما أسلما وتله للجبين.

   فقال إسماعيل يا أبت اشدد رباطى حتى لا أضطرب واكفف عنى ثوبك حتى لا يتلطخ من دمى فتراه أمى فتحزن وأسرع مر السكين على حلقى ليكون أهون للموت على فإذا أتيت أمى فاقرأ عليها السلام منى. فأقبل عليه إبراهيم يقبله ويبكى ويقول نعم العون أنت يا بنى على أمر الله. فأمر السكين على حلقه فلم يحك شيئا وقيل انقلبت فقال له إسماعيل ما لك قال انقلبت فقال له اطعن بها طعنا فلما طعن بها نبت ولم تقطع شيئا وذلك لأن الله هو خالق كل شىء وهو الذى يخلق القطع بالسكين متى شاء.

   وقد علم الله تعالى بعلمه الأزلى الذى لا يزيد ولا ينقص ولا يتجدد الصدق فى تسليمهما. ونودى يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا هذا فداء ابنك فنظر إبراهيم فإذا جبريل معه كبش من الجنة قال تعالى ﴿وفديناه بذبح عظيم أى أن الله تعالى خلص إسماعيل من الذبح بأن جعل فداء له كبشا أقرن عظيم الحجم والبركة.

 

ذو القرنين رضى الله عنه وأرضاه

   مما ذكر فى القرءان الكريم قصة سيدنا ذى القرنين رضى الله عنه وأرضاه الذى كان من أولياء الله الصالحين الكبار فما اسمه وماذا فعل

   اسمه الصعب بن الحارث وقيل الصعب بن ذى مرائد وهو أشهر التبابعة الذين هم ملوك اليمن وذكره أحد أحفاده في شعر قديم منه

قد كان ذو القرنين جدى مسلما … ملكا علا فى الأرض غير مبعد

بلغ المشارق والمغارب يبتغى … أسباب ملك من كريم سيد

   ويروى أن سيدنا الخضر كان وزيره وعلى مقدمة جيشه. وقد حج ذو القرنين ماشيا من اليمن إلى مكة المكرمة والتقى بسيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وطاف معهما حول الكعبة المشرفة وذبح الذبائح لله تعالى ولما سمع سيدنا إبراهيم بقدومه استقبله ودعا له وأوصاه بوصايا وجىء له بفرس ليركبها فقال تأدبا لا أركب فى بلد فيه الخليل إبراهيم عليه السلام فسخر الله تعالى له السحاب وبشره سيدنا إبراهيم بذلك فكانت تحمله إذا أراد. وكان من أمره أن الله مد له فى عمره ونصره حتى قهر البلاد وفتح المدائن وسار حتى أتى المشرق والمغرب فمن اتبع دين الإسلام سلم وإلا فقد أخزاه.

   ومما أكرمه الله به من الكرامات الباهرة أن علمه معالم الأرض وءاثارها وكان لديه فهم للغات المختلفة فكان لا يغزو قوما إلا حدثهم بلغتهم.

   ومن النعم التى أعطيت له أن سخر الله له نورا وظلمة فكان إذا مشى فى الليل ينور طريقه ويكون الظلام خلفه وأحيانا تسلط الظلمة بإذن الله على أقوام رفضوا دين الإسلام وحاولوا محاربة ذى القرنين فتدخل الظلمة أفواهم وبيوتهم وتغشاهم من جميع الجهات حتى يتراجعوا وهذا ما حصل معه حين سار ذات يوم إلى موضع فى المغرب حيث تغرب الشمس فرأى هناك قوما كافرين قد ظلموا وأجرموا وأكثروا الفساد وسفكوا الدماء فخيرهم بين أن يعذبوا بعذاب شديد ويوضعوا فى ثيران نحاسية محماة وبعد موتهم يكون لهم عذاب أكبر يوم القيامة وبين أن يؤمنوا ويعملوا الصالحات فيكون لهم النعيم الكبير فى الجنة وأقام فيهم مدة ينشر الهدى والخير.

   ثم بدا له أن يذهب من مغرب الشمس إلى مشرقها ومطلعها حتى وصل إلى أرض ليس فيها عمران ولا جبال ولا أشجار وهناك وجد قوما أمرهم عجيب وهو أنهم إذا طلعت عليهم الشمس دخلوا فى أنفاق حفروها فى الأرض هربا من حر الشمس القوى اللاهب أو غاصوا فى الماء فإذا غابت الشمس خرجوا واصطادوا السمك.

   ومرة جاءهم جيش فى الليل فقالوا لعساكره لا تبقوا هنا لئلا تطلع الشمس عليكم فقال العساكر لن نترك حتى تطلع الشمس ثم التفتوا فوجدوا عظاما كثيرة فسألوا القوم عنها فقالوا هذه عظام جيش وجثثه طلعت عليهم الشمس منذ وقت هاهنا فماتوا فولى الجيش هاربا.

   انطلق سيدنا ذو القرنين غازيا مجاهدا منصورا مظفرا حتى وصل إلى بلاد ما بين الجبلين وهما جبلان متقابلان عاليان أملسان ويسكن بينهما قوم لا تكاد تعرف لغتهم قد جاوروا قوما خبثاء هم قوم يأجوج ومأجوج وهم قوم فى الأرض مفسدون ضالون مضلون.

   ولما رأى أهل ما بين الجبلين أن ذا القرنين ملك قوى شديد المراس واسع السلطان كثير الأعوان التجأوا إليه طالبين أن يقيم سدا بينهم وبين جيرانهم يفصل بلادهم ويمنع عنهم عدوانهم على أن يعطوه أجره فقال ذو القرنين بعفة وصلاح ما مكننى فيه ربى وأعطانى من الملك خير لى من الذى تجمعونه ولكن ساعدونى بقوة عملكم وبالآت البناء لعمل السد فجاءوه بقطع الحديد الضخمة حسب طلبه فكانت كل قطعة تزن قنطارا أو أكثر ووضعها بين الجبلين الواحدة فوق الأخرى من الأساس حتى إذا وصل قمة الجبلين أحاط القطع الحديدية بالفحم والخشب وأضرم النار فيها وأمر بالنفخ عليها بالمنافخ حتى تحمى ثم جاء بالنحاس المذاب مع الرصاص فأفرغهما على تلك القطع الحديدية فالتأمت واشتدت والتصقت ببعضها حتى صارت سدا شامخا أملس سميكا جدا يصل ارتفاعه إلى مائتين وخمسين ذراعا يصعب الصعود عليه إذ لا نتوء ولا ثقوب فيه ويصعب بالتالى ثقبه.

   ولما بنى ذو القرنين السد بعون الله وتوفيقه ﴿قال هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد ربى حقا وحجز قوم يأجوج ومأجوج خلفه وقد أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يموت أحدهم حتى يلد ألفا من صلبه أو أكثر وسيصير عددهم قبل خروجهم كبيرا جدا حتى إن البشر يوم القيامة بالنسبة لهم من حيث العدد كواحد من مائة ولم يثبت ما يروى أن ءاذانهم طويلة ينامون على واحدة ويتغطون بالأخرى وأنهم قصار القامة. وهم يحاولون أن يخترقوا هذا السد كل يوم فلا يستطيعون ويقولون كل يوم بعد طول عمل وجهد غدا نكمل فيعودون فى اليوم القابل فيجدون ما فتحوه قد سد ويبقون هكذا يعملون كل يوم إلى أن يقولوا غدا نكمل إن شاء الله فيعودون فى اليوم القابل فيجدون ما بدأوا به قد بقى على حاله فيكملون الحفر حتى يتمكنوا من الخروج ويكون خروجهم علامة من علامات القيامة الكبرى حفظنا الله وإياكم من أهوالها.

   وعاش ذو القرنين مئات السنين حتى توفاه الله تعالى وقد تزود لآخرته بزاد التقوى والعمل الصالح.

والصعب ذو القرنين أمسى ملكه … ألفين عاما ثم صار رميما.

 

جراد من ذهب لسيدنا أيوب عليه السلام

   كان سيدنا أيوب عليه السلام قبل أن ينزل عليه البلاء من الأنبياء الأغنياء يسكن فى قرية له اسمها البثنية وهى إحدى قرى حوران فى أرض الشام بين مدينة دمشق وأذرعات فى الأردن وقد ءاتاه الله تعالى الأملاك الواسعة والأراضى الخصبة والصحة والمال وكثرة الأولاد وكان عليه السلام شاكرا لأنعم الله مواسيا لعباد الله برا رحيما بالمساكين يكفل الأيتام والأرامل ويكرم الضيف ويصل المنقطع.

   ثم إنه أصابه بلاء شديد وعناء عظيم وليس ذلك لأنه هين على الله إنما ابتلاء من ربه له ليعظم ثوابه وأجره فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل». وهكذا صار الناس إذا ذكروا بلاء سيدنا أيوب وصبره على مر السنين مع كونه أفضل أهل زمانه عودوا أنفسهم على الصبر على الشدائد كما فعل سيدنا أيوب إذ إنه ابتلى كما قيل بأن جاءت الشياطين إلى أمواله فأحرقتها وفتكت بأغنامه وإبله وعبيده وخربت أراضيه، فلما رأى سيدنا أيوب ما حل به لم يعترض على الله تعالى بل قال «لله ما أعطى ولله ما أخذ فهو مالك الملك وله الحمد على كل حال». وعادت الشياطين إلى أفاعيلها وفسادها فسلطت على أولاد سيدنا أيوب الذين كانوا فى قصر أبيهم ينعمون برزق الله تعالى فتزلزل القصر بهم حتى تصدعت جدرانه ووقعت حيطانه وقتلوا جميعا ولم يبق منهم أحد. وبلغ سيدنا أيوب الخبر فبكى لكنه لم يقابل المصيبة إلا بالصبر.

   امتلأ إبليس وأعوانه غيظا مما صدر من سيدنا أيوب عليه السلام من صبر وتسليم لقضاء الله وقدره. وأصيب سيدنا أيوب بأمراض شديدة عديدة لكنه لم يخرج منه الدود كما يذكر بعض الناس الجهال وإنما اشتد عليه المرض والبلاء حتى جفاه القريب والبعيد ولم يبق معه إلا القلة القليلة لكن زوجته بقيت تخدمه وتحسن إليه ذاكرة فضله وإحسانه لها أيام الرخاء.

   ثم طالت مدة هذه العلة ولم يبق له شىء من الأموال ألبتة. وكان يزوره اثنان من المؤمنين فارتد أحدهما وكفر فسأل سيدنا أيوب عنه فقيل له وسوس إليه الشيطان أن الله لا يبتلى الأنبياء والصالحين وأنك لست نبيا فاعتقد ذلك فحزن سيدنا أيوب لهذا الأمر وتألم لارتداد صاحبه عن الإسلام فدعا الله أن يعافيه ويذهب عنه البلاء كى لا يرتد أحد من المؤمنين بسبب طول بلائه. رفع الله تعالى عن نبيه أيوب عليه السلام البلاء بعد مرور ثمانية عشر عاما كان فيها سيدنا أيوب صابرا شاكرا ذاكرا مع شدة بلائه، وأوحى إليه أن يضرب الأرض برجله فضربها فنبعت عينان شرب من واحدة فتعافى باطنه واغتسل بالأخرى فتعافى ظاهره وأذهب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى والسقم والمرض، [وأبدله بعد ذلك صحة ظاهرة وباطنة وجمالا تاما ولما اغتسل من هذا الماء المبارك أعاد الله لحم أيوب وشعره وبشره على أحسن ما كان، وأنزل له ثوبين من السماء أبيضين، التحف بأحدهما من وسطه، ووضع الآخر على كتفيه] ثم أقبل يمشى إلى منزله وأبطأ على زوجته حتى لقيته من دون أن تعرفه فسلمت عليه وقالت «يرحمك الله هل رأيت نبى الله المبتلى وقد كان أشبه الناس بك حين كان صحيحا» قال «أنا هو»، ورد الله إلى زوجة سيدنا أيوب شبابها ونضارتها فولدت له سبعة وعشرين ذكرا عوضا عن الذين ماتوا سابقا، وأقبلت سحابة وصبت فى بيدر قمحه ذهبا حتى امتلأ ثم أقبلت سحابة أخرى إلى بيدر شعيره وحبوبه فسكبت عليه فضة حتى امتلأ.

   ثم حدثت له معجزة أخرى إذ أرسل الله تعالى سحابة على قدر قواعد داره فأمطرت ثلاثة أيام بلياليها جرادا من ذهب. وقد رفع الله عن سيدنا أيوب الشدة وكشف ما به من ضر رحمة منه ورأفة وإحسانا وجعل قصته ذكرى للعابدين تصبر من ابتلى فى جسده أو ماله أو ولده فله أسوة فى نبى الله أيوب الذى ابتلى بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب حتى فرج الله عنه. وعاش سيدنا أيوب عليه السلام بعد ذلك سبعين عاما يدعو إلى دين الإسلام ولما مات غير الكفار الدين وعبدوا الأصنام والعياذ بالله تعالى.

 

ءايات سيدنا موسى عليه السلام المفصلات

   قال الله تعالى فى سورة الأعراف ﴿فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ءايات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين.

   لم يميز فرعون وأتباعه بين المعجزة والسحر وجعلوا جملة المعجزات التى جاء بها سيدنا موسى عليه السلام مثل انقلاب العصا حية من باب السحر فقالوا «مهما تأتنا بآية من ربك فهى عندنا سحر ونحن لا نؤمن بها أبدا». وكان موسى رجلا قويا ثابتا فلم يترك أمر الدعوة إلى دين الإسلام بل دعا عليهم فاستجاب الله له.

   سلط الله على القبط وهم أتباع فرعون الطوفان والسيول الدائمة ليلا ونهارا من سبت إلى سبت حتى كان الرجل منهم لا يرى شمسا ولا قمرا وكانت بيوت القبط وبنى إسرائيل متشابكة فحصلت الأعجوبة أن بيوت القبط امتلأت بالمياه المتدفقة حتى وصلت إلى رقابهم فمن جلس غرق ولم تدخل بيوت بنى إسرائيل قطرة.

   وفاض الماء على وجه الأرض وركد فمنع القبط من الحراثة والبناء والتصرف ودام عليهم الطوفان ثمانية أيام بلياليها فقالوا لموسى «ادع لنا ربك يكشف عنا فنؤمن بك» فدعا موسى ربه فرفع عنهم الطوفان وأرسلت الرياح فجفت الأرض وخرج من النبات ما لم يروا مثله قط فقالوا لموسى عليه السلام «لقد كان الذى خفنا منه خيرا لنا لكننا لم نشعر فلا والله لا نؤمن بك» فنكثوا العهد.

   بعد نكثهم للعهد بعث الله تعالى عليهم الجراد بالآلاف حتى صارت عند طيرانها تغطى الشمس فأكلت عامة زروع القبط وثمارهم حتى إنها كانت تأكل الثياب والأثاث والسقوف والأبواب فتهدم ديارهم ولم يدخل دور بنى إسرائيل منها شىء فضاق على القبط الحال ووعدوا موسى عليه السلام أن يؤمنوا ويتوبوا لو كشف عنهم الجراد فخرج موسى إلى الفضاء وأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجعت الجراد إلى النواحى التى جئن منها وكشف عنهم الضيق سبعة أيام.

   وكان قد بقى من زروع القبط شىء فقالوا من خبثهم «يكفينا ما بقى من الزرع» ولم يؤمنوا فأقاموا شهرا على رخائهم وكان فى محلة فى مصر اسمها عين شمس تلة كبيرة من رمل فضربها موسى عليه السلام بعصاه فصارت قملا أى حشرات صغيرة تشبه السوس الذى فى الطحين عندما يفسد وطار هذا القمل فأكل دواب القبط وزروعهم التى بقيت ولم يبق عود أخضر إلا أكلته.

   والتصقت بجلودهم كأنها الجدرى عليهم ومنعهم النوم والقرار وانتشر فى مصر كلها فأكل ما أبقاه الجراد ولحس الأرض وكان يدخل بين جلد القبطى وقميصه فيؤلمه ويدخل إلى الطعام فيملأ الأوعية والأوانى ليلا ويسعى فى بشراتهم وشعورهم وحواجبهم وأهداب عيونهم فضجوا وبكوا وقصدوا موسى عليه السلام ووعدوه أنه إذا دعا ربه سبحانه وتعالى ليكشف عنهم فإنهم سيؤمنون ويتوبون فدعا موسى فرفع عنهم وأرسل الله على القمل ريحا حارة أحرقتهم وحملتهم الرياح وألقتهم فى البحر.

   لكن الوقت ما طال حتى قال القبط لعنهم الله «قد تحققنا يا موسى أنك ساحر وعزة فرعون لا نصدقك أبدا» فأرسل الله عليهم الضفادع فملأت فرشهم وأوعيتهم وطعامهم وشرابهم ورمت بأنفسهم فى القدور وهى تغلى، وإذا تكلم القبطى وثبت ودخلت إلى فمه فشكوا إلى موسى وقالوا «نتوب توبة صادقة ولا نعود» فأخذ عليهم المواثيق والوعود والعهود ثم كشف الله عنهم ذلك وأمات الضفادع وأرسل عليهم المطر وحملها إلى البحر.

   ثم عاد القبط إلى كفرهم كعادتهم ونقضوا العهد فأرسل الله عليهم الدم وجعل النيل يسيل عليهم دما وكان الشخص المسلم من بنى إسرائيل من قوم موسى يرفع من النيل الماء وأما القبطى فيرفعه دما ثم يأتى المسلم فيصب الماء فى فم القبطى فيصير دما ويأتى القبطى ويصب الدم فى فم المسلم فيصير ماء زلالا لذيذا.

   وعطش فرعون حتى شارف على الهلاك فكان يمص الأشجار الرطبة فإذا مضغها صار ماؤها الطيب مالحا بشع الطعم.

   وكان بين الآية والآية أسبوعا من الزمن فكانت تمكث من السبت إلى السبت ثم يبقون بعد رفعها شهرا فى عافية ثم تأتى الآية الأخرى.

   وكانت الحكمة فى تفصيل تلك الآيات البينات بالزمان أنه تظهر للجميع أحوالهم هل يفون بما عاهدوا أم ينكثون فتقوم عليهم الحجة ثم وقع عليهم الرجز وهو طاعون نزل بهم حتى مات منهم فى ليلة واحدة سبعون ألف قبطى.

 

عصا سيدنا موسى عليه السلام

   قال الله تعالى إخبارا عن سيدنا موسى عليه السلام ﴿قال هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى ولى فيها مآرب أخرى.

   أيد الله تبارك وتعالى الأنبياء الكرام بمعجزات باهرات عظيمات كريمات ومنها ما أيد به سيدنا موسى عليه السلام وهى عصاه العجيبة.

   ورد فى أخبار هذه العصا التى كانت ءاية باهرة أنها تحولت بين يدى سيدنا موسى عليه السلام إلى حية حقيقية تمشى بإذن الله وتبتلع الحبال التى أوهم سحرة فرعون لعنه الله الحاضرين أنها ثعابين.

   وقيل إن هذه العصا هبط بها سيدنا ءادم من الجنة وبقيت فى الأرض إلى أن سلمها سيدنا جبريل إلى سيدنا موسى عليه السلام.

   وكان يتوكأ عليها أى يستعين بها فى المشى والوقوف ويخبط بها على أغصان الشجر ليسقط ورقها فيسهل على غنمه تناولها فتأكلها وإذا هجم سبع أو عدو فإنها كانت تقاتله وتحاربه وتبعده عنهم وعنه عليه السلام وإذا ابتعدت بعض الغنمات عن القطيع أعادتهم إليه بإذن الله وكان طولها عشرة أذرع.

   ومن منافعها العجيبة أنها كانت تماشى وتحادث سيدنا موسى عليه السلام فى طريقه وتجوله وكان لها رأسان متشعبان منها يعلق عليها أحماله من قوس وسهام ثم عندما يدخل الليل كان رأسا العصا يضيئان كالشمع.

   وكان إذا أراد أن يشرب من بئر تطول العصا بطول البئر مهما كان عميقا ويتحول رأساها إلى ما يشبه الدلو فيملؤه ويشرب منه وأما إذا عطش فى صحراء ليس فيها بئر ولم يكن معه ماء غرزها فى الأرض فتنبع ماء بإذن الله فإذا رفعها عن الأرض نضب الماء. وكان إذا اشتد عليه الحر يركزها فتطول شعبتاها ثم يلقى عليها كساءه ويستظل تحته. وإذا اشتهى ثمرة كان يركزها فى الأرض فتورق وتثمر بإذن الله فيأكل منها ما طاب وكانت تدفع عنه حشرات الأرض وهوامها وهى حيوانات تؤذى كالعقارب.

   وأول مرة تحولت هذه العصا إلى ثعبان كان لها عرف كعرف الفرس وكان متسع فمها أربعين ذراعا وابتلعت كل ما مرت به من الصخور والأشجار حتى سمع سيدنا موسى لها صرير الحجر فى فمها وجوفها. وأوحى الله تعالى إليه أن يدخل يده فيها تقوية لقلبه وأنها معجزة له ولن تضره فأدخل موسى يده فى فمها بين أسنانها فعادت خشبة كما كانت.

   وهذا ليس سحرا لأن السحر يفعل مثله وقد يأتى شخص بسحر فيأتيه من يعارضه بسحر أقوى أما هذا الأمر فهو معجزة من معجزات الأنبياء.

   ومن أكبر معجزات سيدنا موسى عليه السلام بهذه العصا أنه عندما خرج هو والمسلمون المؤمنون الذين هم من ذرية إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام كانوا فى أرض مصر التى كان يحكمها فرعون وتبعهم فرعون بجيشه الكبير.   

   ولما وصل سيدنا موسى إلى شاطئ البحر أوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه فضربه فانفلق البحر اثنى عشر فرقا فكان كل فرق كالجبل العظيم وصار ما بين ذلك أرضا يابسة.

   فاجتاز موسى ومن معه البحر وكانوا ستمائة ألف فلما شعر بذلك فرعون وكان منشغلا بعيد له ولقومه فسار ليدرك موسى ومعه مليون وستمائة ألف مقاتل حتى وصل إلى الشاطئ فدخل البحر. وما إن خرج موسى وقومه ناجين بعون الله حتى عاد البحر وأطبق على فرعون ومن معه فغرقوا وسط الأمواج العالية.

 

قصة ءال فرعون

   قال الله تعالى ﴿النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب [سورة غافر] ءال فرعون أى أتباعه لأن ءال فرعون ظلموا بالكفر الذى كفروه كانوا يعبدون فرعون صدقوه فى قوله ﴿أنا ربكم الأعلى ثم فى ظلم العباد ظلموا بنى إسرائيل الذين كانوا مسلمين، قوم يوسف عليه السلام إخوة يوسف لما جاءوا إلى مصر سكنوا هناك لأن يوسف هو صار الملك صار حاكم البلاد، سكنوا هناك وتوالدوا فكثر عددهم حتى جاء زمان فرعون، هذا فرعون استذلهم إلى أن وصل إلى أنه كان إذا ولدت المرأة ذكرا يقتله وإن ولدت أنثى يقول هذه اتركوها للخدمة، هؤلاء ءال فرعون الله تعالى قال عنهم ﴿أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب يأمر الله ملائكة العذاب بأن يدخلوا ءال فرعون أى أتباعه الذين كانوا على هذا الفساد معه أشد العذاب.

 

قصة سيدنا موسى وسيدنا هارون مع الطاغية فرعون

ثم انتصار سيدنا يوشع عليه السلام

 

   موسى عليه السلام نشأ فى مصر ثم كان هناك بنو إسرائيل قومه كانوا مسلمين لكن حكم الطاغوت حكم الطاغية فرعون كان مسيطرا عليهم وكان يستذلهم ويؤذيهم، وموسى كان من جملة بنى إسرائيل الذين يسكنون مصر هؤلاء كانوا من ذرية يعقوب من ذرية يوسف الصديق عليه السلام وعلى جميع الأنبياء، إخوة يوسف جاءتهم ذرية كثيرة وبين يوسف وموسى أربعمائة عام، موسى عليه السلام نزل عليه الوحى بأن يذهب إلى فرعون ويدعوه إلى الإسلام إلى الإيـمان بالله وبموسى وهارون أخيه، الله تعالى أنزل على موسى وهارون الوحى جعلهما نبيين رسولين وهما أخوان ذهبا فكلماه فطغى وتجبر لكن الله تعالى نصر موسى ومن ءامن به فخرجوا بعد أن أظهر موسى المعجزات أظهر فيهم المعجزات خرجوا من أرض مصر فجاوز موسى بهم البحر البحر انفلق له اثنى عشر فرقا كل فرق كالجبل العظيم جعل الله لهم الأرض التى بين هذه الأمواج التى قامت بقدرة الله كالجبال كل واحدة منفصلة عن الأخرى جعل الله لهم يبسا فجاوز بهم موسى فنجوا من فرعون وهم كانوا ستمائة ألف، وفرعون أراد أن يلحقهم بجيشه الجرار كان جيشه مليونا وستمائة ألف ليبيدوهم على زعمهم فجاء فرعون ليدركهم فوجد البحر على هذه الحال التى صار إليها معجزة لموسى ثم هلك أمر الله البحر بأن يلتطم عليهم فهلكوا فرعون وجماعته ثم بعد ذلك توجه بهؤلاء الذين معه نحو بر الشام دخل بهم أراضى الأردن ثم أمر هؤلاء الذين معه بأن يتوجهوا إلى بيت المقدس ليقاتلوا الجبارين الكفار الذين كانوا مسيطرين على بيت المقدس فلم يطيعوه مع أنهم رأوا هذه المعجزة الكبيرة عصوه ما أطاعوه بالمرة ثم توفاه الله وتوفى هارون قبله ثم أيضا فى هذه الحادثة أى حادثة وفاة أخيه هارون أخوه هارون كان صعد هو وإياه إلى جبل فقبضه الله تعالى فى ذلك الجبل (أى هارون) فلما نزل موسى قالوا له أنت قتلت أخاك لأنه كان أرأف بنا منك هو كان أرحم بنا منك فقتلته إفتروا عليه ما كلهم افتروا عليه لكن بعضهم فأظهر الله تعالى هارون وهو ميت حملته الملائكة ومروا به أمام هؤلاء الذين افتروا على موسى بأنه هو قتله فلما رأوا ذلك سكتوا ثم ردته الملائكة إلى حيث أمروا، أبوا هؤلاء أن يقاتلوا معه فتوفى الله تعالى موسى قبل بيت المقدس قبل الأرض المقدسة بمسافة قصيرة فهذا دليل على أن موسى أمر قومه بالجهاد فلو أطاعوه كانوا قاتلوا أولئك الجبابرة لكن النبى الذى جاء بعده وهو يوشع عليه السلام هذا كان خادمه فتاه الذى سافر معه للقاء الخضر هذا بعدما توفى موسى أنزل الله عليه الوحى فجعله نبيا هذا توجه ومن معه من المؤمنين إلى بيت المقدس فقاتل أولئك الكفار فانتصر عليهم ففتح بيت المقدس وطهر بيت المقدس من أولئك الجبابرة الكفار.

 

ذكر معجزة لسيدنا موسى

ومعجزة لسيدنا يوشع عليهما السلام

 

   يوشع بن نون عليه السلام نبى جاء بعد موسى عليه السلام خليفة موسى، أول نبى بعد موت موسى هو يوشع عليه السلام هذا يوشع الله تبارك وتعالى أمره بأن يقاتل الكفار الذين كانوا مستولين على بيت المقدس الكفار المتجبرين قاتلهم فأبادهم كسرهم حرر القدس منهم، موسى أيضا كان أمر قومه لما أتى بهم من مصر أنقذهم من الغرق بتلك الأعجوبة العظيمة، لما دخلوا بر الشام أمرهم قال لهم قاتلوا هؤلاء الجبارين الذين بالقدس المستولين على القدس ﴿قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قومه كانوا أتعبوه مع أنهم رأوا من العجائب الكبرى فلق لهم البحر اثنى عشر فرقا فرق لهم بحر القلزم وهو بحر صعب تجاوز بهم هذا البحر، الله تعالى جعل له البحر كالأرض اليابسة هنا ماء وهنا ماء وهنا ماء فى اثنى عشر مكانا وما بين هذا وهذا أرض يابسة دخلوا كانوا ستمائة ألف نفس تجاوزوا إلى أن وصلوا إلى الشاطئ هذه عجيبة كبرى ومع هذا خالفوه بعد ذلك بوقت قصير لما وصلوا إلى بر الشام خالفوه قال لهم قاتلوا هؤلاء الجبارين الذين فى القدس قالوا إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها قالوا له اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ثم مات موسى، قبل أن يفتح بيت المقدس توفى، الآن قبره قبل جبل القدس فى أرض اسمها أريحة بين أريحة وجبل القدس جبل القدس جبل كبير مثل جبل لبنان، هناك مدفون نبى الله موسى عليه السلام بعد ذلك يوشع، الله تعالى أنزل عليه الوحى جعله نبيا فأمر المؤمنين الذين كانوا معه بقتال هؤلاء الجبابرة فقاتلوهم فكسروهم أعانهم الله تعالى، من جملة معجزاته أن الله رد له الشمس بعد غروبها طلب من الله أن ينجز فتح بيت المقدس قبل غروب الشمس هذا اليوم فكانت الشمس غربت ثم أعادها الله تعالى كما كانت فكسروا الكفار أنهوا قتال الكفار ففتحوا البلد فدخل المؤمنون بيت المقدس، قتال الكفار كان قبل سيدنا محمد بعض الأنبياء أمروا بذلك.

 

والله تعالى أعلم وأحكم، والحمد لله رب العالمين

لمشاهدة الدرس: https://www.youtube.com/watch?v=wL9_JaM6CMY

 

للاستماع إلى الدرس: https://soundcloud.com/shaykh-gilles-sadek/tm1

 

 

الموقع الرسمي للشيخ جيل صادق: https://shaykhgillessadek.com