الأحد ديسمبر 7, 2025

قال المؤلف رحمه الله: [والحَرَامُ رِزقٌ].

(الشرحُ): أنَّ الرزقَ ليس مقصورًا على الحلال بل يشمل الحلالَ والحرامَ وإن كان بينهما فرقٌ من حيث العاقبةُ فإنَّ الرزقَ الحلال ليس فيه وَبَالٌ على صاحبه وأما الحرام فإنه وَبَالٌ على صاحبه فالرِّزْقُ اسمٌ لِمَا يسوقُهُ اللهُ تعالى إلى الحيوان من إنسان وغيره كجِنٍّ وبهائمَ فيأكله وذلك قد يكون حلالًا وقد يكون حرامًا.

وعند المعتزلة الحرام ليس برزقٍ لأنهم فسروه تارةً بمملوك يأكله المالك وتارةً بما لا يَمتنع انتفاعُهُ به وذلك لا يكون إلا حلالًا ولكن يلزم على الأول أن لا يكون ما يأكله الدواب رزقًا وعلى الوجه الثاني أنَّ من أكل الحرام طول عمره لم يرزقه الله تعالى أصلًا وكلاهما منافٍ لِمَا جاءَ به القرءَانُ([1]).

قال المؤلف رحمه الله: [وكُلٌّ يَستَوفِي رِزقَ نَفسِهِ حلالًا كَانَ أو حَرَامًا].

(الشرحُ): أنَّ كُلَّ حيوانٍ لا بُدَّ أنْ يستوفِيَ رزقَهُ كاملًا مِن حلالٍ أو مِن حرامٍ أو منهما على وفقِ علم الله تعالى ومشيئتِهِ كما دلَّ عليه حديث الحاكم والبيهقيِّ وغيرِهما مرفوعًا إنَّ رُوحَ القُدس نفثَ في رُوعِي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمِلَ رزقَها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب اهـ.

قال المؤلف رحمه الله: [ولا يُتَصورُ أنْ لا يأكل إنسانٌ رِزقَهُ أو يأكلَ غيرُهُ رزقَهُ].

(الشرحُ): أنَّ المراد بالأكلِ هنا الانتفاعُ على الوجه المعتاد مِن أكل المأكول ولبس الملبوس ونحو ذلك لأنَّ ما قدَّره الله تعالى غذاءً لشخص أو نحوَهُ كملبوسٍ لا بُدَّ أن يحصلَ له الانتفاعُ بِهِ على حسب تقدير الله تعالى ويمتنعُ انتفاعُ غيرِهِ به على ذلك الوجهِ، أما إنْ لم يُقَدِّرِ اللهُ تعالى له ذلك فلا ينتفعُ به ولو دخلَ في مِلكِهِ كما قال القائل مِن المُنْسَرِحِ.

قد يجمعُ المالَ غيرُ ءَاكِلِهِ

 

ويأكلُ المالَ غيرُ مَنْ جَمَعَا

 وهذا مشاهدٌ.

([1]) قوله: (لما جاء به القرءانُ) يعني قولَهُ تبارك وتعالى في سورةِ هودٍ {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا}. سمير.