الصِّرَاطُ
وَالصِّرَاطُ حَقٌّ، وَهُوَ جِسْرٌ عَرِيضٌ مَمْدُودٌ عَلَى جَهَنَّمَ تَرِدُ عَلَيْهِ الْخَلائِقُ، فَمِنْهُمْ مِنْ يَرِدُهُ وُرُودَ دُخُولٍ وَهُمُ الْكُفَّارُ وَبَعْضُ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ، أَيْ يَزِلُّونَ مِنْهُ إِلَى جَهَنَّمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِدُهُ وُرُودَ مُرُورٍ فِي هَوَائِهِ، فَمِنْ هَؤُلاءِ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَطَرْفَةِ عَيْنٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، وَأَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي الأَرْضِ الْمُبَدَّلَةِ وَالآخَرُ فِيمَا يَلِي الْجَنَّةَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي صِفَتِهِ أَنَّهُ »دَحْضٌ مَزَلَّةٌ« وَمِمَّا وَرَدَ أَنَّهُ أَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ وَأَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: »بَلَغَنِي أَنَّهُ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ« وَلَمْ يَرِدْ مَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ بَلْ هُوَ عَرِيضٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ خَطَرَهُ عَظِيمٌ، فَإِنَّ يُسْرَ الْجَوَازِ عَلَيْهِ وَعُسْرَهُ عَلَى قَدْرِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَلا يَعْلَمُ حُدُودَ ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ مَعْنَاهُ أَنَّ أَعْمَالَهُمْ تَصِيرُ لَهُمْ قُوَّةَ السَّيْرِ.