الجمعة نوفمبر 22, 2024

الصَّدَاقُ

   الصَّدَاقُ هُوَ الْمَهْرُ وَالأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَءَاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [سُورَةَ النِّسَاء/4] وَقَوْلُهُ ﴿وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [سُورَةَ النِّسَاء/25] أَىْ مُهُورَهُنَّ وَقَوْلُ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» رَوَاهُ البُخَارِىُّ.

   وَإِنَّمَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْمَهْرَ نِحْلَةً أَىْ عَطِيَّةً لِأَنَّهُ لَيْسَ فِى مُقَابِلِهِ غُرْمٌ عَلَى الْمَرْأَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِى مُقَابِلِ أَنَّ الرَّجُلَ يَمْلِكُ حَقَّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا قَالَ تَعَالَى ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [سُورَةَ النِّسَاء/24] أَىْ لِأَنَّكُمْ تَمْلِكُونَ حَقَّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِنَّ أَعْطُوهُنَّ مُهُورَهُنَّ.

   وَتَسْمِيَةُ الْمَهْرِ فِى الْعَقْدِ سُنَّةٌ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا فَإِنْ لَمْ يُسَمَّ الْمَهْرُ صَحَّ الْعَقْدُ. وَيَثْبُتُ الْمَهْرُ بِالْفَرْضِ مِنْهُمَا بِأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى قَدْرٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ بِفَرْضِ الْحَاكِمِ كَأَنْ يَخْتَلِفَا عَلَى قَدْرِهِ فَيَنْظُرَ الْحَاكِمُ إِلَى مَا يَلِيقُ بِهَا مِنَ الْمَهْرِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَمَا يُقَدِّرُهُ الْحَاكِمُ يَثْبُتُ سَوَاءٌ فِى ذَلِكَ رِضَاهُمَا وَعَدَمُهُ أَوْ رَضِىَ أَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ فَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَىْءٍ وَلَمْ يُعَيِّنِ الْحَاكِمُ وَوَطَئِهَا ثَبَتَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَمَعْنَى مَهْرِ مِثْلِهَا مَا يُرَغَّبُ بِهِ فِى مِثْلِ نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا كَأَخَوَاتِهَا الشَّقِيقَاتِ وَأَخَوَاتِهَا مِنَ الأَبِ وَبَنَاتِ أَخِيهَا مَعَ اعْتِبَارِ السِّنِّ وَالْعَقْلِ وَالْيَسَارِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَالْجَمَالِ وَالْعِفَّةِ وَالْعِلْمِ وَالْفَصَاحَةِ.

   وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مَعْلُومًا فَلا يَصِحُّ أَنْ يُصْدِقَهَا شَيْئًا مَجْهُولًا كَأَنْ قَالَ زَوَّجْتُكَ بِنْتِى بِبَيْتٍ مِنْ بُيُوتِكَ. وَيُسَنُّ أَنْ لا يَنْقُصَ عَنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ وَأَنْ لا يُزَادَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ خَالِصٍ.

   وَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ الْمَهْرِ إِنْ كَانَ دَيْنًا، وإِنْ كَانَ عَيْنًا يَعُودُ لَهُ النِّصْفُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/237].

   وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا عَنْ زَوْجِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا أَىِ الْحَالَّ مِنْهُ وَلَيْسَ الْمُؤَخَّرَ أَمَّا الْمُؤَخَّرُ فَتُطَالِبُهُ بِهِ بَعْدَ الْوَطْءِ إِلَّا إِذَا أُجِّلَ إِلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ فَلا تُطَالِبُ بِهِ حَتَّى تَمْضِىَ الْمُدَّةُ.$