الثلاثاء يناير 14, 2025

الحمد لله حمدًا يرضاه لذاته والصلاة والسلام على سيد مخلوقاته ورضي الله عن الصحابة والآل وأتْباعِهم مِن أهلِ الشرع والحال والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه وأن عيسى عبدُ الله وابنُ أمَتِه وكلمتُه ألقاها إلى مريم وروحٌ منه وأنّ الجنةَ حق وأنّ النارَ حق.

اللهم صلّ صلاةً كاملة وسلِّم سلامًا تامًّا على سيدِنا محمدٍ الذي تنحلُّ به العقد وتنفرجُ به الكرب وتُقضى به الحوائج وتُنالُ به الرغائبُ وحسنُ الخواتيمِ ويُستسقى الغمامُ بوجهِه الكريم وعلى آله وصحبِه وسلِّم.

نسألُ اللهَ تبارك وتعالى أنْ يجعلَ نيّتَنا في هذا المجلس الرفاعي خالصةً لوجهِ اللهِ الكريم

من مقالاتِ إمامِنا الغوثِ أحمدَ الرفاعي الكبير رضي الله عنه في البرهان المؤيد وفي محبةِ آلِ بيتِ محمدٍ عليه الصلاة والسلام يقولُ الإمام:

“ونوِّروا كلَّ قلبٍ من قلوبِكم بمحبةِ آلِه الكرام عليهم السلام فهم أنوارُ الوجودِ اللامعة وشموسُ السعودِ الطالعة، قال الله تعالى {قل لآ أسألُكم عليه أجرًا إلا المودةَ في القربى}[الشورى/٢٣] وقال صلى الله عليه وسلم “اللهَ اللهَ في أهل بيتي” مَن أرادَ اللهُ به خيرًا ألزَمهُ وصيةَ نبيِّه في آلِه فأحبَّهم واعتَنى بشأنِهم وعظّمَه وحَماهم وصانَ حِماهم وكان له مُراعيًا ولحقوقِ رسولِه فيهم راعيًا، المرءُ مع مَن أحبّ ومَن أحبَّ الله أحبَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ومَن أحبَّ رسولَ الله أحبَّ آلَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ومَن أحبّهم كان معهم وهم مع أبيهم عليه الصلاة والسلام، قدِّموهم عليكم ولا تقَدَّموهم وأعينوهم وأكرِموهم يعودُ خيرُ ذلك عليكم”

عن أبي بكرةَ رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسنُ إلى جنبِه نظرَ إلى الناسِ مرة وإليه مرة ويقولُ “ابني هذا سيّد ولعلَّ اللهَ أنْ يُصلِحَ به بين فئتينِ من المسلمين” -ويقالُ ابني عن ابنِ البنت- وأخرجَ الحديثَ البخاري.

هذا الحديث فيه بيانُ فضائلَ الحسنِ بنِ عليٍّ رضي الله عنهما أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُلاطفُه ويحبُّه، في هذا الحديث الحسن مع جدِّه خير الجدود، مع جدِّه على المنبر وهو يخطُبُ بالناس، رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطبُ بالناس ومعه الحسن ابنُ بنتِه، ثم أطلقَ عليه صلى الله عليه وسلم لفظةَ ابني وأطلقَ عليه لفظةَ سيد، وهذه شهادةٌ للحسن بالسؤدد وفيه أنّ اللهَ سبحانه وتعالى أصلحَ به بين فئتينِ من المسلمين بعد الفتنة التي كانت قد وقعَت في خلافةِ عليٍّ كرم اللهُ وجهه. تنازلَ الحسنُ وقتَها رضي الله عنه عن المُلك لا لِقِلة ولا لِذِلّة ولا لعِلة حقنًا لدماءِ المسلمين رغبةً فيما عند الله.

عن أسامةِ بنِ زيدٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذُه والحسن ويقول “اللهم إني أحبُّهما فأحبَّهما” أو كما قال. أخرجه البخاري.

ومن حديث البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنه ولفظُه: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم والحسنُ بنُ علي على عاتقِه، يقول “اللهم إني أحبُّه فأَحِبَّه”

وكذلك أخرجَ مسلم من طريقِ حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم “اللهم إني أحبُّه فأَحِبَّه وأَحِبَّ مَن يُحِبُّه”

اللهم إنا نحبُّ الحسن ونحبُّ الحسين ونحبُّ فاطمة ونحبُّ عليًّا ونحبُّ آلَ بيتِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، نحبُّ أبا بكرٍ وعمر وعثمان ونحبُّ من أحبَّ نبيُّنا عليه الصلاة والسلام، اللهم فأحبَّنا.

عن أنسٍ رضي الله عنه قال: لم يكن أحدٌ أشبهَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم منَ الحسنِ بنِ علي. أخرجَه البخاري.

وفي حديثِ أبي جُحَيفة قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وكان الحسن يُشبهُه. وأخرجُه البخاري أيضًا من طريقٍ آخرَ بنحوِه مع زيادةٍ في آخرِه.

كان هناك شبهٌ في الخَلق الحسن فيه شبهٌ كبير من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من الصدر إلى فوق، شبهٌ كبير بين الحسن وبين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، على أنه لا يصلُ أحدٌ إلى جمالِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فإنك لو رأيتَ محمدًا لقلتَ الشمسُ طالعة.

الشمسُ تشبِهُه عليه الصلاة والسلام.

الشمسُ تُشبِهُه والبدرُ يَحكيه والدرُّ يضحكُ والمرجانُ مِن فِيه

فهذا جمالُ محمدٍ عليه الصلاة والسلام لكنْ جعل اللهُ تعالى شبهًا من الصحابة برسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عبدُ الله بنُ جعفر ومنهم الحسن بنُ علي.

أما الحسين فكان فيه أيضًا شبهٌ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم لكنْ بما دونَ الصدر

عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين “هما رَيْحانَتايَ منَ الدنيا”

شبّهَهُما النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالرّيْحانَتَينِ لأنّ الولدَ يُشَمّ ويُقَبَّل كما الريحان يُشَمّ، وهذا يدلُّ على عظيمِ فضلِ الحسن والحسين وكم كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحبُّهما فهما ريْحَانتا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا.

عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَن أحبَّ الحسنَ والحسين فقد أحبَّني ومَن أبغضَهما فقد أبغضَني”

انظروا معاشرَ السادة ماذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام “مَن أحبَّ الحسنَ والحسين فقد أحبني” حبُّ الحسن والحسين رضي الله عنهما علامةٌ على حبِّ جدِّهما محمدِ بنِ عبد الله صلى الله عليه وسلم وبغضُما علامةٌ والعياذ بالله على بغضِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجَ الحديثَ النسائي.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نظرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال “أنا حربٌ لمَن حارَبَكم سِلمٌ لِمَن سالَمكم”

أخرجَ هذا الحديث الإمام أحمد.

مَن كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حربًا عليه فهو مخذولٌ مدحورٌ مهزوم ومَن سالَمهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سِلمٌ له.

عن أنسٍ رضي الله عنه قال في الحسينِ بنِ عليٍّ رضي الله عنهما: كان أشبَهَهم برسولِ الله صلى الله عليه وسلم

وقلنا هنا الحسين هو أشبه بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما كان أسفلَ من الصدر وأما الحسن فكان أشبهَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس.

الله يُكرِمُنا برؤية النبيِّ محمد عليه الصلاة والسلام في المنام.

فأنس رضي الله عنه أيضًا هو قال في فضائل الحسن لم يكن أحدٌ أشبهَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم من الحسنِ بنِ علي.

رَيْحانتا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ومِن أشبهِ الناسِ برسول الله صلى الله عليه وسلم.

يروي سلَمة بنُ الأكوع رضي الله عنه قال: لقد قُدتُ بنبيِّ الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بغلتَه الشهباء حتى أدخلْتُهم حجرةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهذا عند مسلم

وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الحسنُ والحسين سيّدا شبابِ أهلِ الجنة” أخرجه الترمذي.

وصفٌ عظيمٌ من النبيّ الأعظم عليه الصلاة والسلام الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ما أحرى شبابَ أمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم أنْ يكونوا على خُطا سيدي شباب أهل الجنة، على خُطا الحسن والحسين، نشأا في طاعةِ الله في طلبِ سنةِ رسولِ الله في العناية بكتاب الله عز وجل على حب الله وعلى حبِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وشبّا على خدمةِ الدين على خدمة الإسلام والمسلمين فرفَعَ اللهُ تعالى قدرَهما

فكما قال عليه الصلاة والسلام “مَن أحبَّ الحسنَ والحسين فقد أحبَّني ومَن أبغضَهما فقد أبغضَني”

فكم حبُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين!!!

أين شبابُ المسلمين من سيّدَي شبابِ أهلِ الجنة؟ أين هم من سيرةِ الحسن والحسين؟ لا لهو ولا لعب ولا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا انكِباب على الدنيا بل طريقُ الآخرة على قدَمِ جدّهما عليه الصلاة والسلام.

شبابُ هذه الأمة أجدَرُ إن أرادوا أن يبحثوا عن أُنموذجٍ لهم بين الشباب فليَبحثوا في سيرة الحسن والحسين.

عن سعيد بنِ أبي راشد أنّ يعلى بنَ مرة حدّثهم أنهم خرجوا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى طعامٍ دُعوا له فكان الحسين في السكة قال فتقدّمَ النبي عليه الصلاة والسلام أمامَ القوم وبسطَ يديه فجعلَ الغلام يفرُّ ههنا ههنا ويُضاحكُه النبيّ عليه الصلاة والسلام حتى أخذَه فجعلَ عليه الصلاة والسلام إحدى يديه تحت ذقنِه والأخرى في فأسِ رأسِه فقبّلَه وقال “حسينٌ مني وأنا من حسين أحبَّ اللهُ مَن أحبَّ حسينًا حسينٌ سِبطٌ من الأسباط”

سبطٌ من الأسباط أي أمة، حسينٌ وحدَه أمة، قوله عليه الصلاة والسلام “حسينٌ مني” معناه محبةُ الحسين كاملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

ومحبةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم للحسين كاملة، “أحبَّ اللهَ مَن أحبَّ حسينًا حسينٌ سبطٌ من الأسباط”

وفي حديثٍ آخر عنه صلى الله عليه وسلم “حسنٌ مني” فحسنٌ من رسول الله وحسين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يوم استشهاد الحسين رضي الله تعالى عنه وهو مُخضّبٌ بالدماء وقد قُطعَ رأسُه رضي الله تعالى عنه سُمِعَ هاتف يقول وهم لا يرَوا شخصَه

مسحَ النبيُّ جبينَه فله   بريقٌ في الخدود    أبَواه مِن عَليا قريشٍ    وجدُّه خيرُ الجدود

كم هي فضائل آلِ بيتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن ذلك ما أخرجَه سعيدُ بنُ منصور في سننه عن سعيدِ بنِ جبير رضي الله عنه في قولِه تعالى {قل لآ أسألُكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى}[الشورى/٢٣] قال: قربى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجَ ابنُ المنذر وابنُ أبي حاتم وابنُ مردَوَيه في تفاسيرِهم والطبراني في المعجم الكبير عن ابنِ عباس رضي الله عنهما لما نزلَت هذه الآية {قل لآ أسألُكم عليه أجرًا إلا المودةَ في القربى} قالوا يا رسولَ الله مَن قرابتُك هؤلاء الذين وجبَت علينا مودّتُهم؟ قال صلى الله عليه وسلم “عليٌّ وفاطمة وولداهما”

وأخرجَ ابنُ أبي حاتم عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنه في قولِه تعالى {وَمن يقتَرِفْ حسنة}[الشورى/٢٣] قال: المودةُ لآلِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

وهذا معناه أنّ المودَ لآلِ بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حسنة عظيمة.

أخرج أحمد والترمذيُّ وصححه والنسائي والحاكم عن المطلب بنِ ربيعة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “واللهِ لا يدخلُ قلبَ امرىءٍ مسلمٍ إيمانٌ حتى يحبَّهم لله ولقرابتي” محبة خالصة لله فيحبُّ قرابةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجَ مسلم والترمذي عن زيدِ بنِ أرقم رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “أُذَكِّرُكمُ اللهَ في أهلِ بيتي”

وأخرجَ الترمذي وحسّنه والحاكم عن زيدِ بنِ أرقمَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إني تاركٌ فيكم ما إنْ تمسّكتم به لنْ تضِلّوا بعدي كتابَ الله وعِترَتي أهلَ بيتي ولن يتفرّقا حتى يَرِدَا على الحوض فانظروا كيف تخلُفونِي فيهما”

وأخرجَ عبدُ بنُ حُمَيد في مُسندِه عن زيدِ بنِ ثابتٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إني تاركٌ فيكم ما إنْ تمَسَّكتم به بعدي لن تضِلّوا كتابَ اللهِ وعِترَتي أهلَ بيتي إنهما لنْ يفتَرِقا حتى يَرِدَا عليّ الحوض”

اللهم أحبَّ حسنًا وحسينًا وأَحبَّ مَن يُحِبُّهما واجعلنا في جملةِ مَن تحبُّهم ويحبّوا صُحبةَ النبيِّ المختار وآلَ بيتِه الأطهار

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار برحمتِك يا عزيزُ يا غفار

سبحانك اللهم وبحمدِك نشهدُ أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوبُ إليك سبحان ربِّك ربِّ العزةِ عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

 وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.