مُخْتَصَرُ الشَّرْحِ القَوِيـمِ
فِى حَلِّ أَلْفَاظِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَى ءَالِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَحَابَتِهِ الطَّيِّبِينَ.
بِسْمِ اللَّهِ أَىْ أَبْتَدِئُ بِاسْمِ اللَّهِ وَلَفْظُ الْجَلالَةِ اللَّهُ عَلَمٌ لِلذَّاتِ الْمُقَدَّسِ الْمُسْتَحِقِّ لِنِهَايَةِ التَّعْظِيمِ وَغَايَةِ الْخُضُوعِ وَمَعْنَاهُ مَنْ لَهُ الإِلَهِيَّةُ وَهِىَ القُدْرَةُ عَلَى الِاخْتِرَاعِ أَىْ إِخْرَاجِ الْمَعْدُومِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، وَالرَّحْمٰنُ مَعْنَاهُ الْكَثِيرُ الرَّحْمَةِ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فِى الدُّنْيَا وَبِالْمُؤْمِنِينَ فِى الآخِرَةِ أَمَّا الرَّحِيمُ فَمَعْنَاهُ الْكَثِيرُ الرَّحْمَةِ بالْمُؤْمِنِينَ.
أَىْ هَذَا بَيَانٌ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَىْ للطَّرِيقِ الْحَقِّ.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) الْحَمْدُ مَعْنَاهُ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِىِّ عَلَى جِهَةِ التَّبْجِيلِ وَالتَّعْظِيمِ وَمَعْنَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِىِّ الشَّىْءُ الَّذِى أَنْعَمَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ عَلَيْهِ (وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) الصَّلاةُ هُنَا مَعْنَاهَا التَّعْظِيمُ أَىْ نَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَزِيدَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا تَعْظِيمًا وَأَمَّا السَّلامُ فَمَعْنَاهُ الأَمَانُ أَىْ نَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ الأَمَانَ مِمَّا يَخَافُهُ عَلَى أُمَّتِهِ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾) أَىْ أَدُّوا الْوَاجِبَاتِ وَاجْتَنِبُوا الْمُحَرَّمَاتِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْوَاجِبَاتِ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ الشَّرْعِىِّ فَلا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ الْمُتَّقِينَ مَا لَمْ يَتَعَلَّمْ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مَعْرِفَتَهُ مِنْ عِلْمِ دِينِهِ (﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مُحَاسَبَةِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ أَىْ لِيَنْظُرِ الْمَرْءُ مَا يُعِدُّ وَيُقَدِّمُ لِآخِرَتِهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ (وَقَالَ عَلِىٌّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَرَّمَ وَجْهَهُ) »ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا وَهِىَ مُدْبِرَةٌ أَىِ الدُّنْيَا سَائِرَةٌ إِلَى الاِنْقِطَاعِ وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ وَهِىَ مُقْبِلَةٌ أَىِ الآخِرَةُ سَارَتْ مُقْبِلَةً فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا (الْيَوْمَ الْعَمَلُ) وَلا حِسَابَ أَىِ الدُّنْيَا دَارُ الْعَمَلِ (وَغَدًا الْحِسَابُ) وَلا عَمَل« أَىِ الآخِرَةُ دَارُ الْجَزَاءِ عَلَى الْعَمَلِ دَارُ الْحِسَابِ وَلَيْسَتْ دَارَ الْعَمَلِ، وَقَوْلُ عَلِىٍّ هَذَا (رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى كِتَابِ الرِّقَاقِ) وَهُوَ كِتَابٌ مَخْصُوصٌ فِى أَوَاخِرِ الْجَامِعِ الْمُسْنَدِ لِلْبُخَارِىِّ.