الحلقة ((-8-))
بِسمِ الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله
وأما أشهرُ خدمِ النبيّ صلى الله عليه وسلم فهو سيِّدُنا أنسُ بنُ مالك رضي اللهُ عنه لمّا جاء النّبيُّ هاجر إلى المدينة جاءت إحدى النساء قريبةُ أنَس، جاءت به إلى النبيِّ عليه الصلاة والسلام فقالت: هذا خُوَيدِمُك أنس يخدُمك، وكان سنُّه عشرَ سنين. قال أنس فخدَمتُه عشرَ سنوات ما قال لي قطّ عن شىءٍ عملتُه لمَ عملتَه.
ومنهم ربيعةُ بنُ كعبٍ الأسْلمي. وكان عبدُ الله بنُ مسعود صاحبَ نعلَيْ رسولِ الله، إذا قام ألبسَه إياهُما وإذا قعد جعلهُما في كُمِّه.
وكان عُقبةُ بنُ عامر صاحبَ بغلتِه إذا سافر الرسول هو يُمسِك بالبغلة يقود به بالسفر.
وكان بلالٌ مؤذِّنَه صلى الله عليه وسلم.
ومن جملةِ مَن كان يخدُمُه ذو مِخْمَر وكان قريبَ النجاشي، كان ابنَ أخيه أو ابنَ أختِه.
ومن النساء كانت تخدُمه هندٌ وأسماء ابنتا حارثة من قبيلة أسلم وغيرُ هؤلاء.
وهؤلاء كانوا أحرارًا يخدُمون النبيَّ من غيرِ أجرة، إنما كانوا يقصدونَ رضا اللهِ تعالى.
وأما مَوالِيه فكثرة منهم زيدُ بنُ حارثة وابنُه أسامةُ بنُ زيد كان يقال له الحِبُّ ابنُ الحِب، كان يقالُ لزيدٍ حِبُّ رسولِ الله أي محبوبُه، المحبوبُ ابنُ المحبوب.
ومنهم أبو كَبشة وقد شهد معركةَ بدر. ومنهم سفينة كان عبدًا لأمِّ سلَمة زوجِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام فأعْتقَتْه وشرَطَت عليه أن يخدُمَ النبيّ فكان يخدُمُه إلى أنْ مات.
بعد أن ماتَ النبيّ عليه الصلاة والسلام كان سفينةُ مسافرًا في قافلة ثم توقفت القافلة ومضى وقتٌ لم تعاوِد السير فسأل لمَ توقّفت القافلة؟ قالوا الأسدُ يقطعُ علينا الطريق، فأخذ بأذُنِ الأسد وقال له: أنا سفينة مَوْلى رسولِ الله اذهب من طريقنا، فذهب الأسد.
وعدَدُهم نحوُ أربعين، ومن الإماء سلَمى أمُّ رافع، وبركة أمُّ أيمن ورِثَها من أبوَيْه ثم بعدَ ذلك زوَّجَها النّبيّ لزيدِ بن حارثة.
أم أيمن حصل معها قصةٌ عجيبة لما كانت الهجرةُ فرضًا على المستطيع. هاجرت وحدَها من مكة إلى المدينة ماشية في الطريق عطِشت فسمِعت صوتَ حفيفِ أجنحةٍ فوقَها نظرَت إلى أعلى فوجدَت دلوًا ينزِلُ من السماء وأخَذتْه فشرِبَت منه فكانت بعد ذلك لا تعطَش، كان هذا شىءٌ أكرمَها اللهُ به.
وأما أفراسُه عليه الصلاة والسلام فكانت عدة منها وهو أولُ فرسٍ ملكَه يقالُ له السّكب، سُمِّيَ بذلك لسرعتِه، اشتراه النبيّ من أحدِ البدو وهو أولُ فرسٍ غَزا عليه. ومنها المُرتَجِز سُمِّيَ بذلك لحُسنِ صهيلِه. وفرسٌ يقالُ له مِزاز أهداهُ إياه المُقَوقِس وغيرُ ذلك جاءتْه هدايا.
وأما بِغالُه عليه الصلاة والسلام فالأشهر دُلدُل، بغلتُه التي كان يَركبُها وعاشت بعد موتِ النبيِّ حتى هرِمَت، كانوا يطحَنونَ لها الشعير حتى تستطيعَ أن تأكلَه.
وحمارُه يقالُ له يَعْفُور مات في حَجّةِ الوداع.
قال أبو هريرة خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبعْ من خبزِ الشعير.
وكان له عليه الصلاة والسلام عشرونَ ناقة تعطي اللبن فكان يُراحُ إليه كلَّ ليلةٍ بقبْضَتيْنِ عظيمَتيْن.
وكان له سبعُ شِياهٍ من الغنم تعطي اللبن، وكان له مائةٌ من الغنم لا يريدُها أن تزيدَ على ذلك إذا زادت ذبحَ ما يزيد.
ومع كل هذا كان النبيُّ عليه الصلاة والسلام يجوعُ وكان أهلُ بيتِه يمُرُّ عليهم الشهرُ والشهران لا يوقَدُ في بيتِهم نار يعيشون على التمرِ والماء.
وكان اللبنُ إذا أتاهم يعطونَه، غيرُ ذلك إذا جاءَهم يُعطونَه لغيرِهم.
وأما البقر لم يملك البقر مع أنه مدحَ حليبَ البقر.
وأما سلاحُه عليه الصلاة والسلام كان له ثلاثةُ رماح وثلاثةُ قِسيّ، وكان له عدةُ سيوفٍ أشهرُها ذو الفِقار طلَع من حصتِه في معركةِ بدر.
وبعد ذلك أصابَ من معاركَ أخرى واحدًا يقال له البتّار، وواحدا يقال له الحَتْف، وواحدًا منها يقال له الرَّسُوب.
وأصاب من الغنائم درعًا يقال لها السُّغْدِية.
وله درع أخرى يقال لها فِضة. وفي بعض المعارك ظاهَر بين درعيْن وكان له رايةٌ كبيرة وأعلامٌ صِغار.
أمّا الرايةُ الكبيرة فيُقال لها قيل كان مكتوبًا عليها “لا إله إلا الله محمَّدٌ رسول الله”.
أما الأعلامُ الصغارُ فعديدة أبيضُ وأسودُ وغيرُ ذلك. وكان عليه الصلاة والسلام له مِغْفَر وهو ما يُعملُ من الزّرَدِ أو غيرِه، وهو يوضعُ على الرأس حين يُلبَسُ الدرع فتوضعُ البيضةُ فوق المِغفَر.
وكان له صندوقٌ مربع جاء هديةً من المُقوقس كان يضع فيه مشطَه ومرآتَه وسواكَه والمُكْحُلة وغير ذلك يأخذُها معه إذا سافرَ صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.
واللهُ سبحانَه وتعالى أعلم وأحكم.
الإشعارات