الردّ على الوهابيّة القائلين بأنّ الله يتكلّم بحَرْف وصَوْت:
اعلمْ أخي المسلم أنّ الوهابيّةَ أدْعِياءَ السلفِيَّة مُشَبِّهَة يَعْتقدون أنّ الله تعالى يتكلّم بحَرْف وصَوْت وأنّ كلامَه قديم النوع حادِث الأفْراد، ذكرَ ذلك زعيمُ الوهابيَّة ابن العُثَيْمين في كتابه المُسمَّى “فتاوى العقيدة” وصالح الفوزان في كتابه المُسمَّى “نظرات وتعقيبات على ما في كتاب السلفيّة” والألبانيّ في كتابه المُسمَّى “مُختصَر العُلو”، وقولهم هذا كُفْر قَطْعًا لأنّه تَشْبيهٌ لله بخَلْقِه، فهؤلاء المُشَبِّهَة يعتقدون أنّ الله مُتكلِّمٌ بكلام هو حُروف وأصْوات مُتَعَدِّدَة يَحْدُث في ذاتِه ثم يَنْقَطِع، ثم يَحْدُث ثم يَنْقَطِع. جعلوا الله مِثْلَ خلْقِه وكذّبوا قولَ الله تعالى “ليس كَمِثْلِه شىء” فالله تعالى هو خالِق الحُروف والأصْوات واللّغات وكان مَوْجُودًا قَبْلها. فإذًا على زَعْمِهِم قبلَ أنْ يَخْلُقَها كان أبْكَم ولم يكنْ مُتكلِّمًا وهذا لا يقولُ بهِ مُسلمٌ قط. أمّا أهلُ السُّنة فيقولون إنّ كلامَ الله الذي هو صِفة ذاتِه لا يُشْبِه كلامَ المخلوقين، لا ابْتِداء ولا انْتِهاء له، ليسَ حُروفا مُتَعاقِبَة يَسْبِق بَعْضها بَعْضا ولا صَوْتا ولا لغة عربيَّة ولا غَيْرَها ولا يَطْرَأ عليه سُكوت. قال الإمامُ أبو حنيفة رضي الله عنه في كتابه الفِقْه الأكْبَر: “ويتكلّمُ لا ككلامِنا، نحن نتكلّمُ بالآلات والحُروف والله يتكلّمُ بلا ءَالَة ولا حَرْف والحُروف مخلوقة وكلامُ الله غَيْرُ مخلوق”، وقال الإمامُ النسفيّ في عقيدتِه: “وهو مُتكلِّم بكلام هو صِفَة لهُ أزليَّة ليسَ مِن جنْسِ الحُروف والأصْوات وهو صِفة مُنافِيَة للسُّكوت”. ومِنْ أصْرَحِ الأدلَّة على أنّ كلامَ الله الذي هو صِفَة ذاتِه ليسَ حَرْفا ولا صَوْتا ولا لُغة قولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: “ما مِنْكُمْ مِنْ أحَد إلاّ سيُكَلِّمُه ربُّه يومَ القِيامة” رواه البُخاري، فالله تعالى هو الذي يُحاسِبُ جميعَ الخلْق فيُسْمِعُ الكافرَ والمؤمنَ كلامَه الذي لا يُشْبِه كلامَ المخلوقين فيَفْهَمُ العِباد مِنْهُ السُّؤالَ عَنْ نِيَّاتِهم وأفعالهم وأقوالهم، والله تعالى يقولُ في القرءان: “ثم رُدّوا إلى الله مَوْلاهُمُ الحقّ ألا لهُ الحُكْمُ وهو أسْرَعُ الحاسِبين”، فلو كان حِسابُ الله لِعبادِه بتَكْليمِه لهم بحَرْف وصَوْت ولُغة لأخَذَ الحِسابُ وقتا طويلا جدّا ولَما كانَ الله أسْرَع الحاسِبين كما أخبرَ، بل لكان أبْطأ الحاسِبين لأنّ الخلْقَ كثيرٌ وإبليسُ وَحْدَهُ عاشَ ءالافا مِنَ السِنين، ويأجوجُ ومأجوجُ الكُفّارُ وردَ في الحديث أنّ كُلَّ البَشَر بالنِسْبةِ لهم كواحِد مِنْ ألْف فلَوْ كان حِسابُ هؤلاء بالسُّؤالِ بالحَرْفِ والصَوْت لكان حِسابُ العِبادِ يحتاجُ لِوقت طويل، والله تعالى يَنْتهي من حِسابهم في وقت قصير في جُزْء مِنْ مَوْقِف مِن مَواقِف القِيامة، فاثْبُتْ أخي المسلم على عقيدة أنّ كلامَ الله الذي هو صِفة ذاتِه ليسَ حَرْفا ولا صَوْتا ولا لُغة ولا يُشْبِه كلامَ العالَمين.